الشربينى الاقصرى
يحكى أن إثنين من الأصدقاء كانا يسيران ويتحدثان وبينما هما كذلك إذ أشار أحدهما إلي شئ أسود فوق قمة الجبل. فقال لصديقه: هل ترى ذلك الغراب الذي فوق الجبل؟ أجابه صديقه: نعم لكنه ليس غراباً بل عنزه. أخذ الصديقان يتجادلان في كون الشئ الأسود غراباً أم عنزة؟ وبعد قليل طار ذلك الشئ الأسود من فوق الجبل. فقال الصديق لصديقه: أرأيت ألم أقل لك إنه غراب؟ لو كان عنزة ماطارت! قال الآخر بعناد وإصرار: (عنزه..ولو..و طارت). وصار هذا القول مثلاً فى المعانده والمكابرة والتمسك بالرأى الخطأ . وهذا هو مايحدث الآن فى منطقتنا العربية فجميع الأطراف المتصارعة متمسكة بآرائها حتى وإن كانت هذه الآراءعلى خطأ. وهذه سمة من سمات العرب وهى أن العربى يصر على رأيه الخطأ إصراراً حتى الموت . وهذا هوماسبب لنا الكوارث والنكبات والمحن فى المنطقة العربية على مر العصور>
فجميع الحكام الذين حكموا البلاد العربية والذين مازالوا يحكمون يتمسكون بآرائهم ويصرون عليهاحتى وإن كانت على خطأ وهى فى معظمها على خطأ. وليست هى أخطاء بسيطة إنما هى أخطاء قاتلة. أخطاء تسببت فى نكبات مازلنا نعانى منهاوندفع ثمنها من دماءنا وأموالنا حتى الآن. على سبيل المثال فى (مصر) ومنذ عقودبعيدة يكفى أن نتذكر هزيمة 1967م وتدمير مصر تدميراً شاملاً فى شتى نواحى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالاضافة إلى دخوله حرب اليمن الفاشلة والمدمرة ولكن (عبد الناصر)بدكتاتوريته أصر على آرائه الخاطئة فهى (عنزة ولو طارت). وتوقيع السادات منفرداً اتفاقية (كامب ديفيد )وبنودها دون الرجوع إلى الشعب المصرى هذه الاتفاقية هى التى حولت سيناء الآن إلى مستنقع من الوحل يحمل لنا كل أمراض الإرهاب والخوف الذى يهدد أمن مصر. وسياسة الانفتاح أو سياسة(الانبطاح) كما أطلق عليها الشعب المصرى هذا الوصف (فى ذلك الوقت ). هذه السياسات(الساداتية) الانفرادية الخاطئة هى التى حولت مصر إلى سوق لكل آفات الغرب ونفاياته حتى قيل إن(السادات) كاد أن يجامل البعض ويدفن النفايات الذرية فى الصحراء المصرية لولا العنايةالألهية. ولكنها أيضا كانت سياسة(عنزة)السادات ولو طارت . أما عن مبارك فحدث ولا حرج فما أكثر إصراره على آرائه فهى (عنزة ولو طارت)
. فدخولنا حرب الخليج الأولى بقوات مصرية هذه الحرب التى لاناقة لنا فيها ولا جمل كان من أكبر الخطايا. وقواتنا المصرية هى التى كانت فى المقدمة عند تحرير الكويت. وكان جزاء (سنمار) لنا فيكفى تبجح الكويتيين ومشاكلهم مع الطلبة المصريين فى قلب القاهرة بينما كانت تقام لهم أمسية ثقافية فى جامعة القاهرة للوقوف معهم أدبياًومعنوياً نراهم يسخرون من الشعب المصرى مرددين عبارة (هذا كله بأموالنا ). وأموالهم ذهبت مع(الريح) لجميع الشركات الأجنبية لتعمير بلادهم بعد الحرب ونحن خرجنا من المولد بلا حمص اللهم إلابعض العمالة المصرية البسيطة والتى للأسف الشديد مازالت تعامل كأقل عمالة فى العالم مادياً وأدبياولكنها كانت فى ذهن سياسة حاكمنا مبارك (عنزة ولو طارت). وقطيعة إيران وتخويفنا من (عفريت)الشيعة كل هذا من أجل أمن السعودية والخليج وهاهما الآن السعودية وقطر تريدان تجويعنا وتركيعنا ومن قبل حاولت الإمارات تجويعنا وتركيعناإبان ثورة 25يناير عام 2011م.وقد نشر ذلك فى الصحف الإماراتيةوكتبنا عن ذلك فى حينه وراجعواصحافتهم فى هذا الوقت ولكنها سياسة الحاكم سياسة (عنزة ولو طارت). أما الصفقات الزراعية المسرطنة فى عصر( يوسف والى) والتى أدت إلى تدمير البنية التحتية كالصحة والتعليم وفى نهاية المطاف لم يحاسب أى مسؤل عن أخطائه نتيجة لسياسة(عنزة ولوطارت). ومازالت سياستنا فى عالمنا العربى وفى واقعنا المرير هى سياسة(عنزة ولوطارت)سياسة المكابرة والمعاندة فى فرض الآراء بالقوة والتمسك بها حتى الموت . السادة الأفاضل عالمناالعربى ممزق بسبب العناد والإصرار على آراء خاطئة وقاتلة كما يحدث الآن فى اليمن وسوريا وليبيا والعراق. السادة الأفاضل .
أما آن الأوان كى تتراجع حكوماتنا فى بعض آرائها أو تتراجع القوى المعارضة لها ويقرون أنها ليست (عنزة) ولكنه طائرذو جناحين يطير بحرية فى الفضاء كى نطيرمعه إلى آفاق السلام حيث الأمن والأمان مع الحرية والرخاء..