بقلم: د. جورج شكري
كتب عديدة وكتاب عديدون حدّثونا عن الآخر ..مَن هو؟ و كيف نتعامل معه؟..من اختلف عنى فى دين أو جنس أو لغة أو لون أو عرق أو فكر هو آخر بالنسبة لى.
أما عن كيفية معاملته، فالجدال يطول و الحلاف باقٍ. فهذا ينادى باحترام الآخر و ذاك يطالب بتجنبه و آخر يطالب بمقاطعته.
اختلف الجميع تجاه الآخر بين دفتى الحب و القتل، بيد أن الجميع اتفقوا بإصرار على أنه آخر بالنسبه لى!!! لأنه مختلف عنى فى شئٍ ما –ليس صورة كربونيه منى-، لا يجب إذن أن أعامله معاملة من يشبهنى فى كل شئ!!!

يقتل الآخر فى بلد آخر فلا أهتم و لا أتاثر و لا أتألم فهو آخر .. و يتدور الآخر جوعًا فى مكانٍ آخر فلا أبالى و لا أتأوه فهو آخر .. يظلم الآخر .. يهان الآخر .. يجرح الآخر .. أو ربما يفرح .. فلا أفرح .. فهو آخر .
عجيبة أنت يا ثقافة الآخر !!! و عجيب أيضًا من يروج لك !!! أليس الآخر إنسانًا؟!!! أليس الآخر عمل إلهى؟!!! ألم يهبه الحياة مثلى ؟!!! عاقلاً مثلى و حرًا مثلى ؟!!! له الحق أن يختار كما يشاء و لله وحده حق الحساب .فمن ذا الذى يجرؤ أن يغتصب حقوق الله؟!!! و يحاسب إنسان مثله؟!!! مساويًا له فى إنسانيته و لو اختلف معه فى كل شئ.

وغائبة أنت يا ثقافة الاختلاف و مدفونة أنت يا ثقافة الإنسانية، فقد روجنا جميعًا لثقافة الآخر .. غير أن الوقت قد بات سانحًا الآن أن نروج معًا لثقافة الإنسانية، فكلنا بشر بمشيئة إلهية خلقنا.. كلنا صناعة الله.
لنتعلم أن نتألم من أجل الإنسان (أى إنسان.. كل إنسان)، فلنتألم من أجل جوعى أفريقيا الذين لا يملكون ما يذهب جوعهم كل مساء. من أجل فلسطينية فقدت أبيها. من أجل عراقى فقد وطنه. من أجل ضحايا فيضانات أستراليا و من أجل مصرى لا يجد أمانًا فى بلده .. لنتألم من أجل الإنسان و الأوطان.
وإن كان لابد لنا من آخر .. ليكن الاخر هو كل مَن يرفض الإنسان .. من يقتل الإنسان .. من يدمر الأوطان.