بقلم: مجدي ملاك
اختلفت التفسيرات وتعددت حول أسباب حادث التفجيرات التي حدثت بجوار كنيسة السيدة العذراء بالزيتون، ما بين تفسيرات ترجح وجود جماعات دينية خلف تلك التفجيرات وبين ما تحاول الأجهزة الأمنية تسريبه من ارتباط تلك التفجيرات بخلية حزب الله.
وأرجعت ذلك التفسير إلى استخدام نفس الوسائل التي استخدمت من قبل في حادثة الحسين وهو الأمر الذي جعلها تذهب بقوة إلى تلك النتيجة على الرغم من عدم انتهاء التحقيقات حتى تلك اللحظة حتى يمكن الحكم على حدث من خلال تلك الفترة البسيطة، ولكن المؤكد أن هناك حدث وهناك متضرر وهناك أسباب وراء استهداف واحدة من أشهر الكنائس داخل جمهورية مصر العربية، كما ترتبط تلك الكنيسة بواحدة من المعجزات التي لا يمكن أن ينساها المسلمين قبل المسيحيين وهي ظهور السيدة العذراء في تلك الكنيسة وهو الظهور الذي أحدث ضجة كبيرة داخل مصر وخارجها.
ولكن نعود إلى الحدث الذي قرأت الكثير من التفسيرات عنه حتى أن البعض ذهب إن ربما تكون لمشكلة الخنازير سبب رئيسي فيه خاصة مع ارتفاع الصوت القبطي في تلك المشكلة وانتقاد أقباط المهجر بشكل كبير لتلك العملية التي استهدفت بشكل كبير الأقباط الذين يعملون في تلك التجارة أو الصناعة، كما هناك تفسيرات ذهبت أن تلك التفجيرات ربما تكون بسبب ارتفاع أصوات الأقباط في الفترة الأخيرة بشكل ملفت للنظر لم يتعود عليه المجتمع، ومن ثم أرادت تلك المجموعة المسئولة عن تلك التفجيرات إرسال رسالة معينة مفادها أن الكنيسة وأفرادها غير بعيدين عن أعين تلك الجماعات المتطرفة التي تستهدف كل من تعتقد أنه يهدد ثوابتها المتطرفة، ومن ثم كانت الرسالة واضحة بضرورة إخفات ذلك الصوت حتى يسلم من ضربات مستقبلية ربما تكون أشد وأكثر ضرراً من تلك التي حدثت مؤخراً.
وهناك تفسيرات أخرى رأت أن قضية العائدين للمسيحية التي أثيرت في الفترة الأخيرة والتي ربما يكون الحكم فيها يمثل سابقة تاريخية أو قاعدة في حال السماح لهم بالرجوع سيعني تراجع التيار المتشدد لصالح الليبرالية الحقيقية، ومن ثم رأت تلك الجماعة التي استهدفت الكنيسة أن تلك القنابل بمثابة رسالة مباشرة لضرورة الابتعاد عن الملفات الحساسة التي تم الغوص فيها بقوة في الفترة الأخيرة ومن ثم فالمطلوب هو ضرورة الصمت والابتعاد عن كل ما هو ضد أفكار جماعة بعينها داخل المجتمع حسب تلك التفسيرات التي قال بها عدد من الكتاب والمحللين للأحداث على الساحة المصرية، وكل هذا ربما يكون مقبول أو جائز أن يحدث ومن الممكن أن يحتمل الصواب ومن الممكن أن يحتمل الخطأ.
ولكن الأمر الأهم وما لا يجب أن نتركه طالما نحلل تلك الظاهرة ودوافعها وأسبابها، لا يجب أن يبتعد أيضاً عن واحد من ثلاثة عوامل أرى أنهم الأهم في تفسير تلك التفجيرات التي تستهدف واحدة من أعظم الكنائس داخل الدولة المصرية.
وأول تلك التفسيرات يتمثل في الإعلام والفضائيات المتطرفة: التي فتحت لها مصر أبوابها وتركت لها المجال لتعمل من داخل مصر وتبث تطرفها كما شاءت ضد كل المسيحيين في مصر وخارج مصر، حتى أن هناك قنوات تبث عدائها ضد النظام المصري مثل قناة المنار التابعة حزب الله اللبناني وعلى الرغم من ذلك فالنظام المصري يتركها تعمل بحرية دون أدنى مراجعة لعلمها داخل مصر، وإذا كانت المنار قناة تهاجم النظام فهناك المئات من القنوات التي تهاجم المسيحية والمسيحيين ومعتقداتهم بشكل سافر، وبالطبع فأن تفجيرات كتلك التي حدثت هي رد فعل طبيعي لإسهال الفضائيات الذي تركته الدولة يبث سمومه ضد المسيحيين بشكل عام.
الأمر الآخر وهو لا يقل أهمية عن سابقة وهو التعليم المصري: الذي يبث سموم ذاتيه من داخل الوطن مما يجعل تلك التفجيرات نتاج طبيعي لتلك السموم التي وإن كنا لا نشعر بأثرها بشكل مباشر إلا أن المؤكد إن أثارها تمتد على المدى الطويل حين يكبر الطفل على مبادئ الكراهية والصراع التي تحضه ضد الآخر.
الأمر الثالث والأخير التعبئة ضد رجال الاقتصاد من الأقباط: والتي تتعمد الدولة أن تصدر لهم إحصائيات ربما لا تتمتع بالدقة الكافية وحتى إن تمتعت بالدقة فهي تصدر بلا عنوان وبلا أي سبب إلا لمجرد بث الكراهية ضد المسيحيين الذين يعملون بجد من أجل الوطن ومن أجل غيرهم، ولكن إصرار الدولة على إصدار إحصائيات تستغلها جماعة الإخوان المسلمين في بث الكراهية ضد الأقباط بشكل عام وكأن الأقباط أصبحوا أغنياء من الفساد الذي تتمتع به الحكومة وليس من عملهم الشريف بعد أن أجبرتهم الدولة عن الابتعاد عن المؤسسات والعمل الحكومي بشكل متعمد.
النهاية أن الأقباط أصبحوا في مختلف تلك التفسيرات كبش فداء لكل من يريد تحقيق غاية أو إيصال رسالة، فإلى متى ستستمر الدولة في تلك الميوعة تجاه الأقباط؟ وهل تنتظر الدولة مجازر أكثر مما يحدث ونشاهده كل يوم من قتل لقبطي خاصة في الفترة الأخيرة حتى تعلن حالة الاستنفار القصوى؟ أم أن ما يحدث هو بمباركة الحكومة!!!!!