بقلم: مايكل مجدي
لقد أعتدنا نحن المسيحيين على التعامل مع ألهنا بصورة من منطلق التعليم الروحى المقدم لنا من قادتنا الروحيين فى الكنائس ومع الأسف يستسهل الكثير من الأقباط الأستماع فقط لرجال الدين ولا يبحث أو يدرس الكتاب المقدس ليعرف من يعبدوا ومن جانب آخر ينحصر أيضاً فكر القادة الدينيين فى أطار الطائفة أى المدرسة الروحية التى ينتموا أليها وهم أيضاً مجال بحثهم محدود أو بمعنى أدق يتلقوا نتائج الأبحاث كما تسلموها من الذين قبلهم وباب الأجتهاد ضيق جداً قد لا يًسمح بالجديد فيه ولكن يسمح فقط بنتائج تؤيد ما سبق وبهذا يكون لائق البوح به والأعتراف به ، وأخص فى هذا المقال النظرة لأله الرحمة ونتجاهل عدله وقصاصة ونتجاهل قوله بنفس الكيل الذى تكيلون به يكال لكم ، وهذا بسبب كثره التعليم والتركيز على جوانب محددة فقط فى الذات الألهية مع أن الله سبحانه كل لا يتجزء ورحمه الله ومحبته لنى البشر لا تلغى أبداً عدله وحكمة لهذا الكون وهو ماذال ضابط الكل وحاكم الأرض الأصلى والأصيل ، ووجود فساد فيها لا يعنى فقدانه السيطرة عليها أو فقدان سلطانه عليها حاشا لله ومن كل قلبى أقول انى لا أشمت ولا أدعوا للشماته ولكنى أعلن حق.

    فى الواقع هذا ليس الموضوع الذى أريد التبحر فيه ولكنى أصطدمت به حيث أعلنت فكره أعتقدتها بمجهود فكرى ويظهر والله أعلم أنها لا تعجب كثير من المسيحيين وهى أن الله ليس هو كل ما نعتقده عنه ولكنه أكبر وأعظم من كل تصوراتنا وأنا نظرت من جانب واحد وهو العدالة الألهية ، وأختلف معى البعض عن هذا المفهوم .
    وقد جائتنى الفكرة أثناء متابعتى لأخبار بلدى الحزين هذه الأيام وكان خبر حوادث الطرق هو ما لمع أمام عينى حيث الأعداد وتقارب الفترة الزمنية بينه وبين حادث كنيسة القديسين فى الأسكندرية وراحت ذاكرتى تذكرنى بصور لحوادث لحقت بحوادث اضطهاد لمسيحيين أبرياء مثل الكشح وحرائق القرى المحيطة ، نجع حمادى وغرق عبارة السلام وفيضانات أسوان وسيناء ، كنيسة العمرانية ومسجد الشيخ زايد وسقوط مأذنه القليوبية وغيرها الكثير، وبدأت أفكر هل الله يمكن أن يحكم بعقاب وبإنصاف لأناس مظلومون وشعرت بأرتياح للأجابة بنعم ، وقد تكون هذه يد الله لأعلان الحق فى الأرض ما دام لا يعلنه من يملكون السلطان ورجعت للكتاب المقدس ووجدت ما يفيد فى ما أعتقد حيث وجدت 138 آية بها كلمة العدل الحرفية دون المرادفات وذلك بخلاف أيات القصاص والأنصاف وهذا مثال :

"حاشا لك ان تفعل مثل هذا الامر ان تميت البار مع الاثيم فيكون البار كالاثيم.حاشا لك.أديان كل الارض لا يصنع عدلا." تك 18: 25
"اقض لي حسب عدلك يا رب الهي فلا يشمتوا بي". مز 35: 24
" أدم رحمتك للذين يعرفونك وعدلك للمستقيمي القلب" مز 36: 10
" الرب مجري العدل والقضاء لجميع المظلومين. " مز 103: 6
" الشر يميت الشرير ومبغضو الصدّيق يعاقبون" مز 34: 21
" حسب الاعمال هكذا يجازي مبغضيه سخطا واعداءه عقابا.جزاء يجازي الجزائر." اش 59: 18
" وصرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى ايها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الارض. " رؤ 6: 10
وقد يرفض القارئ المنطق الطبيعى عن وجود أله حاكم وضابط ومجازى للساكنين فى الأرض ولو رفض أيضاً آيات الكتاب المقدس فليلق نظره على التاريخ المسيحى للكنيسة :
دقلديانوس : حكم فى فترة من 20 نوفمبر 284 م  حتى 1 مايو 305م  وفى تحولت سياسته ضد المسيحيين في اواخر حكمه، فاصدر دقلديانوس اربعة مراسيم فيما بين سنتى 302-305 م تحث على اضهاد المسيحيين، وقد شهدت هذه المراسيم حرق الاناجيل والكتب الدينية ومنع المسيحيين من التجمع وتحريم القيام باى صلوات أو طقوس دينية، وقتل كل رجال الدين المسيحى وصادؤ جميع املاك الكنيسة وانتهى هذا الاتضطهاد على يد الملك قسطنطين وسمى عصر الاضطهاد بعصر الشهداء ، وأصدر في مارس عام 303م منشورين متلاحقين بسجن رؤساء الكنائس وتعذيبهم بقصد إجبارهم علي ترك الإيمان ، كان وقع الاضطهاد شديدا على الاقباط في مصر لدرجة انهم اتخذوا من سنة 284 م وهو تاريخ تولية دقلديانوس الحكم بداية للتقويم القبطى . والقصاص الألهى وكان نهاية دقلديانوس أنه وهو جالس على كرسيه وقع على عينيه فدخل فيهما حديد وفقد بصره وتم نفيه إلى جزيرة بعيدة حتى مات هناك وهو ابن سبع وستون عاماً وكانت معها نهاية عصر الاستشهاد.
نيرون : نيرون أو نيرو (37 - 68) كان خامس وآخر إمبراطور الأمبراطورية الرومانية من السلالة اليوليوكلودية (من أغسطس حتى نيرون) (27 ق.م. - 68 م)وصل إلى العرش لأنه كان ابن كلوديوس بالتبنى وفي عصر نيرون كثرت المؤامرات والإغتيالات السياسية التي كان له يد في تدبيرها وكانت أمه "أجريبينا" إحدى ضحاياه وماتت وهى تلعن جنينها نيرون التي حملته في بطنها وأبلت به العالم، ومن ضحاياه أيضاً "أوكتافيا" زوجته الأولى وقد قام بقتلها أثناء أدائه مسرحية يحمل فيها صولجان فسقط من يده. مدحت أوكتافيا أدائه لكنها قالت له "لو أنك لم تسقط الصولجان فقتلها". ومن بعدها لم يتجرأ أحد من العاملين في قصره أن يعيب أي عمل له، وأيضاً قتل معلمه سينيكا، أما أشهر جرائمه على الإطلاق كان حريق روما الشهير سنة 64 م حيث راوده خياله في أن يعيد بناء روما، وبدأت النيران من القاعدة الخشبية للسيرك الكبير حيث شبت فيها النيران وأنتشرت بشدة لمدة أسبوع في أنحاء روما، وألتهمت النيران عشرة أحياء من جملة أنحاء المدينة الأربعة عشر، وبينما كانت النيران تتصاعد والأجساد تحترق وفى وسط صراخ الضحايا كان نيرون جالساً في برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق مع زوجته اليهوديه الذي خلب لبه وبيده آلة الطرب يغنى أشعار هوميروس التي يصف فيها حريق طروادة. وهلك في هذا الحريق آلالاف من سكان روما وأتجهت أصابع اتهام الشعب والسياسين تشير إليه إلى أنه هو المتسبب في هذا الحريق المتعمد، وتهامس أهل روما بالأقاويل عليه وتعالت كلماتهم وتزايدت كرهية الشعب نحوه، وكان لا بد له من كبش فداء أمام شعبه أما اليهود أو المسيحية الحديثة في روما، ولكنه رغم قناعته بأن زوجته اليهوديه ومن وراءها كانوا المحرضون على حريق روما إلا أنه اختار المسيحيه ككبش فدء لجريمته إحدى فألصق التهمة بالمسيحيين، وبدأ يلهى الشعب في القبض على المسيحيين واضطهادهم وسفك دمائهم بتقديمهم للوحوش الكاسرة أو حرقهم بالنيران أمام أهل روما في الستاديوم وفى جميع أنحاء الإمبراطورية حتى أن مؤهلات الولاة الذين كانوا يتولون الأقاليم هو مدى قسوتهم في قتل المسيحيين، وسيق أفواج من المسيحيين لإشباع رغبة الجماهير في رؤية الدماء، وعاش المسيحيين في سراديب تحت الأرض وفى الكهوف وما زالت كنائسهم وأمواتهم إلى الآن يزورها السياح.
