على هامش منتدى(المواطنة والتعليم وحقوق الإنسان) حوارٌ هام مع الدكتور رؤوف هندي البهائي الشهير تناول العديد من القضايا
الاربعاء ٣٠ نوفمبر ٢٠١٦
أجـرى الـحوار شـيـرين أبـو النجا
على هامش منتدى (المواطنة والتعليم وحقوق الإنسان) والذي عُقِدَ بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر تحت رعاية المجلس القومي لحقـوق الإنسان كان لقاؤنا مع الدكتور رؤوف هندي البهائي الشهـير وعـضو مجلس الأقليات وقد تطرق الحوار لعـدة قـضايا هامة شملها المنتدى وقضايا أخرى تـمـس الأقليات المصرية سواء أكانت الدينية أوالعِرقية وكان سؤالنا الأول حول مداخلته في المنتدى.
فـقال الدكتور رؤوف أنه طالب وزارة التربية والتعليم وبمشاركة المؤسسات المعنية بترسيخ وتفعيل ثقافة المواطنة وذلك بإعداد مادة جديدة تسمى (التربية الوطنية وحقوق الإنسان) يتم تدريسها في مراحل التعليم الأساسي والعالي وهذه المادة تضمّن التعريف بماهية ومعنى حقوق الإنسان والإعلان العالمي والمعاهدات الدولية المتعلقة بها والتي وقّعت عليها مصر حتى يدرك الجميع اهمية وضـرورة تـقـبّل التعايش في ظل التعدد والـتنوع الثقافي والفكري والعـقائدي بين جميع المواطنين في شتّى المناحي والمجالات.
وأعرب عن امله أنْ لاتلقى المادة الجديدة نفس مصير مادة (التربية القومية)التي تُدرّس بشكل غير جدي مما خلق أجيالا بعيدة كل البعد عن روح الإنتماء للوطن بل طالبتُ بأن تكون المادة مادة رسوب ونجاح وتقييمها يجب ان يكون نظريا وشفويا وعمليا وأثني د.هندي كثيرا على الأستاذ علاءعابد عضو مجلس النواب ورئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس لتأييده ودعمه للمقترح.
وأضاف الدكتور رؤوف انه طالبَ باستحداث مادة (الكمالات الإنسانية) ُتدّرس بدون تـفـريق أوتمييز أو فصل بين الطلاب وخصوصا في مرحلة الطفولة والنشأ لترسيخ القيم الإنسانية العليا في جوهـرالـنشأ وهي الـحق والخير والجمال بما يشمله من قوى ناعمة رائعة تستطيع خلق اجيال جديدة تتذوق الفنون التي لها عظيم الأثر في إمكانية تغيير العقل الجمعي وتحديث لغة الخطاب المجتمعي الذي مال مؤخرا نحـو العنف والـقـبح نعم هناك مفهومان الأول هو(مواطنة التعليم)والآخرهو(تعليم المواطنة)فالمفهوم الاول يفرض علينا أن يكون منهج التعليم نابعا من هوية مصرالتاريخية الحضارية وكيف أنها حضارة أنارت وجنة العالم الإنساني وألانسمح للثقافة السائدة لتلك التيارات المتخلفة الظلامية والدخيلة علي مجتمعنا في غفلة من الزمن أن تؤثرفي هويتنا المصرية التي أجازت وأباحت التعدد والتنوع الحضاري والثقافي على مر تاريخ مشرق إمتد لما يـزيد عـن السبعة آلاف سنة وهذه الثقافة الظلامية الدخيلة هي التحدي الأكبر لتحقيق المفهوم الثاني الهام ألا وهو(تعليم المواطنة)بكل قيمها الإنسانية من تعـايش ومساواة وعدالة وتصالح مع النفس والآخرين فندرك اننا لانعيش بمفردنا على هذا الكوكب الأرضي بل عـلينا إحترام الآخر والقبول به في ظل منظـومة إنـسانية تحميها مواثـيق دولية ومعاهدات عالمية وهذا كله حين يتم إدراكه واستيعابه منذ مرحلة النشأ سيأخذنا وبسهولة (للـمواطـنة العالمية) فيجب علينا بل وليس امامنا من خيار سوى مواجهة هذه التحديات الظلامية التي هبت علينا والوافدة من الخارج بما تحملة من سمات هي ليست في الأساس في مقومات الشخصية المصرية.
وفي سؤال عن عما يردده البعض من ضرورة تطبيق النظام العلماني بمصر وتعارض ذلك مع ثوابت المجتمع الدينية قال الدكتور رؤوف علينا أن نفهم اولا مالمقصود بمصطلح العلمانية.فالعلمانية وقبل أن تكون أحد مكونات وأسس الديمقراطية الأربعة هي سـلوك إنساني متحـضّر راقي باتت مبادئها ضرورية لنهضة أي مجتمع فـهي تكفل الحريات وترّّسخ قيم التعدد والتنوع الثقافي والفكري والعقائدي والعلمانية لاتلغي الدين كما يدعي البعض بل العكس تماما العلمانية تحرر الدين من الإستغلال والأستبداد وتحرر المؤمنين والغيرمؤمنين من عبودية أدعاء البعض بأنهم يملكون مفاتيح الجنة والنار لتسكين البشر فيها والعلمانية تؤكد على أن العلم والقانون هي المعايير الوحيدة لتقييم المواطن والعلمانية تقف على مسافة واحدة من جميع المعتقدات ويتم فيها تماما فصل الدين عن إستراتيجيات الدولة التعليم والإعلام والأقتصاد والسياسة ولنأخذ الهند مثلا وهي التي يوما ما كانت شريكتنا أيام نهرو العظيم فأين نحن الآن وأين الهند التي باتت في صدارة وطليعة المشهد العالمي إقتصاديا وسياسيا وعلميا على الرغم ان الهند بها 1652 دين وعِرق وبها 1677 لهجو ولغة ولكن بفضل غاندي العظيم مؤسس الهند الحديثة والتي وضع للهند فلسفة خاصة باتت على أثرها في صدارة المشهد فهو رائد ومؤسس الساتياغراها والتي تعـني نبذ العنف المجتمعي وأكد على احترام جميع العقائد وأسسَّ لقيمة التنوع والتعدد وفصل الدين تـماما عـن إستراتيجيات الهند وأكد أن القانون والعلم هي معايير تقييم المواطن أما دينك أومعتقدك فهو في منزلك أو دور عبادتك خلال منظومة قانونية صارمة تـحترم تعايـش الجميع وفي رأيي أن تلك الـقيم وبعضّ النظرعن مسماها باتت لامفر من تطبيقها إذا أردنا نهضة الوطن.
وفي سؤال بخصوص حفل أفتتاح (مشرق الأذكار البهائي) بسنتياجو شيلي والذي تم في اكتوبر 2016وماذا يعني وإلى ماذا يشير هذا المكان؟ قال الدكتوررؤوف نعم تم إفتتاح مشرق أذكار بشيلي خلال حفل تدشين عالمي في الفترة من 13 إلى 16 أكتوبر 2016 ويـشير ويدل مصطلح مشرق الأذكار في الدين البهائي إلى مؤسسة روحانية وإنسانية ذو خدمات إجتماعية متنوعة ومترابـطة أي انه مجمّع أبـنية ومؤسسات مكرّسة لحُسنْ رقي المجتمع روحانيا وإجتماعيا ويوفر حاجات تربوية واجتماعية فيـحتوي مثلا على مركز للعبادة وعيادات طبية وصيدلية ودار للأيتام والعجزة ومراكز تدريب أجتماعية وحرفية للإرتقاء بمستوى البشر ويوجد مشرق أذكار في كل قارة وآخرفي جزيرة ساموا وفي شيلي الآن احدث مشرق أذكار تم إفتتاحه ومشارق الأذكار تـفتح أبـوابها أمام جـميع الناس ويستـفـيد من خدماتها المجتمعـية والروحية جميع البشر بدون تفريق أو تمييز وبغضّ النظر عن أديانهم اومعـتقـداتهم فهدفها الأساسي هـو تدعيم اواصر الوحدة والأتحاد بين أبناء البشر وهو مكان للدعاء تُقرأ وتُتلى فيها الكتب المقدسة من خلال ترتيل هادئ وقور بتأمل وتفكر مع احترام كامل لكل التنوع والتعـدد في جو روحاني يسمو بالوجدان ويكرّس لمفهوم المحبة والأتحاد بين البشر ومشارق الأذكار البهائية ذات طبيعة هندسـية ومعمارية خاصة ومميزة محاطة بالحدائق والممرات المائية البديعة وفي المستقبل عندما يمتلك كل مجتمع مشرق أذكار ستكون إحدى سمات حياة المجتمع الروحية والإجتماعية فاجتماع الناس وقـت الأسحارأي بين الفجر وبعد شروق الشمس بساعتين للدعاء معا وكل بلغته ومعتقده وبما يؤمن من أيات والجميع في غاية الوقار والخشوغ سينعكس ذلك المشهد الراقي على حياتهم وسلوكهم .
وقد استطلعنا رأي الدكتور رؤوف عما تردد عن وجود خلاف ولأول مرة بين اعـضاء مـجلس الأقـليات بخصوص طلب المحمكة الأفريقية من مصر سرعة التوقيع على البروتوكول الخاص بالمحكمة.
فقال لايوجد خـلاف بين اعـضاء مـجلس الأقليات وتعدد الرؤى داخل المجلس ظاهرة صحية ولاتدعوللقلق وكل ماهناك أنه لم يتم حتى الآن بحث الموضوع بمجلس الأقليات ولذا فالمجلس لم يستقر حتى الآن على رأي أو رؤية بخصوص طلب المحكمة الأفريقية لمصربسرعة التصديق على بروتوكول المحكمة وأن ماصرّحت به الدكتورة كامليا يحمل وجهة نظرها الشخصية وهي رؤية بلاشك لها كامل التـقـدير والأحترام وانا أرى ضرورة التريث والدراسة المستفيضة والتشاورمع متخصصين في القانون الدولي للإستقرارعلى رأي يحفظ قـيمة مصر الحـضارية امام العالم وفي ذات الوقـت يفوّت الفرصة على من لديهم سوء نـيّة تجاه مصر ولاسيما في ظل الظروف الإستثنائية والصعبه التي يمر بها الوطن .هذا وقـد علمت مصادرنا المطلعة أن الخارجية المصرية تدرس بجدية واهتمام مقترح قـيّم كان قد عرضه الدكتوررؤوف في منتدى الحريات في إفريقيا وقد تقـوم بتفعـيله وقد رفض هندي التعقيب على ذلك إلا أنـه قال أن موضوع تصديق مصر على بروتوكول المحكمة الأفريقية شائك ويحيط به مشاكل قانونية وسياسية متشعبة وقد يتطلب جهات سيادية لحسمه.وقبل نهاية الحوار أكدَّ هندي على نقطتين هامتين حيث قال أن تغيير العقل الجمعي للمصريين نحو الرقيّ والحداثة هي قضية مصير وبقاء لوطن من أجل خلق مجتمع متسامح لديه القدرة على التعايش وقبول الأخر في ظل التعدد والتنوع الفكري والثـقافـي والديني في إطار منظومة قانونية تفرض إحترام الجميع لبعـضهم البعـض ومن هنا فتطوير المنـاهـج التعليميـة بما يتلائم مع مفردات ولغة العصر وإحياء قيمة الدور الفعال لقصور الثقافة في المحافظات وإحياء قيمة القوى الناعمة المصرية كلها عوامل فاعلة ومؤثرة في تغيير ثقافة المجتمع ومن ثم تغيير لغة الخطاب المحتمعي ليكون مجتمعا قادرا على التعايش والإبداع في ظل تنوع الأسـرة المحلية ومن ثم الأسرة الإنسـانية.
وفي نهاية الحوار الثري توجهنا بالشكر للدكتور رؤوف هندي على وعـدٍ بلقـاء أخر مع مطلـع الـعـام الجديـد.