الأقباط متحدون - «أم ضياء»
  • ٢١:١٩
  • الاربعاء , ٩ نوفمبر ٢٠١٦
English version

«أم ضياء»

مقالات مختارة | بقلم:حمدي رزق

٤٤: ٠٨ م +02:00 EET

الاربعاء ٩ نوفمبر ٢٠١٦

حمدي رزق
حمدي رزق

 لن أكون فى يوم منكم يشهد الله والزمن

 
 
ماذا أنتم فاعلون؟
 
أنا حلمى بس كلمة أن يضل عندى وطن
 
لا حروب ولا خراب لا مصايب لا محن
 
خدوا المناصب والمكاسب لكن خلولى الوطن
 
خدوا المناصب والمكاسب بربى خلولى الوطن
 
(من صرخة لطفى بوشناق)
 
الأم المصرية فعلًا مذهلة، تبرع أمهات شهداء الشرطة بمبلغ 100 ألف جنيه لصالح صندوق «تحيا مصر» لفتة ولا أروع! من أين لهن كل هذا الألق، والفداء والتضحية؟ ضحين بفلذات أكبادهن، ويتبرعن بالمتاع القليل، فعلاً «متهونش اللى على الفقير»، تحسبهم أغنياء من التعفف.
 
اللفتة والمناسبة والتوقيت، الأصيلة أم الشهيد، أم ضياء، والكُمّل من الأمهات، يُعلنَّها صراحة: «قدمنا فلذات الأرواح فداءً للوطن، فكيف لا نقدم المال دعماً لبلادنا، فإن الأوطان غالية لا يقدرها سوى الذين قدموا الدماء حفاظاً عليها»، فعلاً لا يعرف قيمة الأوطان إلا المكويين بالنار.
 
لله درهن، وبارك فى تبرعهن، لعله التبرع الأغلى، والأسمى، والأرقى فى سلسلة المبادرات الشعبية لملء صندوق «تحيا مصر» الذى صار قبلة لكثير من المشروعات الخدمية فى القرى والكفور والنجوع، سبحان الله! يبخل أصحاب الملايين ويتبرع أصحاب الملاليم، لله فى خلقه شؤون!
 
المعنى الكامن فى التبرع الفاخر المعطر بمسك دماء الشهداء، أن هناك من يضحى ليقيم البناء وهناك من يخطط لهدم البناء، هناك من هو مستعد لكنس شوارع الوطن قربى وزلفى لأغلى اسم فى الوجود، وهناك من يعمد إلى قطع الطرق وحرق الأوطان، شتان، لا يلتقيان، هذا عذب فرات، وهذا ملح أجاج، وألسنتنا أحرقها ملح السنين الماضية، بعض من الإنصاف قربى لأرواح الشهداء.
 
أم الشهيد «ضياء فتحى» تروى الحكاية، وتقص علينا أحسن القصص، نصاً تقول فينا: «قدمت ابنى شهيداً، وقُطعت يداه وقدماه، وهناك من له أيد وأقدام ويدعو للعنف والتخريب بدلاً من البناء والتعمير والإنتاج، مشددة على أن مصر لا تستحق كل هذا الدمار الذى يخطط له أعداء الوطن، ولن نسمح أبداً بأن تتحول بلادنا إلى سوريا أو ليبيا، ولن نترك الإرهاب يفعل بنا ذلك، فقدمنا الشهداء وسنقدم المال والأنفس دفاعاً عنها».
 
ميحسش بالنار إلا اللى كابشها، والشهادة معلمة فى الأجساد، وتنطق بها الألسنة التى طعمت مرارة الحياة، وتذوقت الحرمان، وحرقة القلب، ولوعة الدمع، وخبرت معنى الفقد، لسان فصيح ينطق بمشاعر وطنية فياضة، مستعدة أكنس شوارع الوطن!!.
 
عفوا، تمتنع المزايدة على من فقدت ابنها، فلذة كبدها، قدمته شهيداً فى حب الوطن، وسارت فى جنازته وهى تكاد تسقط فى بئر الأحزان، لا أحد يزايد على أم الشهيد، وحدها خليقة برفع الرأس عالياً ولتنحن إليها كل الرؤوس، أم الشهيد، البطلة المصرية، وأنا أم البطل!
 
مبادرة أمهات الشهداء خليقة بالتوقف أمامها بكل إكبار واحترام، وتبين مقاصدها، طبعاً سيسخر منها من فى قلبه مرض، من استهانوا بالأوطان فلا تفرق معهم الشهادة، ينكرونها على أصحابها، ويضنون على الشهيد بلقب الشهيد، ويستكبرون ويستعلون على الدماء.
 
وسيقول المرجفون منهم: من أين لهن الأموال؟ ومن حركهن للتبرع؟ ولماذا هذا التوقيت؟ من أين؟ فمن عند الله، فى السماء رزقهم وما يوعدون، وحرّكتهن ضمائرهن خشية على الوطن من الضياع، والتوقيت معلوم، ولا يخفى على لبيب، واللبيب بالإشارة يفهم، لكنهم أشرار مناكيد!!.
 
لو جربتم الشهادة لعلمتم فضل الأمهات، ولقبلتم الرؤوس، ولوقفتم من صنيعهن وقفة إكبار، ولكن منين نجيب ناس لمعناة الكلام يتلوه، أمهات الشهداء يخشين أن يضيع منهن الوطن بعد أن أودعوه أمانتهن، وروين شجره بدماء فلذات أكبادهن، ضاع الابن وبقى الوطن، أنا حلمى بس كلمة أن يضل عندى وطن.. بربى خلولى الوطن!.
نقلاعن المصرى اليوم
 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع