بقلم: محمد بن علي الشهري
في يوم من الأيام، وقبل أحداث "الإسكندرية"، حضرت حفل للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وكان القائمون عليها مجموعة راقية جدًا من المسيحيين والمسلمين، فكنت في سعادة غامرة لما وجدت من تقارب ومحبة، وعرفت أن المصريين لا يقبلون في حياتهم أي تفرقه أبدًا.
ولكن بعدما انتهينا من الحفل، من شدة إعجابي بما لمسته من الطرفين، سألت: هل كل المصريين بروعتكم هذه؟ فمنهم من قال: يعني. ومنهم من قال: لا. ومنهم من قال: نحن أسرة واحدة.
ولكن علَّق أحد الزملاء المسيحيين.. كان يقول ما يقول بحُرقة؛ كونه مر بهذا الموقف، فقال: أنا في حي، وبجانبي مسجد، وخرجت ذات يوم إلى سوبر ماركت بجواري، بجواره مسجد. فسمعت الإمام وهو يقول: "عيد المسيحيين.. لا يجوز أن تشاركهم. ولا كذا ولا كذا. فتبسمت.. وكان تعليقي أنا وقتها عندما قال: إن إمام مسجد قال كذا وكذا، فبيَّنت لأخونا إن هذا الخطيب جاهل، ولا يستحق أن يكون إمام أو خطيب منبر، وهذا صحيح. وقد أجد من يعارض ما أقول، ولكن سأرد في حينه إن شاء الله.
كان من ضمن ما طلب أخونا المسيحي، أن يكون هناك إعادة تربية في المدارس لتربية أطفالنا على المحبة وحب الذات والوطن، وأن الجار للجار، وبيننا جوار ومحبة من سنين طويلة؛ فكان كثير من الحاضرين يؤيدون هذه الفكرة إلا أنا، وطلبت أن أعلِّق على الموضوع. ولعل موضوعي هذا يجد لو شخصين فقط ممن يقرأ هذا التقرير فيتبعه.
كانت أول نقاطي في ذلك المجلس، أن تبدأ التربية منا نحن الكبار. لماذا؟ لأننا منْ ضيَّع محبة أطفالنا بسبب تعاملاتنا غير الدينية، لا في المسيحية ولا في الإسلام. فلو أتينا برجل مسيحي، وأتينا برجل مسلم، ووضعناهم في صحراء، لوجدت كلًا منهم يخاف على الثاني من الموت، وتجد بينهم المودة والإخاء. بمعنى لو تربَّى الكبار بذاتهم، لوجدت الآتي:
1- تبادل الزيارات.
2- الاحترام المتبادل.
3- الهدايا.
4- المشاركة في الأفراح وفي الأحزان.
5- عدم المنازعة والخصام، وخصوصًا أمام الأطفال.
6- زراعة الألفة بينكم.
فلو فعلت هذه النقاط، لوجدت أن الأطفال أكثر مودةً ورحمةً لبعضهم البعض؛ لأن الطفل يولد على فطره الله التي فطره الله عليها، فلا تجد فيه الحقد أو الكراهية أو البغض أو الغدر، وتجده يبتسم دائمًا؛ لأن قلبه لازال أبيضًا.
فمن أراد أن يكسب خيرًا ويربي ولده، فليعامل الآخرين بما يتمنى أن يعامل. ودائمًا انظر أنك غريب، تجد أن نفسك تتهذب من حالها. الطفل متربي من الله على الخير، ولكن من يزرع في قلبه الكراهية والحقد أبوه أو أمه، بكلمات ترسخ فلا تخرج من عقل الطفل حتى يشيب، وفي فكره ما سمعه من الأبوين.
كيف تجعل ولدك يحب جارك المسيحي أو المسلم؟ بتعاملك مع غيرك.. التعامل هو من يصنع الخير أو الشر. وكم من مسيحي ومسلم اختلفوا وهم جيران، وقطعوا ما بينهم؟ ولكن الأطفال تجدهم مع بعضهم يلعبون ويلهون، والآباء في سواد قلوبهم يمرحون.
ازرع حبًا في رجل كبير مسيحي أو مسلم، تكون نتيجة هذا الزرع الأمان، وتسود المحبه، وتتقارب الأفكار. وكذلك ازرع المحبة والإخاء بين الأطفال، تحفظ بذلك أمن واستقرار بلد بكامله.
تحياتي للجميع..