وأستمر الاضطهاد الدموى أربع سنوات ذاق خلالها المسيحيون كل مايتبادر إلى الذهن من أصناف التعذيب الوحشى، وكان من ضحاياه الرسولان بولس وبطرس اللذان أستشهدا عام 68م. ولما سادت الإمبراطورية الرومانية الفوضى والجريمة أعلنه مجلس الشيوخ السنات أنه أصبح "عدو الشعب" فمات منتحراً في عام 68 م مخلفاً وراؤه حالة من الإفلاس نتيجة بذخه الشديد والفوضى من كثرة الحروب الأهلية أثناء حكمه ويزعم أن نيرون هو القيصر الذي أشار إليه سفر الأعمال في (أعمال 25 : 28) و(أعمال 26: 32) ولم ينته اضطهاد المسيحيين بموته وفى 68 م في نفس هذه السنة الذي قتل فيه الوثنيين في مصر مرقس الرسول قتل ، ومع تزايد وتيره الثوره وانحسار وهزيمة "نيرون" وفشله في اداره الأزمه انصرف عنه أصدقاؤه وحاشيته ولم يجد بدا من أن يهرب من قصره إلى كوخ بعيد لأحد خدامه الذين بقوا معه. وهناك كان يبكي كثيرا على ماوصل اليه وتذكر أمه وقال انها هي من جلبت عليه اللعنه. وظل مختبئا حتى شعر بأصوات سنابك الجنود تحوم حول المكان فما كان منه الا انه قرر أن يقتل نفسه, وبعد محاولات كثيره فشلت بسبب خوفه من الموت, قتل نفسه ومات الطاغيه.
وأشكر الله أن نيرون ودقلديانوس قد ماتا حتى لا يقتلانى لتفوهى بالحق  وقد يتسائل القارئ عن علاقة كل هذا التاريخ بواقعنا اليوم وأقول أن الله هو هو ولم ولن يتغير وعدله وقصاصة فى ميزان العدل الدائم وأترك هذه الفكرة لمجهود الباحث بأن يبحث حول كل حادث غدر بالأقباط فى عصرنا الحديث ويراقف الحوادث التى كانت بيد ألهية بحته ترد وتقتص من الظالم ولن أرصدها هنا الأن.

مهم جداً هنا التنويه عن دورنا وهو الصلاة والمطالبة السلمية بحقوقنا بطريقة مشروعة وقانونية مستخدمين الحكمة الحقيقية وليس الجبن المتنكر فى ثوب الحكمة وننتظر عدالة السماء قبل عدالة الأرض ويجب أن ننتبه أن الحكم والقصاص هذا دور الله وليس دورنا كبشر فنحن ألهنا ليس مثل ألهة الشعوب الأصنام  التى يدافعون عن ألهتهم بيدهم وأجرامهم ، فالله فى المسيحية ليس ضعيف حتى ندافع عنه حاشا لله فهو القوى وهو من يدافع عنا وليس العكس ، ودورنا كما يقوله الكتاب المقدس :

" لا تنتقموا لانفسكم ايها الاحباء بل اعطوا مكانا للغضب.لانه مكتوب لي النقمة انا اجازي يقول الرب ." رو 12: 19
" ان لا يتطاول احد ويطمع على اخيه في هذا الامر لان الرب منتقم لهذه كلها كما قلنا لكم قبلا وشهدنا. " 1 تس 4: 6
" وصرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى ايها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الارض. " رؤ 6: 10
من كل قلبى أصلى لسلامة بلادى من كل عنف وأضطهاد يفتك بها وأنتظر بلد أمن غنى بالحريات والتقدم.