فى مثل هذا اليوم..اغتيال اللورد موين في الزمالك,..
سامح جميل
٢٠:
٠٩
ص +02:00 EET
الأحد ٦ نوفمبر ٢٠١٦
فى مثل هذا اليوم 6 نوفمبر 1944م..
كتب : سامح جميل
والتر إدوارد جينس، بارون أول موين 29 مارس 1880 – 6 نوفمبر 1944، هو سياسي ورجل أعمال إنگليزي-أيرلندي. كان وزير الدولة لشئون المستعمرات البريطاني في الشرق الأوسط حتى نوفمبر 1944، عندما اغتالته جماعة ليحي الإرهابية اليهودية، وكان إسحق شامير، الرئيس الأسبق للكنيست ورئيس وزراء إسرائيل السابق، أحد القادة الثلاثة الذين أصدروا أمر الاغتيال. أرسل اغتيال اللورد موين موجات من الصدمة عبر فلسطين وبقيت العالم.
اللورد موين اغتيل في حي الزمالك بالقاهرة. قاتله، الذي أعدِم، كان يبلغ من العمر 20 عاماً، وكان صديقاً لماتيلده كريم، عضوة منظمة إرگون الصهيونية الارهابية، وعشيقة الرئيس الأمريكي ليندون جونسون لاحقاً.
كان اللورد موين وزيراً مقيماً في الشرق الأوسط بالقاهرة في منطقة من أخطر المناطق في العالم وفي فترة من أخطر فترات الحرب العالمية الثانية، وقد أوكلت إليه الحكومة البريطانية التصرف المطلق دون الرجوع إليها في مجموعة من أصعب وأعقد المشكلات، وعندما وجدت المنظمات الصهيونية أن اللورد موين شخص يتصف بالصدق والميل إلى الحق، ولما لم تستطع أن تتخذه مطية لأهوائها وخاصة فيما يتعلق بموضوع فلسطين الذي كان يرى إنها لا يمكن أن تمثل الحل لمشكلة اليهود المشردين، وأن عليهم أن يبحثوا لهم عن أرض جديدة أو القبول بتوطينهم في پروسيا الشرقية بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، لأن ألمانيا هي المسؤولة عن تشردهم ولذلك هي التي يجب أن تدفع ثمن تشردهم، قرروا إعدامه واستغلال هذه الجريمة لإثارة عطف بريطانيا والرأي العام العالمي ضد مصر من جهة، خاصة وأن مصطفى النحاس رئيس وزراء مصر وزعيم حزب الوفد في ذلك الوقت كان قد رفض الاعتراف باتحاد المنظمات الصهيونية كممثل للشعب اليهودي في مصر وقرر وقف نشاط هذا الاتحاد، خاصة وأن طلب اتحاد المنظمات الصهيونية للاعتراف به كممثل للشعب اليهودي في مصر، جاء في فترة كان فيها النحاس مشغولاً في عملية إنشاء جامعة الدول العربية والدعوة إلى عقد اجتماع لرؤوساء الحكومات العربية في قصر أنطونيادس في الإسكندرية لوضع نصوص ميثاق الجامعة، وكسب عطف بريطانيا والرأي العام العالمي إلى جانب القضية اليهودية من جهة أخرى، والانتقام من بريطانيا التي قتلت الإرهابي أبراهام شتيرن في فبراير 1942، وكان أبراهام شتيرن أحد قادة منظمة الإرگون الإرهابي، الذين درسوا في إيطاليا، وكان معجبا بالدوتشي موسوليني ولذلك رفض دعم بريطانيا ضد ألمانيا في الحرب العالمية الثانية وقال أن البريطانيون هم العدو الأساسي لليهود، وأنه لا فرق بين الدول النازية الفاشية والديمقراطيات الغربية، أو بين الشيوعيين والديمقراطيين الاجتماعيين، أو بين أدولف هتل وجوزيف تشمبرلين وعندما فشل في إقناع قيادة منظمة الإرگون بمساعدته في خطته هذه انفصل عن منظمة الإرگون، وشكل مجموعة شتيرن، وحاول تجنيد 40.000 شاب يهودي ليحاربوا مع ألمانيا والمحور ضد بريطانيا والحلفاء، ولذلك كلفوا عصابة شتيرن الإرهابية المتخصصة في مثل الجرائم الإرهابية بتنفيذ قرار إعدام اللورد والتر موين، ونسف قصر أنطونيادس بالإسكندرية على رؤوس رؤوساء الحكومات العربية في يوم الاحتفال على التوقيع على ميثاق الجامعة، لأن فلسفة الصهيونية في الإرهاب تقوم على أن العالم لن يحترم اليهود إلا إذا أثبتوا أنهم بالإرهاب وسفك الدماء يدافعون عن أنفسهم وكيانهم، وأن الإنسان الذي يذهب إلى قتل إنسان آخر لا يعرفه عليه أن يؤمن فقط بشيء واحد وهو أنه بهذا القتل سوف يغير التاريخ، وقد كلفت منظمة شتيرن بتنفيذ هذه المهمة المستشرق كراوس، وهو تشيكي صهيوني وأستاذ اللغات السامية في جامعة القاهرة في الفترة من 1936 – 1944، وكان عضواً في منظمة شتيرن الإرهابية ولكنه انتحر في شقته بالزمالك في القاهرة بعد تكليفه في تنفيذ مهمة قتل اللورد موين، وقد أكد ذلك صديقه ومساعده في بعض أبحاثه الدكتور عبد الرحمن بدوي الذي قال أن السبب في انتحار كراوس هو أن القرعة قد وقعت عليه لتكليفه بقتل اللورد موين. كما كلفت منظمة شتيرن لتنفيذ هذه المهمة أيضا الإرهابيان إلياهو حكيم وإلياهو بيت تسوري، اللذان كانا يعملان في الجيش البريطاني وفتاة كانت تعمل سكرتيرة في أحد المكاتب البريطانية.
ونفذ الإرهابيان الجريمة بقتل اللورد موين، وسائقه البريطاني آرثر فولر أمام منزل اللورد في شارع حسن صبري في الزمالك في الساعة الواحدة والربع من ظهر يوم 6 نوفمبر 1944. وألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على الإرهابيان وقدمتهم إلى المحكمة العسكرية في دار القضاء العالي وحكم عليهما بالإعدام شنقا في 22 يناير 1945. ولكن ومن سخرية القدر أو من سخرية إسرائيل أو من سخرية القدر وإسرائيل أن يرسل رئيس الوكالة اليهودية في فلسطين إلى رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي برقية يستنكر فيها عملية الاغتيال ويعتبر القاتلين خائنين لقضية شعبهما ويطلب نشر البرقية في الصحف المصرية وللأسف تنشر فعلا في 13 نوفمبر 1944، وهنا لا بد من الإشارة إلى الهدف من هذه الرسالة، وهل كان النقراشي باشا يدرك الهدف أم لا يدرك، فإذا كان يدرك فهذه مصيبة وإذا كان لا يدرك فالمصيبة أعظم، لأن مجرد إرسال رسالة من رئيس ما يسمى الوكالة اليهودية في فلسطين واستقبال هذه الرسالة من رئيس وزراء أكبر دولة عربية جريمة لا تغتفر، خاصة وأن هذه الرسالة تعطي مشروعية عربية رسمية لوكالة غير شرعية، كما أنها تعطي صفة شعب لمهاجرين غير شرعيين وهم في الحقيقة خليط من أجناس وثقافات وحضارات وأعراق مختلفة، وتصورهم بأنهم وادعون مسالمون يستنكرون الأعمال الإرهابية، كما تصورهم أصحاب قضية وهم في الأصل والنهاية غزاة أجانب. ومصيبة المصائب أن يوافق رئيس الحكومة المصرية على نشر هذه الرسالة في الصحافة الوطنية المصرية وذلك في محاولة صهيونية في أن تظهر الوكالة اليهودية والمهاجرون اليهود كجزء من المنظر العام في المنطقة وهذه كانت خطوة أخرى في اتجاه التطبيع بعد الخطوة الذي قام بها أستاذ الجيل ورئيس جامعة فؤاد الأول سابقاً، القاهرة حالياً، أحمد لطفي السيد في حضور افتتاح الجامعة العبرية في جبل الزيتون بالقدس إلى جانب جيمس آرثر بلفور صاحب التصريح المشئوم وحاييم وايزمن رئيس الوكالة اليهودية وأول رؤساء إسرائيل. والخطوة الذي قام بها الشاعر العراقي معروف الرصافي في زيارته إلى مدينة القدس وإلقاء قصيدة يمدح فيها المندوب السامي اليهودي الصهيوني البريطاني هربرت صموئيل الذي يستعمر أرضاً عربية ويمجد خطيباً يهودياً غازياً لأرض عربية اسمه يهوذا. ومن سخرية القدر أنه توجد في مدينة غزة مدرسة ثانوية تحمل اسم معروف الرصافي وكان الأجدى والأجدر أن تحمل هذه المدرسة اسم الشاعر العربي اللبناني وديع البستاني الذي قال في قصيدة له رداً على الرصافي:
خطاب يهوذا أم عجائب من السحر
وقول الرصافي أم كذاب من الشعر
قريضك من در الكلام فرائد
وأنت ببحر الشعر أعلم بالدر
ولكن هذا البحر بحر سياسة
إذا مد فيه الحق آذن بالجزر
أجل عابر الأردن كان ابن عمنا
ولكننا نرتاب في عابر البحر..
الاغتيال في الوثائق البريطانية
في أعقاب الإغتيال، أرسل مكتب الوزير المقيم في القاهرة إلى وزارة الخارجية في لندن البرقية الآتية حول هذه الجريمة:
«
من مكتب الوزير المقيم - القاهرة
إلى وزارة الخارجية - لندن
"ما يلي تفاصيل الاعتداء على اللورد موين:
على قدر ما يمكن التأكد منه، كان اللورد موين عائداً إلى داره بالسيارة لتناول الغداء في حوالي الساعة الواحدة وربعاً، وكانت في السيارة إلى جانبه سكرتيرته، وإلى الأمام جلس مرافقه جنب السائق. ولما دخلت السيارة المدخل الصغير المؤدي إلى الباب الأمامي للدار خرج السائق من السيارة ليفتح بابها للورد موين. فظهر رجلان كانا يلاحقان السيارة، وأطلقا الـنار على السائق وقتلاه حينما مرّ من وراء السيارة للوصول إلى الباب الأيمن. ثم فتحا باب السيارة وأطلقا على اللورد موين ثلاث طلقات اصابـته، ثم لاذا بالفرار راكبين دراجة هوائية. لم يصب المرافق ولا السـكرتيرة بأذى. قام الأول أي المرافق بملاحقة القـتلة، بينما طلبت الأخيرة السكرتيرة النجدة التي وصلت خلال عشر دقائق. اما الاسعاف الطبي فقد كان في المنطقة خلال ربع ساعة. المرافق أخبر مركز الشرطة القريب، فقامت الشرطة بملاحقة المجرمين، وأوقفت سيارة مارة واستعانت بها للحاق بهما. كما أن دراجة بخارية كانت مارة أيضاً أخبرت بما حصل فلاحق صاحبها المجرمين وسبقهما على مدخل جسر بولاق حيث أطلقت الشرطة عليهما 15 طلقة. وقد حاول أحدهما أن يقابل باطلاق الرصاص، وجرح أحد الشخصين وحوصر الثاني بمـساعدة شرطي آخر وصل. أمكن القاء القبض على المجرمين، وقد منح الملك الشرطي الذي تمكن من الــقاء القبض على القاتل وساماً وأمر بترقيته.
كان اللورد في وقت ما يحرسه شرطي مصري في سيارة ترافق سيارته، وكان هناك شـرطي حارس في داره ليلاً ونهاراً. وقبل بضعة أشهر استغنى عن سيارة شرطة الحراسة، وكذلك عن الحراسة النهارية للبيت بتعليمات مباشرة من الوزير المقيم نفسه".»
الكونستابل الذى أنقذ سمعة مصر
الكونستابل الأمين عبد الله..
في 6 نوفمبر عام 1944 إستطاع رجلان ينتميان الى منظمة شتيرن الصهيونية الإرهابية "إلياهو حكيم و إلياهو ميتسورى" إغتيال اللورد موين الوزير البريطانى لــ شئون الشرق الأوسط امام منزله بالزمالك وصار هذا الحادث الرهيب الذى ارتكبة عملاء اليهود فى مصـــر حديث الناس والعالم ، وظهر إسم الكونستابل الأمين عبد الله افندى المنتدب فى منطقة الزمالك بدلا من زميل له، والذى ألقى قبض على القاتلين أحياء بعد مطاردتهما ..
شجاعة الأمين أنقذت سمعة مصر حيث كانت تسعى المنظمه الارهابيه لخلق حاله من الفوضى والفلتان الامنى بمصر.. تلك الواقعة البطوليه نال بسببها نوط الجداره الفضى من الملك فاروق ورقى من رتبة كونستابل الى ملازم.
وعن تفاصيل الحادث تقول شقيقته الملازم إبتسامات - أول امرأة تحصل على رتبة ملازم في الجيش المصري، وهى أول سيدة تحصل على نوط الجدارة والاستحقاق - في احدى الحوارات الصحفية لها: انه وعند مروره بالقرب من فيلا اللورد سمع صوت اطلاق الرصاص وتعالت الاصوات بــ خبر مقتل اللورد بواسطة اثنين قالو انهم يعملون بــ مصلحة التليفونات تحرك الأمين عبدالله للبحث عن منفذي الحادث وبالفعل رأى شخص يقود دراجة عليها لافتة مصلحة التليفونات ظهر عليه علامات الارتباك انقض عليه الامين وقيده بالحبال وسلمه لعسكرى الدوريه وذهب للبحث عن من كان معه وبالفعل قبض علي القاتل الثاني ولكن بعد مطاردته له حيث أطلق علي الامين عبدالله الاعيرة النارية والتى كادت ان تودى بحياته.
وعندما كتبت الصحف عن الامين عبدالله وشجاعته قرر الملك فاروق ان يقوم بتكريمه وطلبت الملكة اليزابيث شخصيآ حضوره الي انجلترا لتكريمه في مجلس العموم البريطاني ولكن الملك فاروق قابل طلبها بالرفض خوفآ من ان يتم اغتياله وقال وقتها انه سيكون صيداً سهلاً للجماعات البريطانية اليهوديه للانتقام منه.
ويقول وائل المتوكل علي الله ابن شقيق الامين عبدالله انه تعرض لظلم شديد رغم انه أنقذ سمعة مصر وقتها عند قبضه على قتلة اللورد موين ولان الحماية البريطانيه كانت سترتكب أبشع الجرائم بحجة قتل اللورد في مصر فبعد قيام ثورة 1952 والتي أطاحب بالملكية وجاءت بالنظام الجمهورى أقالوا الامين عبد الله في حملة التطهير بحجة انه يتعامل مع جهات أجنبية، وأصبح بدون عمل وبدأت المعاناة المادية لولا انه كان يمتلك نيشان الآرز قام بالتصرف فيه وبيعه ليتمكن من العيش لفترة حتي تمكن من الحصول علي عمل أخر.
تناول الفيلم المصرى «جريمة فى الحى الهادئ» إنتاج 1967 هذه الواقعة ، ومن الطريف ان مخرج العمل أستعان بالامين عبدالله نفسه للقيام بدوره الحقيقي في الفيلم..أما عن حياته الخاصة فــ قد تزوج بنت الاميرلاى محمودبك كامل رئيس سلاح القرعه (التجنيد) فى الجيش المصرى واستمر الزواج ٤٥ عامآ ولم ينجبا حتى توفيت وتركته وحيدا وتقدم فى السن لذا قررت الاسره ان تزوجه بأخرى تسهر على رعايته وتساعده على الحياه وبالفعل تزوج وأنجب بنتين هما منيره و ريم وتوفى فى ١١ مارس عام ٢٠٠٢ عن عمر يناهز التسعين عاما...
التحقيق:
وعلى أثر القاء القبض على المجرمين بدأ التحقيق معهما. وفي اليوم نفسه أرسلت السفارة البريطانية في القاهرة البرقية التالية الى وزارة الخارجية في لندن:
«من القاهرة السفير إلى: وزارة الخارجية ـ لندن
الرقم: 2298
التاريخ: 8 / 11 / 1944
الاعتراف التالي أدلى به السجينان المتهمان باغتيال اللورد موين:
1- نحن من أعضاء منظمة "ليحي" المقاتلون من أجل حرية اسرائيل وان العمل الذي قمنا به كان بناء على تعليمات من هذه المنظمة.
2 ـ المنظمة المذكورة تعرف بالعبرية بـ"لوحمي حيروت يسرائيل" وهذه هي جماعة "شتيرن".
3 ـ صرح السجينان انهما أرسلا من قبل الجماعة لهدف معين، وهو قتل اللورد موين. السبب الذي أبدياه انه كان رئيساً للدائرة السياسية للحكومة البريطانية في الشرق الأوسط، وانه كان ينفذ سياسة تعارض سياسة الوطنيين اليهود. وقد لفت موقفه نظر جماعة "شتيرن" الذين قرروا قتله. 4 ـ هوية السجينين لا تزال غير معروفة، والإسمان اللذان أعطياهما هما: "موشي كوهين اسحق، وسالزمان. أعطيت هذه المعلومات للصحافة أيضاً".»
وفي وقت تالي من اليوم نفسه أرسلت السفارة الى وزارة الخارجية برقية أخرى جاء فيها:
«سقط من التقرير السابق أن سالزمان أعرب عن قلق خاص بشأن المحكمة التي سيحاكم أمامها واستفسر هل من الصحيح أنهما سيحاكمان في فلسطين؟ قلت له انهما سيحاكمان في مصر. اما تأليف المحكمة فلا استطيع اخباره به. ثم قال: انه يأمل ان تكون المحكمة بأجمعها مؤلفة من العرب، لأن العرب يتعاطفون مع حركة شتيرن كذا وأن وجود أي شخص انكليزي على منصة المحكمة سيجعلها متحيزة. صرح أيضاً ان جميع اليهود متعاطفون مع جماعة شتيرن، وأن العرب، وعرب فلسطين بصورة خاصة، كانوا يؤيدون الحركة لاقتناعهم بأنه إذا أمكن حمل الانكليز على مغادرة فلسطين، فإن العرب واليهود سيتمكنون من العيش بعضهم مع بعض بصورة ودية ـ صرح سالزمان بأن الاغتيالات التي تنفذ في الوقت الحاضر هي المرحلة الأولية لانتفاضة شاملة، وان جماعة "شتيرن" لا ترى ان هناك وسيلة أخرى غير الاغتيالات لدعم ما اسماه "الحرب"، وقال ان المشكلة الرئيسية للمنظمة في الوقت الحاضر هي المال، وان اعضاءها في كثير من الأحيان يعملون وهم جائعون. ومع ذلك فإنه كان مقتنعاً بأن هذه الحالة موقتة لأنهم يتمتعون بعطف الامة اليهودية وانهم في وقت قريب جداً سيحصلون على دعم فعال، في شكل رجال واموال...".»
وقد ظهر بنتيجة التحقيقات والاستجوابات ان الاسمين اللذين اعطاهما المتهمان كانا كاذبين وان اسميهما الحقيقيين هما: الياهو حكيم والياهو بتسوري او: بيتعزوري، وتم تشكيل محكمة عسكرية لمحاكمتهما برئاسة محمود منصور بك، وانتدبت المحكمة محامين للمتهمين، فرشح لهذه المهمة توفيق دوس باشا، ومحام يهودي معروف اسمه "ابراهيم عريبي" ولكنه اعتذر عن المهمة. كما انتدبت المحكمة للمتهمين مترجماً لان احدهما اصر على الادلاء بأقواله باللغة العبرية، في حين ان الآخر بتسوري تكلم بالانكليزية.
وكانت السلطات البريطانية في القاهرة تتابع جلسات المحكمة، وترسل الى الحكومة البريطانية في لندن برقيات متلاحقة. وفيما يلي مقتطفات من برقية السفير البريطاني اللورد كيلرن المرقمة 75 والمؤرخة في 12 يناير 1945:
«الجلسة الثانية عقدت صباح اليوم. وأكد بتسوري، الذي تكلم بالانكليزية ادعاءه بأن المنظمة التي نفذ تعليماتها اوصت بشدة بعدم ايذاء أي شخص غير اللورد موين. خصوصاً أي مصري.
وواصل افادته واطال في بيان الاسباب التي حملته على الموافقة على ارتكاب الجريمة، فاتهم حكـومة فلسطين بسوء الادارة في جميع الدوائر، والشرطة بصورة خاصة، وذلك لتصـرفها تجـاه الفلســطينيين بصورة استبدادية وغير عادلة. وادعى ان جميع الفلسطينيين ـ أي العرب واليهود ـ كانوا يحاربون لاجل استقلالهم بصرف النظر عن تصريح بلفور، وان بريـطانية دولة اجنبية تحاول فرض حكمها تحت ستار الانتداب، والقضاء على حريتهم. اعترض على صلاحية المحكمة وقال ان "محكمة دولية" فقط تستطيع تقدير بواعثهما حقاً. واشار بصورة خاصة الى مقتل ابراهام شتيرن الذي ادعى انه كان جريمة مع سبق الاصرار. المحكمة عاملت المتهمين برعاية عظيمة لئلا تتهم بالتحيّز".
"أما الياهو حكيم فان تصريحه كان اقصر، وقد اكتـفى بالاشارة الى الحافز.. وقد اصر على ان حكومة فلسطين كانت قد ارتكبت جرائم عنف قبل ان يرتكبا هما جريمتهما. ادعى ان العدل بجانبه وانه لو اخذت حوافزهما بنظر الاعتبار واعتبرت صحيحة لوجب عندئذ تبرئته وتبرئة زميله".»
من نص برقية السفارة في القاهرة المرقمة: F0 371/416110J176 والمؤرخة في 12/1/1944 المعنونة الى وزارة الخارجية ـ لندن
«
وقال توفيق دوس باشا في دفاعه أن الجريمة سياسية، واكد ان المتهمين يقولان الحق، وانهما لم ينويا قتل السائق، وان التفرقة بين الجريمة السياسية وغيرها معمول بها في جميع البلاد وان قواعد تسليم المجرمين لا تنطبق عليهما. ووجدت المحكمة ان الجريمة هي جريمة قتل عمد مع سبق الاصرار واصدرت حكمها باعدام المتهمين، على الرغم من بعض الوساطات ومحاولات التدخل تم تنفيذ الاعدام بحقهما شنقا في 28 مارس سنة 1945. »
الذاكرة الشعبية
فيلم جريمة في الحي الهادئ.
عام 1967، عرض فيلم "جريمة في الحي الهادئ"، يروي قصة اغتيال اللورد موين، ويعرض نشاط المنظمات الصهيونية الإرهابية داخل مصر بين الثلاثينيات والأربعينيات بغرض إحراج مصر أمام بريطانيا. وعرض الفيلم قصة اغتيال اللورد موين، وزير المستعمرات البريطاني، على يد إحدى العصابات اليهودية بسبب مناصرته للفلسطينيين، وأيضا للثأر منه بسبب مقتل شتيرن علي يد الانتداب البريطاني في فلسطين.
والفيلم من إخراج حسام الدين مصطفى، وبطولة رشدي أباظة ونادية لطفي، أما القاتلين فقد جسد شخصيتهما رشوان توفيق، وزين العشماوي، وقد استطاع الكونستَبل الأمين عبد الله أن يقبض عليهما...!!