الكنعانية تصرخ !!
أندرو اشعياء
٠٢:
٠٣
م +02:00 EET
الخميس ٢٤ نوفمبر ٢٠١٦
اندرو اشعياء
لم اكن استطعْ ان اصطحب ابنتي معي حيث مكانه في صيدا، صيدا التي كانت من أشهر المواني على ضفاف البحر المتوسط جهة الشمال من اسرائيل، كما عُرفت بالثراء وإزدهار التجارة والعلاقة الطيبة مع أسرائيل أيام داود الملك(2صم5،11 ) ولكن بالرغم من هذه الميزة إلا انها تمادت في الشر والفساد حتى إن ملكها أدعى الالوهية(حز 28: 1، 2) حتى أن كثرة الشر فيها جعلها تفرح بتدمير أورشليم سنى 586ق.
دخل السيد المسيح الطبيب الحقيقي ليشرق عليها بنوره العظيم، وليضئ بإشراقه الدرب الكئيب ويهزم الظلال الكثيفه من بهائه، ويهب شفاءًا للمجروحين، ويعطي سمعًا للصم، ونورًا لمن هم بلا نور، وليطهر البرص وليطرد الشياطين الذين تسلطوا على الانسانية وكانت ابنتي من بينهم حيث تسلط عليها عدو الخير مُعذبًا اياها كل يوم حتى يفسدها، وبمكره يعذبها بين العثرات ..
تسللت الئ الاخبار انه – تبارك اسمه – يجول فأسرعت نحوه حيث مكانه. حيث كان المشهد يوح بضجيج طوفان بشر، وجوه يعلوها شغف بما يحدث، الكل يحاول أن يجد لنفسه مكانًا، مشاجرات بلا جدوى، أصوات تتداخل وكأنها لحن نشاز يشمئز له الإنسان،يعلن عن الخروج من نطاق إنسانية الفرد في مجتمع لا يعرف للهدوء معنى ولا للسكينة مكان. وبالرغم من كثرة المحيطين به والمسافه البعيده عنه إلا انني شعرت وأنه قريب مني جدًا فبدأت أصرخ بين الجموع: يا ابن داود ترحم علئ لأنني مسبية، وهوذا ابنتي تُقاد من قبل الكذاب وابو الكذاب، هوذا المطلب من اختصاصك لو شئت .. ربي: مبغض المراحم خطف ابنتي وانا سمعت عنك انك طارد الابالسه .. انا الكنعانية بنت الوثن أتيت أليك لاعنه ومحتقره لكل صنم باطل .. يا أبي دعني ادعوك يا ابي وأتجاسر وأطلب أن تطرد كل غريب من ولايتك .. ابنتي مُعذبه، وانت ابن داود فكن غيورًا واقتله مثل جليات. داود ابوك خلص الجماعه وصار ملكًا وازال عار الفلسطيني. داود ابيك قتل ذئبًا لأجل انقاذ خروف حتى يحرس قطيعه بعناية وبدون آذى .. ربي انت مهتم برعيتك اكثر من داود، مُرْ ابليس أن يترك الطفله التي اخذها .. اعلم جيدًا انك ما أتيت إلا ولتخلص كل ضعف..
اخذت اصرخ كثيرًا وكثيرًا جدًا ولما اقلقت الرسل بصوت صراخي، اقتربوا منه ليتوسلوا اليه ليطلقني لان صياحي هيج كل الجمع ولكن لكي يضيف جمالًا الي صورة ايماني لم يرد. ولكنني كنت أثق انه يحمل لإبنتي الشفاء فتزاحمت اكثر فأكثر وعندما اقتربت منه قلت له بصوت آسيف: ربي احتاج اليك ..
قال لي: لا يَحسُنُ أَن يُؤخَذَ خُبزُ البَنينَ فيُلْقى إِلى صِغارِ الكِلاب. (مت15: 26) فأجبته: من اين يأكل ويقتات الكلب لو لم يسندهُ خبز ابناء صاحبه ؟! .. ربي انت تُقيت النفوس والحيوانات، والفتائت التي يأكلها الكلاب هي خبز، والخمير الواحد يحيي الكلاب والبنين .. الأبن يأكل من المائدة مثل وارث حسن، ويلتقط الكلب تناثر خبزه ليحيا معه .. ربي من كنزك ومن خزائنك يغتني الشعب، وتستند الشعوب المحتاجة الي تدبيرك، فأنت خبز الحياة ومنك تشبع الطغمات والالوف. خبزك ليس قليلًا حتى يقيت شعبًا واحدًا فقط بل منه يأكل جميع الشعوب ولا يفنى .. ربي اعط لأبنتي من فتائت طبّك .. فمن يستطع ان يفرغك يا بحرًا كبيرًا مليئًا بالخيرات، لأن امواج محبتك تقدر أن تغرق كل العالم .. فتات واحده من معونتك امددها لإبنتي فتشبع منك وتطرد عنها كل أمر شرير ..
وفيما اجادله كانت الجموع تزجرني لأتكلم بلين فصارت اهانتي فيضًا لتطويبي ومنه اخذت القوة لأنتصر حيث أنني أمسكته ولم ارخه (نش3: 4) مثل طفل بسيط وأعلنت له انه مُدين لي ليهبني مراحمه مخاطبه اياه بأنني لو كنت مثل الكلاب فهو من يقوتني ووجب ان يحيي الوارث والمقتنى. واوضحت له ان حبه وايماني هما من جعلاني أتجاسر لأتكلم بلغة بسيطه .. الحب خوذه ارتديتها في ساحة المعركة وبالايمان غلبت وكان لي كما شئت ..
وجد السيد المسيح ان جدالي ملئ محبة فأخد اكليلًا كبيرًا ملئ عجبًا وتوجني قائلًا: عظيم هو ايمانك. فشُفيت إبنتي في موضعها في الحال .. حقًا يقدر الايمان أن يقهر الحصون العظيمة، ولما يشرق فلا يقف امامه حتى الأبالسة .. حقًا يسهل على اللجاجة أن تفتح كنوزه، وتأخد من خزائنه ..
قال لي: عظيم هو ايمانك. وكأنه أصر أن يكشفه للجميع ليحث كل واحدًا ليتشبه به فهو الطبيب ومنه تفيض كل المعونات، وهو الينبوع الذي يتدفق بكل حب .. به تطيب نفوسنا ونستنير فهو الذي يحمل ثقل العالم ، وعليه تستند كل البرايا ولا يعسر عليه امر، الذي بمحبته دخل صور وصيدا وصار كخمير الحياة الذي وقع في عجين الوثن بصيدا فطهرها وازال عنها كل اثم..