بقلم: عـادل عطيـة
في مساء من ليالي الحاكميّة، رأى أحدهم ـ من باب الزلفى ـ: أن الرتب والنياشين العسكرية، لا تحمي حامليها من النقد، والثورة، حتى ولو كانت تُكشّر عن سلطانها، بألف نسر ودبّور؛ ففكر في أن يمنح هؤلاء اللذين ينقضّون على السلطة كالطيور الجارحة، ويقتنصوا من خلالها: الحريّة، والكرامة، والعدالة من حياة مواطنيهم، رتبة الأنبياء، والرسل، والمبعوثين من السماء؛ ليمارسوا شريعة الغاب باسم الله، فكان لقب: "الحاكم بأمر الله"!
لم ينتظر هذا اللقب طويلاً، فقد جاء إليه، مهرولاً: أبو على المنصور، الفاطمي!
والذي أتى بأعمال اضحكت الثكلى، وأبكت أبناء الأثمة؛ حتى عاش الناس في ليالٍ متعاقبة من صنعه، ولم يحاول يومًا أن يضيء لهم، ولو حتى بحماره المدعو: "قمر"!
ومع أن الرعيّة، اكتشفت أن هذا الجبار العنيد، كان يحكم بأمر ألوهية ذاته؛ إلا أن جرأة الحاكم الذي جاء من بعده، أعاد لهذا اللقب سطوته؛ فجاء الحاكم بأمر الله الأول، والحاكم بأمر الله الثاني!
لا أحد يريد أن يتعلم من التاريخ، سواء كان: أبيضًا، أو: أسودًا!
لا أحد يريد أن يكف عن تناول ثمرة: "بأمر الله"، المرّة كالحنظل، سواء كانت: فاطميّة، أو: عباسيّة، أو: حديثيّة!
مع أن التساؤل الذي يظل حاضراً، ونجابه به أولئك الذين يطالبوننا بالتصالح مع جماعة: "الحكم أو الموت":
ان كان الانجاز الوحيد للحاكم بأمر الله، أنه أعطى الثمرة التي لم يكن لها اسمًا، اسم: "ملوكيّة"، التي نعرفها الآن باسم: "ملوخيّة".. فكم يكون إنجاز غيره، ممن يريدون الحكم بأمر المرشد؟!...