نجيب محفوظ فى ميت أبوغالب!
مقالات مختارة | حمدي رزق
السبت ٣ ديسمبر ٢٠١٦
هل من قبيل الصدفة أن ينتمى محمد خضير أبوالفرح المحلاوى، المتهم الثالث فى محاولة اغتيال الأستاذ نجيب محفوظ، إلى كفر ميت أبوغالب، الذى يتبع مدينة ميت أبوغالب، التى ينتمى إليها النائب أبوالمعاطى مصطفى الخضرجى دنيا، الذى يطالب أخيراً بحبس نجيب محفوظ فى قبره بتهمة خدش الحياء؟!
يفصل بين القرية ميت أبوغالب والمدينة كيلومتر واحد، والكفر والمدينة من أعمال كفر سعد فى دمياط، ويفصل بين محاولة الاغتيال الأولى فى أكتوبر 1994 ومحاولة الاغتيال الثانية، الأسبوع الماضى، 22 عاماً مرت، ولم تتغير بعض العقليات، ولا تزال فتاوى تكفير نجيب محفوظ تنتج أثراً فى نفوس البعض، ويعبرون عنها كراهية للأديب العالمى، الذى كان عنواناً للتسامح، حتى مع المتهم الثانى عمرو إبراهيم، واستنكف إعدام المتهمين الأول «محمد ناجى» والثالث «محمد خضير»، ورأى أن إعدامهما كان قاسياً.
نجيب محفوظ يتكرر فى ميت أبوغالب، يقينا هى من قبيل الصدفة، ولكن كما يقول العلامة زكى نجيب محمود هناك أيضا قانون للصدفة، ينظم الصدف فى سياق، فلا تأتى الصدف فرادى منفصلة، الصدفة المكانية تتجسد هنا فى ميت أبوغالب، وميت أبوغالب براء مما يأفكون.
الأول «خضير» مكفراتى خطط لاغتيال العم نجيب فى منزله، وتَزَعّم خلية عين شمس التكفيرية لقتل أديب نوبل، وطالت سكينه القذرة رقبة الأستاذ الضعيفة، وتركته ينزف عمره، وعجّلت بمرضه فرحيله تاليا، لم يسترد عافيته بعدها أبداً، والثانى «أبوالمعاطى»، نائب فى البرلمان، استبطن كراهية الأستاذ نجيب فى قرارة نفسه، ونام على ثأر من أعماله، وتَحَسَّر طويلاً على أنه لقى ربه قبل أن يحبسه بتهمة خدش الحياء، فطفق يهدد بحبس ذكراه فى مخيلة محبيه وتلاميذه وحرافيشه، الاغتيال الثانى للأستاذ نجيب كان على الهواء مباشرة.
القاتل المجرم أبوالفرح المحلاوى لم يفلت بجريمته، وتم إعدامه بعد محاكمة عسكرية فى عام 1996، ودُفن فى دمياط، والثانى النائب تزعم خلية خدش الحياء، وللأسف اتَّهم الأستاذ، وأفلت بجريرته وعاد إلى مقعده فى البرلمان مغتبطاً مسروراً يُشَرِّع فينا، أفلت حتى من المحاكمة الشعبية، واكتفت جبهة الإبداع ببيان، ولم تُلحقه ببلاغ يُلجمه ويُوقفه عند حده وآخرين، بعد تطاولاتهم على الإبداع والأدب والرموز المصرية المُحَلِّقة عالمياً.
يقينا ميت أبوغالب القرية والمدينة براء مما يفعله الظالمون بالأستاذ وذكراه قديماً وحديثاً، الأرض واحدة والنبات ألوان، ولا يسىء لسمعة ميت أبوغالب خروج إرهابى من أعطافها ليقتل الأستاذ نجيب، لم يَدْرِ بفعلته الخسيسة أحد، ولكن القرية والمدينة يقينا هذه المرة سمعتا نائبهما الموقر وهو يتهم الأستاذ نجيب بخدش الحياء، ويطالب بحبسه فى قبره.
وعليه فإن ميت أبوغالب عليها أن تنظر ملياً فى الأمر، هل هذا النائب عنوانها المفضل، هل هذا ممثلها المؤتمن فى البرلمان، هل يُلصق بميت أبوغالب محاولتين لاغتيال أديب نوبل.. هذا لا يُرضى كبار ميت أبوغالب ومتعلميها ومثقفيها.
إصرار النائب أبوالمعاطى على أقواله فى حق الأستاذ «نجيب» ورفضه تقديم اعتذار يؤكد أنه مُصِرّ على الإهانة ومُقِرّ بفعلته، وإذا كان هذا النائب الذى أهان درة مصر الروائية يشين وجه ميت أبوغالب بصلفه فعليها أن تغسل وجهها من فعلته، فإن استمراره فى البرلمان بعد إهانة الأستاذ نجيب يُنقص من قيمة وقدر البرلمان ومخصوم منه ومحسوب عليه.
شكلانيا لم يرتكب النائب مخالفة تستأهل حسابه برلمانياً، ولكن حسابه هنا على تهمة إهانة البرلمان، عندما يخرج نائب من البرلمان يحمل اسم البرلمان على الشعب يتهم أديب الشعب نجيب محفوظ بخدش الحياء ألا يشكل هذا إهانة للبرلمان، ألا يسىء إلى سمعة البرلمان، ألا يُهدر صورة البرلمان فى الأنظار؟.. استمرار هذا النائب فى البرلمان عار على البرلمان!!.
نقلا عن المصري اليوم