خريطة احتياجات عاجلة
مقالات مختارة | بقلم :عبد اللطيف المناوي
٠٨:
٠٤
م +02:00 EET
الخميس ١٧ نوفمبر ٢٠١٦
فى ظل التحديات الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد، وفى ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة التى يمر بها ملايين المواطنين نتيجة لارتفاع الأسعار خلال الفترة الأخيرة، وفى ظل اتجاه الحكومة للتقشف، بعد تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار، وفى ظل كل التحولات الاقتصادية التى نمر بها حكومة وشعباً خلال هذه الفترة- أعيد طرح فكرة طرحتها من قبل، عن ضرورة وجود خريطة للاحتياجات المصرية.
الخرائط الاستراتيجية التى تضعها الدول أو المؤسسات والتى تسلط الضوء فى اتجاه معين ليست جديدة، بل هى موجودة مع وجود الاحتياج إليها، فهناك على سبيل المثال الخريطة الجغرافية التى توضح التضاريس والمساحة وتقسيم البلدان، وهناك خريطة استثمارات والتى توضح فرص الاستثمار الموجودة فى الدول، وهناك خريطة معادن توضح أماكن انتشار المعادن بمختلف أنواعها، وما أعتقده أن مصر تحتاج الآن خريطة من نوع جديد، يمكن أن يطلق عليها اسم «خريطة الاحتياجات المصرية».
فعلى سبيل المثال، مع بداية الشتاء، يبدأ العديد من المؤسسات الخيرية والإعلامية، والجمعيات، وصناديق الزكاة والتبرع، فى جمع المساعدات لجميع المحتاجين إلى مساعدات من بطاطين ولمواجهة السيول وما شابه، كما تنشط بنوك الطعام والدواء والكساء، وفى المقابل ـ ومع الظروف الاقتصادية الحاليةـ ينشط باقى الصناديق التى تجمع التبرعات لمساعدة الفقراء.
والحقيقة أنه توجد فى مصر العديد من الصناديق التى تجمع الأموال للمساهمة فى إعادة بناء مصر، والعديد من المبادرات التى تقودها مؤسسات أو أشخاص والتى تعمل فى نفس الاتجاه، كما يوجد العديد من المؤسسات الخيرية التى تقوم على هذه الفكرة، ولكن لا يوجد ما يحدد لهذه المؤسسات الأهلية أو الشخصيات الأماكن التى تحتاج إلى مساعدة فعلية، وبالتالى من الممكن أن نجد أنها جميعاً تعمل فى اتجاه واحد، وتوجه مساعداتها لحل مشكلة واحدة، وتترك العديد من المشكلات الملحة دون حل أو تقديم يد المساعدة.
هناك العديد من الأفكار للتعامل مع كل هذه الصناديق، منها أن يتم جمع الأموال التى تقدمها هذه المؤسسات، أو تجمعها هذه المبادرات، فى مصدر واحد وإدارتها من قبل الدولة أو من قبل مؤسسة يتم الاتفاق عليها، ويتم توجيه الأموال إلى مصادر الاحتياج المختلفة، لكن هذه الفكرة تلقى العديد من الاعتراضات، خصوصاً أن المساهمين بأموالهم أو مجهودهم يحتاجون أن يساهموا بشكل فعال فى تقديم هذه الأموال إلى الجهات الأكثر حاجة من وجهة نظرهم، كما يفضلون أن يشرفوا بأنفسهم على هذه المساعدات وهى تتوجه إلى مصادرها الحقيقية، وأن يروا ثمار ما زرعته أيديهم وهى حاجة إنسانية يمكن تفهمها، وحتى لا يتحول الأمر إلى ما يشبه صندوق الزكاة.
ويمكن أن يكون الحل لضبط حركة هذه الأموال، وحتى تساهم كل هذه المبادرات فى حل جزء من المشاكل العالقة، والمساهمة فى التنمية بالفعل- هو أن تعلن الدولة عن «خريطة الاحتياجات المصرية»، وتترك لرجال الأعمال والمؤسسات الخيرية والمبادرات حرية التحرك والمساهمة فى التنمية.
ولهذه الخريطة المقترحة أهمية كبيرة، إذ إنها ستحدد احتياجات كل قرية أو مدينة فى مصر، فربما تحتاج إحدى القرى إلى مدرسة أكثر من احتياجها إلى مستشفى فى هذا الوقت، وربما تحتاج مدينة أخرى إلى مشروع للصرف الصحى أكثر من احتياجها إلى مدرسة، وربما تحتاج قرية ثالثة إلى تجديد شبكة الكهرباء، وأهمية الخريطة ليس فقط فى تحديد احتياجات كل قرية ومدينة، بل فى أنها ستسلط الضوء على احتياجات بعض الأماكن التى ربما لم يلتفت إليها أبداً صناع المبادرات ورجال الأعمال لبعدها أو عدم الالتفات إلى احتياجاتها الحقيقية.
ربما يكون نشر هذه الخريطة، هو بداية لتوجيه «أموال الخير»، إلى الأماكن التى غابت عنها عين التنمية أو التى تحتاج إلى علاج عاجل لمشاكلها، وهنا يمكن للجميع أن يتوجه إلى الأقرب إليه والأنسب لما يريد أن يساهم فيه، وبهذا يمكن فعلاً أن يساهم الجميع فى العبور من الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها الجميع.
نقلا عن المصرى اليوم