الأقباط متحدون - فوز ترامب يؤسس لأممية اليمين الدينى المسيحى
  • ١١:٣٠
  • الخميس , ١٧ نوفمبر ٢٠١٦
English version

فوز ترامب يؤسس لأممية اليمين الدينى المسيحى

مقالات مختارة | بقلم:سليمان شفيق

٢٥: ١١ ص +02:00 EET

الخميس ١٧ نوفمبر ٢٠١٦

سليمان شفيق
سليمان شفيق

 نحتاج الآن للبحث عن طريق لبناء قوة لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية إقليميا ودوليا

لم يحدث فوز ترامب زلزالا فى العلاقات الدولية فحسب، بل وسيؤدى إلى صعود أممية دينية مسيحية، خاصة بعد التفاف كل الكنائس الأمريكية على اختلافاتها العقيدية حوله، وإذا أخذنا فى الاعتبار فوز ترامب يعد فرصة لكنائس الشرق أن تنتعش نتيجة موقفه من التطرف الإسلامى والإرهاب، سنرى أن الخريطة الدينية فى العالم ستتغير، ومن ثم نتوقف بالدراسة للموقف فى ضوء محاولات الكنيسة الأرثوزكسية الروسية استقطاب الكنيسة القبطية الأرثوزكسية نحو تحالف أرثوذكسى من منطلق سياسى.
 
على مدى التاريخ تم استخدام الأديان فى الصراعات السياسية، وفى القرن الماضى بدأ الغرب فى استخدام الدين فى الحرب الباردة، ورسم استراتيجيته مستغلين فى ذلك مجلس الكنائس العالمى، فى ضوء هذه الخبرة التاريخية للكتلة الشرقية مع استخدام الدين فى الحرب الباردة أصبح من الواضح أن بوتين سيستخدم الكنيسة فى مخططه الاستراتيجى للدولة الروسية وأمنها القومى، بدا ذلك بالاهتمام بعقد المؤتمر المسكونى للكنائس الأرثوذكسية، هذا التحرك يؤكد أن هناك تصورا واضحا للدولة الروسية وكنيستها للتوجه الاستراتيجى الذى يخدم أمن البلاد القومى.
 
منذ منتصف الثمانينيات بدأ البطريرك المسكونى للكنيسة الأرثوذكسية من مقره الأوروبى فى جينيف محاولة لإنهاء الخلافات بين العائلتين الأرثوذكسيتين وعمل على صياغة اتفاقية للاعتراف اللاهوتى المتبادل، وبدأ فى عرضها على الكنائس المختلفة للحصول على موافقتها وقد وافقت عدة كنائس على الاتفاقية منها الكنيسة القبطية، جاءت الموافقة على أساس أن الاتفاقية تقر ما تؤمن به الكنيسة القبطية، كما أنها لا تمس بأى شكل من الأشكال استقلال الكنيسة، غير أن الكنيسة الروسية كانت أبرز المعارضين للاتفاقية وقادت حملة لمنع الكنيسة القبطية من أن تكون ضمن الكنائس الأرثوذكسية المعترف بها عالميًّا، وهو أمر لا يزعج الكنيسة القبطية على الإطلاق إذ تعتبر نفسها أهم كنائس العالم كونها كنيسة الإسكندرية العظمى، وما زال الموقف المعلن للكنيسة الروسية من الاتفاقية كما هو لم يتبدل.
 
فى السنوات الاخيرة بدأ الموقف فى الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية يتبدل، فنحن نلحظ اهتمامًا غير عادى من المؤسسات المسيحية فى روسيا وبلدان أوروبا الشرقية بكل كنائس المنطقة الأرثوذكسية، فى سوريا ولبنان والأردن وفلسطين والسودان فضلًا عن مصر. فعلى سبيل المثال كان استقبال الكنيسة الروسية للبابا تواضروس فى زيارته الأخيرة إلى موسكو استقبالًا حافلًا وكبيرًا، وأكد أن هناك تغيرًا إيجابيًّا ما فى الموقف الروسى من انضمام الكنيسة القبطية للأرثوذكسية العالمية، وتم عقد اجتماع كبير للكنائس الأرثوذكسية فى الأسبوع الثانى من شهر مارس 2015 اتفق فيه الحاضرون على استمرار النقاش فى الكثير من الملفات الحساسة مثل العلاقة مع الغرب والعلاقة مع الإسلام، والأهم أنهم اتفقوا على عقد المجمع المسكونى للكنائس أرثوذكسية فى عام 2016 الذى سيعقد لأول مرة منذ 1200 عام يتعثر انعقاد المؤتمر نتيجة لوجود مشاكل داخلية بين الكنائس المشتركة.
 
المؤشرات كلها تؤكد أن هناك رغبة من الكنيسة الروسية على فرض زعامتها للأرثوذوكسية العالمية وضم الكنائس المشرقية لها بتنازلات ترضيها، ومن ثم تقوى من موقعها أمام الخطر الإسلامى والتهديد البروتستانتى.
 
إن أهم ما نرمى إليه هنا أن ندرك كيف يتحرك الآخرون سواء كانوا حلفاء أو أعداء، خاصة أنه لا خوف من الكنيسة القبطية وحركتها، فهى حساسة جدًا لكل ما يمس استقلالها وهى كنيسة لا يمكن أن تدور فى فلك أية كيانات خارجية مهما كان حجمها وقوتها، وهذا الموقف للكنيسة القبطية ليس نابعا من قوة قادتها وإنما التراث القومى لهذه الكنيسة هو الذى يملى على قادتها ما تفعله.
 
نحن بحاجة إلى قراءة مستفيضة للفضاء الدينى الأرثوذكسى وتأثيراته المحتملة وفى الوقت ذاته وبنفس القدر من الأهمية إعادة النظر فى استراتيجيتنا فى التعامل مع القضايا التى تهم الأقباط فى اللحظة الراهنة وتأثيرها على المستقبل. أيضا هناك أهمية للتمييز بين المسار السياسى والمسار اللاهوتى، والبحث عن طريق لبناء قوة لكنيستنا القبطية الارثوذكسية إقليميا ودوليا، وابتكار آلية جديدة للتفكير بين الأزهر والكنيسة بعيدا عن الآليات السطحية مثل بيت العائلة، لدراسة موقف الكنيسة والأزهر بعد فوز ترامب وصعود اليمين الدينى الأمريكى، وأثر ذلك على كل الأوجه.
نقلا عن اليوم السابع
 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع