الأقباط متحدون - إلغاء خانة الديانة من العقول!
  • ٢١:٢٠
  • الجمعة , ١١ نوفمبر ٢٠١٦
English version

إلغاء خانة الديانة من العقول!

مقالات مختارة | حمدي رزق

٢٦: ١١ ص +02:00 EET

الجمعة ١١ نوفمبر ٢٠١٦

حمدي رزق
حمدي رزق

على صدى قرار الدكتور جابر نصار بإلغاء خانة الديانة فى محررات جامعة القاهرة، تلقيت من الدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض، القاضى الدولى السابق، رسالة بعنوان: «إلغاء خانة الديانة من العقول خطوة لازمة لإلغائها من الوثائق الرسمية».. وإلى نص الرسالة:

مما لاشك فيه أن إلغاء خانة الديانة أمرٌ لابد منه لوضع حد لما تعانيه مصر بشكل متزايد من انشقاق بين مواطنيها، غير أن ذلك يظل متعذراً ما لم تسبقه خطوات على المستوى الذهنى والوجدانى وطالما ظل كل مسلم وكل مسيحى على تحفظه فى قبول الآخر كشريك فى الوطن على قدم المساواة دون أى إقصاء أو تمييز.

والإنسان عدو ما يجهل، والمسلم لا مرجعية له سوى معلومات مشوهة عن المواطن القبطى نجمت عن الخطاب الدينى المضلل المتعصب خلال العقود الماضية، وعن تجاهل كافة وسائل التعليم والإعلام حتى الآن لتاريخ الأقباط وحضارتهم كمصريين أصلاء مما جعل المواطن المسلم ينظر للمواطن القبطى كغريب أو كضيف ثقيل على أرض الوطن. ولاتزال أغلبية أبناء مصر من المسلمين غير واعين بأن شعب مصر ظل قبطياً خلال عدة قرون قبل الفتح الإسلامى وبعده، ومن ثم فإن الشعب المصرى الحالى هو فى أغلبيته العظمى من سلالة الشعب المصرى القبطى.

ومما أدى إلى استفحال الأمر إقصاء الدولة للمسيحيين من غالبية الوظائف السياسية والمناصب العليا كالمحافظين ورؤساء الجامعات وكافة القيادات، وكذلك عدم سماح المؤسسات المختلفة من ثقافية وفنية ورياضية من قيادتها بل ومن مجرد وجود مسيحيين فى ساحاتها.

وجدير بالذكر أن المواطن القبطى أكثر دراية بالعادات والتقاليد الإسلامية فى حين أن المواطن المسلم لم يحرص فى الغالب على فهم العادات والطقوس الدينية لأشقائه الأقباط كى يعيش معهم كأسرة واحدة، بل إنه مما يؤسف له أنه يعتبر هذه الطقوس خطراً داهماً على هويته الدينية فيحارب هذه الطقوس حربًا شعواء، فمازلنا نشهد الاعتداء الإجرامى على الكنائس ومرتاديها والقيود المشددة على ترميمها أو إنشائها، بل وانتفاء الضمانات القانونية اللازمة للمسيحيين، خاصة فى الريف، إذا ما تم الاعتداء عليهم أو على ممارساتهم الدينية، وذلك باضطرارهم اللجوء إلى مجالس عرفية، بدلا من قضاء الدولة، وهى مجالس لا يخفى تحيزها الدائم للجانب المسلم كأحكامها المتكررة بالتهجير وبتعويضات لا أساس لها من القانون، وهى أحكام تفوق أحكام قضاء الدولة من حيث قوة النفاذ، بل تقطع الطريق على أحكام محاكم الدولة.

لقد عانت أجيال عديدة من تجاهل نظام التعليم ومن سياسة الإعلام بل أصرت الغالبية المسلمة على تهميش وإقصاء الأقباط من جميع نواحى الحياة، سواء الرسمية أو الاجتماعية، كأنهم لا ينتمون لهذا الوطن. ومما أدى إلى استفحال الأمر إقصاء الدولة للمسيحيين من غالبية الوظائف السياسية والمناصب العليا كالمحافظين ورؤساء الجامعات وكافة القيادات، وكذلك عدم سماح المؤسسات من حكومية وأهلية برئاسة أو بل بمجرد وجود مسيحيين فى ساحاتها وفى مختلف نواحى النشاط من رياضى وفنى وثقافى.

لذا أصبح من أولى الضروريات التغيير الجذرى بأمانة وشجاعة لكل ما أدى إلى تمزق هذا الوطن والوعى بضرورة هذا التغيير، ومن ذلك تنقية مناهج التعليم من كافة أوجه إقحام الفكر الدينى على المادة العلمية، وحذف كل إشارات من شأنها الحط من الآخر المختلف دينًا وعقيدة، كما يتعين التصفية الكاملة للخطاب الاعلامى، وتغيير الخطاب الدينى بحيث لا يُقصى كما هو الحال حتى الآن الفئة الأخرى من الشعب بل السعى بكافة الطرق إلى لم شمل الجماعة الوطنية وتعريف كل فئة بثقافة الفئة الأخرى ونظام حياتها وإبراز ما تتضمنه من فضائل وإيجابيات، كما يجدر إحاطة كافة أبنائنا علما بسمو المبادئ التى تقوم عليها كل من العقيدة الإسلامية والمسيحية على خط سواء، ومن ثم يعلمون قيمة المواطنة التى لا تتقبل أى انقسامات أو انتماءات فرعية، ويدركون أن الدعوة إلى التفرقة الدينية وبث الكراهية المبنية على الفهم الخاطئ لأصحاب الدين الآخر ما هى إلا دعوة مسمومة تسعى إلى تخريب الوطن وانشقاقه.

وليس بخافٍ أنَّ التصدى للأسباب التى أدت لما تعانيه مصر من انقسام وتمزق لن تتحقق نتائجه بين يوم وليلة، لذلك يتعين أن يبادر المشرع بوضع حدٍ لهذه العوامل الهدامة بالنسبة للمستقبل، وذلك بالنص على ملاحقة كل من يبث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد عن قصد أو عن جهل ومحاسبته أشد حساب، كما يجب أن تقوم الجهات التنفيذية بإعمال القانون دون تراخٍ أو تمييز يشكل تطبيقًا على فريق دون آخر، والضرب بيدٍ من حديد على كافة المخالفين.

إن تجاهل وجود فريق يشكل جزءًا لا يتجزأ من هذا الوطن أو الدعوة لمعاداته هى فى حقيقتها جريمة ضد الدولة نفسها.

نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع