الأقباط متحدون | الحلول المقترحة لمشكلة الطائفية والحكم في العراق
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٩:٣١ | الاربعاء ١٢ يناير ٢٠١١ | ٤ طوبة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٧٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الحلول المقترحة لمشكلة الطائفية والحكم في العراق

الاربعاء ١٢ يناير ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 (الطائفية السياسية ومشكلة الحكم في العراق- 15)
 
بقلم : د. عبدالخالق حسين
 
الجزء الأول
 
تمهيد
في الفصول السابقة، قدمنا عرضاً مفصلاً عن التمييز الطائفي في العراق على مر العصور وفق التسلسل الزمني. والآن يأتي دور الإجابة على السؤال: ما العمل؟ أو ما هو الحل؟ لذا أطرح في هذا الفصل، والفصل اللاحق والأخير، مقترحات لحل الأزمة. وهذان الفصلان قد نشرا في الشهر الأخير من عام 2009، ولكن بعد نشر بقية فصول الكتاب على الشبكة فيما بعد، استلمت الكثير من الملاحظات والمقالات القيمة من القراء والزملاء الكتاب الكرام، استفدت منها كثيراً، وأنا شاكر لهم اهتمامهم. وعلى ضوء هذه التعليقات، رأيت من المفيد تنقيح هذا الفصل، كما الفصول السابقة. أما الفصل الأخير حول (حول إشكالية المشاركة أو المحاصصة)(1) فلا أرى ضرورة لإعادة نشره، بل أكتفي بوضع الرابط في الهامش، ليتسنى لمن فاته في المرة السابقة. 
 
ذكرنا في فصل سابق أن الشيعة كونوا، على مر العصور، في حالة ثورة مستمرة ضد الحكام وذلك بسبب الظلم الذي وقع عليهم، سواء كان هؤلاء الحكام أمويين، أو عباسيين، أو أتراك أو الحكومات المتعاقبة للدولة العراقية الحديثة. فكانوا أشبه بالبركان الذي ينتظر الوقت المناسب لينفجر ويقذف الحمم. لا شك أن الأجيال الجديدة تختلف كلياً عن الأجيال القديمة في طريقة تفكيرها واهتماماتها، فهي غير مهتمة الاختلافات المذهبية من الناحية الفقهية الدينية، بل جل اهتمامها منصب على معيشتها، وأمورها الدنيوية، خاصة في حق المساواة في الدولة أكثر من أي شيء آخر. ولكن إذا ما جاء من يحرمهم من حقوقهم الوطنية، ويعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية في وطنهم بسبب الانتماء المذهبي أو القومي، فعندئذ يتمسك بالمذهب ويتعصب له، ويدفعه هذا الشعور إلى التذمر والتمرد. 
 
وفي هذا الخصوص، حدثني صديق مثقف من خلفية شيعية، وكان وزيراً في عهد الرئيس أحمد حسن البكر قائلاً، أنه ملحد ولا يؤمن بالأديان، ولكن عندما يتعرض إلى الاضطهاد بسبب خلفيته المذهبية، فإنه سيتحول إلى شيعي متعصب. أعتقد أن هذا الكلام ينطبق على جميع الناس ومن مختلف الانتماءات فيما لو تعرضوا إلى الاضطهاد بسبب خلفياتهم الدينية والمذهبية أو القومية. 
 
إن ما نلاحظه في عصرنا الراهن من هبَّة دينية، وحركات إسلامية متطرفة لاستلام السلطة، ما هو إلا ردود أفعال لفشل الحكومات العلمانية أو شبه العلمانية المستبدة في البلدان العربية والإسلامية في حل مشاكل الجماهير المعيشية المتفاقمة. وما يسمى بالصحوة الإسلامية، هي علامات احتجاج على ما نال الشعوب من الفقر والفاقة والبؤس والحرمان.
 
وهذا لا يعني إن الحركات الإسلامية، سواء المعتدلة منها أو المتطرفة، لديها أي حل للمشاكل الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية المستعصية التي تعاني منها الشعوب، إذ ليس لدى الأحزاب الإسلامية أي برنامج ناجع لحل المشاكل التي عجزت الحكومات العلمانية الديكتاتورية عن حلها، فالحل لا يكمن في السير إلى الوراء للبحث عن الحلول عند السلف الصالح. فمشاكل اليوم معقدة جداً، وتختلف كثيراً عن مشاكل الأزمنة الغابرة.
 
والدليل على صحة ما نقول هو فشل الحكومات الإسلامية في حل مشاكل شعوبها مثل النظام السوداني، والإيراني. وقد أدرك الشعب الإيراني هذه الحقيقة، لذا أعلن انتفاضته المستمرة على الحكم الديني منذ الانتخابات الرئاسية عام 2009 والتي تم تزييفها في صالح المتشدد الرئيس محمود أحمدي نجاد، من أجل الخلاص من النظام الثيوقراطي (الديني)، وإقامة البديل الديمقراطي يحترم فيه حقوق الإنسان ويهتم بحل المشاكل الاجتماعية- الاقتصادية والسياسية لهذا الشعب. وما موجة الاغتيالات التي طالت المثقفين الإيرانيين على طريقة ما حصل في الجزائر في التسعينات من القرن المنصرم، إلا دليل على إفلاس تلك الفئات الإسلامية المتطرفة التي اتخذت من الإسلام ذريعة من أجل فرض هيمنتها على السلطة عن طريق الإرهاب باسم الله والدين.
 
تنتعش الحركات الإسلامية المتطرفة في البلدان الإسلامية التي تفاقمت فيها مشاكل الفقر، والبطالة، والسكن، وفساد الإدارة الحكومية، والتضخم السكاني مثل الجزائر ومصر والصومال وأفغانستان والعراق وغيرها من الدول. بينما لا نجد مثل هذه الحركات في البلدان العربية الغنية التي أولت الاهتمام بمعيشة شعوبها وتتمتع بقدرة اقتصادية جيدة مثل دول الخليج النفطية.
 
فالعراق غني بثرواته الطبيعية، وكل ما يحتاجه ليعيش شعبه بانسجام وسلام، هو قيام حكومة ديمقراطية عادلة تعمل بالمساواة والتخلص من جميع أشكال التمييز الطائفي، والقومي، والإقليمي بين المواطنين. فالطائفية لا تعالج بطائفية مضادة، والعنصرية لا تعالج بعنصرية مضادة. لقد أثبت شعار الإسلام السياسي (الحل في الإسلام، والقرآن دستورنا) فشله طوال التاريخ، فالقرآن وكما وصفه الإمام علي "حمال أوجه"، بمعنى كل يفسره على هواه. لذا فنحن نطرح الشعار البديل ألا وهو: (الحل في الدولة المدنية الديمقراطية) الذي أثبت صحته في الأنظمة التي مارسته. بمعنى أن الحل يكمن في النظام العلماني الديمقراطي الذي يعامل جميع أبناء الوطن الواحد بالمساواة على أساس الانتماء للوطن وليس العرق والدين والطائفة، واللغة ولون الجلد..الخ. نظام يؤمن بالتعددية السياسية، والعرقية، والدينية والمذهبية، وإقامة مؤسسات المجتمع المدني، وتنشيط دورها في مراقبة ومحاسبة السلطة. كذلك احترام حرية الصحافة ومنظمات الضغط لتشديد الرقابة على سلوك السلطة ومحاسبة المسؤولين وفضح المحسوبية، والانتهازيين، والمفسدين في السلطة، تماماً كما هي الحال في الدول الديمقراطية الغربية.
 
يحاول الإسلاميون عن عمد تفسير العلمانية بأنها مرادفة للإلحاد ومعاداة الأديان، والأمر ليس كذلك، إذ أثبتت الأنظمة الغربية الديمقراطية أن النظام العلماني الديمقراطي هو النظام الوحيد الذي يوفر الضمانة الأكيدة لحماية الأديان وحرية العبادة واحترام رجال الدين والسماح لهم في أداء دورهم في نشر الفضيلة وحماية الأخلاق، والقيم الاجتماعية، والإنسانية النبيلة في المجتمع. وفي النظام الديمقراطي يحتل رجال الدين موقعاً أرقى مما لو تبوؤوا المناصب الحكومية، وتعرضوا لارتكاب الأخطاء كسياسيين. فلو صار رجل الدين حاكماً، ومديراً للأمن، فلا يمكنه أن يرضي جميع الناس، ولا نعتقد أن هذا الرجل معصوماً عن الخطأ ومهما كان متفقهاً في الدين يكون. ومعنى هذا أنه طالما رضي رجل الدين أن يعمل في السياسة ويشغل مناصب في الدولة، فإنه لا بد وأن يرتكب أخطاءً، وبالتالي سيتعرض للنقد والنقد الشديد وربما المهين أحياناً، أي يعامل كأي سياسي معرض للصواب والخطأ، ومن حق المجتمع في هذه الحالة نقده على الأخطاء، وبذلك يفقد رجل الدين هيبته واحترامه وهذا ما لا نريده لرجل الدين. 
 
ومن هنا فليس من مصلحة الدين والمجتمع أن يفقد رجل الدين احترامه في المحافل السياسية والإعلامية. كما وليس من صالح رجل الدين أن يتودد ويتزلف للحاكم. وهناك حكمة إسلامية تفيد: "إذا وجد الحكام على أبواب العلماء، فنعم الحكام ونعم العلماء. أما إذا وجد العلماء على أبواب الحكام، فبئس الحكام وبئس العلماء." والمقصود بالعلماء هنا رجال الدين.  
 
والجدير بالذكر أن الدولة الدينية لا بد وأن تكون مستبدة، لأنها تعتبر أحكامها من الله وفق الشريعة الإسلامية، ولن تقبل بالمعارضة وحق الاختلاف. إذ كما قال المجتهد الأكبر آية الله ميرزا محمد حسين النائيني الذي كتب دستوراً علمانياً نشر عام 1909 في كتاب عنوانه: (تنبيه الأمَّة وتنزيه المِلَّه): "الاستبداد الديني هو أسوأ أنواع الاستبداد"، وقال اللورد أكتون: السلطة تفسد، والسلطة المطلقة تفسد إفساداً مطلقاً"
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :