ولا يُنبئك مِثل خبير..
مقالات مختارة | حمدي رزق
السبت ٢٦ نوفمبر ٢٠١٦
لاتزال أزمة نقص الأدوية تخيم على القطاع الطبى وتؤرق المرضى وتزعج الحكومة، ودون أفكار خارج صندوق الأزمة ستظل مُستحكِمة، يختلط فيها الطبى بالسياسى مع استخدام خبيث للأزمة فى توتير الأجواء فى الشارع المصرى.
وعلى طريقة «ولا يُنبئك مِثل خبير»، تلقيت رسالة من الدكتور محمد مبروك، الرئيس التنفيذى لشركة «فارميد هيلث كير»، يطرح حلاً، ربما يفيد، ضاقت فلما استحكمت حلقاتها.. فُرجت!!
تتصاعد بشكل يومى أزمة نقص الأدوية فى الصيدليات، وذلك قبل وبعد قرار تعويم الجنيه، وكان قد لوحظ ازدياد أعداد الأصناف الناقصة من الأدوية منذ عدة أشهر، نظراً لعدم توفير البنوك فى ذلك الوقت العملة الصعبة لبعض الشركات لسداد احتياجاتها من المواد الخام اللازمة لصناعة الأدوية، والتى يعتمد معظمها على الاستيراد من الخارج، ما اضطر بعض الشركات لتوفير العملة الصعبة من السوق الموازية، فازدادت تكلفة التصنيع، ومن ثَمَّ توقفت بعض الشركات عن إنتاج بعض أصنافها.
وبعد قرار تحرير سعر الصرف للجنيه ارتفعت قيمة الدولار بما يقارب الضِّعف، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة تصنيع بعض الأصناف بما يزيد على سعر بيعها وبما يُقوِّض جدوى إنتاجها، وعليه فقد توقفت بعض الشركات عن إنتاج مثل هذه الأصناف، مما سيفاقم الأزمة ويؤدى إلى ازدياد أعداد الأدوية غير المتوفرة فى الصيدليات، ناهيك عن بعض الممارسات من تخزين بعض الأدوية هنا وهناك لجنى بعض المكاسب حين تنقص، ما زاد الأزمة تفاقماً.
وكانت وزارة الصحة بالاتفاق مع مجلس الوزراء قد اتخذت قراراً قبل عدة أشهر بزيادة أسعار بعض أصناف الأدوية التى يقل سعرها عن 30 جنيها، وذلك للعمل على تقليل نسبة التكلفة ومساعدة الشركات على الاستمرار فى إنتاج هذه الأصناف، وتأتى زيادة سعر الدولار إلى الضِّعف تقريباً فتجعل من هذه الزيادة وكأنها لم تكن.
ومن هنا يجب على الدولة العمل على حماية المريض من ارتفاع الأسعار وتوفير الأدوية له بسعر مناسب، ولكن فى نفس الوقت العمل على حماية صناعة الأدوية فى مصر، ولن يتأتى ذلك إلا بالتفكير بشكل مختلف لحل هذه الأزمة. وهنا يمكن طرح اقتراح قد يساعد على حل الأزمة وإرضاء كافة الأطراف (المريض- الشركات- وزارة الصحة) وهو:
1- تخصيص نسبة 30% من إنتاج شركات الأدوية بنفس الأسعار الحالية دون زيادة، وطرحها فى عدد من الصيدليات التى يتم تحديدها وتعاقدها مع التأمين الصحى ووزارة الصحة، وبيع هذه الأدوية للمرضى بناءً على روشتات «تذاكر طبية» صادرة من العيادات الخارجية للمستشفيات العامة أو التأمين الصحى، وهذا لجميع المرضى غير القادرين على تحمل زيادة أسعار الدواء.
2- الباقى «نسبة 70%» من إنتاج الشركات تتم زيادة أسعارها فى الصيدليات العادية بنسب تتلاءم مع زيادة تكلفة التصنيع وارتفاع أسعار الخامات الدوائية.
3- يقوم مفتشو وزارة الصحة بمتابعة إنتاج المصانع وعدم الإفراج عن أى تشغيلات إلا بعد التأكد من الالتزام بنسبة 30% إلى 70% المقترحة، والعمل على تنفيذ هذه الخطة، مع تحديد الوزارة للصيدليات التى تتعاقد معها ومع التأمين الصحى وفقاً لضوابط تقوم بوضعها، حيث تقوم هذه الصيدليات ببيع الأدوية للجمهور بسعرها الحالى دون زيادة، مع تقديم تذكرة طبية معتمدة من مستشفى حكومى أو تأمين صحى وصورة الرقم القومى للمريض.
وبهذا تكون الدولة قد ساهمت بالتعاون مع شركات الأدوية فى وجود حل جزئى للمشكلة لحين تعميم التأمين الصحى الكامل على جميع المواطنين فى مرحلة مقبلة.
نقلا عن المصري اليوم