الراجل دا إخوان..!
مقالات مختارة | د. محمود خليل
الأحد ٤ ديسمبر ٢٠١٦
ما هذا الزمان الذى نعيش فيه؟. سؤال أطرحه بمناسبة تعليق اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد على شكوى مواطن من ارتفاع سعر كيلو السكر إلى 14 جنيهاً بعبارة «الراجل دا إخوان». الفيديو الذى ينقل الواقعة يؤشر إلى مواطن يتحدث بلكنة بورسعيدية قحة، يشتكى مما يشتكى منه كل الناس فى مصر. العجيب فى الموقف رد المحافظ، حين أقسم أن هذا المواطن إخوانى وأن كيلو السكر فى بورسعيد 7 جنيهات فقط، وعندما عرض المواطن عليه أن يصحبه إلى البائع الذى اشترى منه السكر بـ14 جنيهاً، طلب المحافظ من إحدى الرتب الشرطية التى كانت تقف خلف المواطن مصاحبة هذا الإخوانى إلى حيث يشير!. يعكس تعليق المحافظ أمرين، أولهما غلبة العقلية الأمنية والمباحثية على العديد من المسئولين، وثانيهما إصرار الحكومة على مواصلة تعليق الفشل فى الأداء فى رقبة الإخوان، فى محاولة مضحكة لتبرئة ساحتها.
العقلية الأمنية بدت فى مبادرة المحافظ إلى اتهام المواطن بالانتماء إلى جماعة محظورة. ولست أدرى هل الاتهامات تلقى هكذا، هل يمتلك المحافظ «الغضبان» ملكة تمكنه من اكتشاف الإخوان من خرائط وجوههم أم أن الإخوانى مكتوب على وجهه ومقدور على لسانه أنه إخوانى؟!. وما معنى أن يواجه المحافظ شكوى مواطن بهذا الأسلوب المباحثى؟. وماذا لو تم فحص حالة هذا المواطن وثبت أنه غير منتمٍ فكرياً أو تنظيمياً إلى جماعة الإخوان؟. ماذا سيكون موقف المحافظ وكيف سيكون الموقف منه؟. هذه العقلية التى تفتش فى ضمائر البشر، وتنظر إلى المواطن على أنه متهم حتى تثبت براءته، تحكم تفكير العديد من المسئولين، وتعزلهم عن المواطنين. هذا منطق مسئولين لا يريدون حل المشكلات، لأن المسئول الذى يواجه بمثل هذه المشكلة عليه أن يعطى تعليماته فوراً إلى من يعملون معه لإعداد تقرير عاجل ناجز عن سعر السلعة ومستوى توافرها فى الأسواق. زمان كان المسئول يتنكر وينزل بين الناس ليتفقد أحوال الرعية. وهى تجربة أهديها إلى المحافظ، فليختر اليوم الذى يريده ويتنكر وينزل وسط الناس باحثاً عن كيلو سكر، وأرجو لو وجده أن يفيدنى بمكان من يبيعه حتى ولو كان بـ14 جنيهاً!.
الأمر الثانى الذى يستحق التوقف أمامه يتعلق بتلك الشماعة التى تصدرت دولاب الدولة طيلة السنوات الماضية والتى تعزى الفشل فى الأداء إلى جماعة الإخوان. هذا الكلام كان ينطلى على المواطنين فيما سبق، لكنه الآن لم يعد «يوكل عيش»، ولا يزن شيئاً فى ذمة أحد. العلة فى فشل المسئولين، وذلك لسببين، الأول أن الإخوان حكموا البلد لمدة عام وأثبتت التجربة عجزهم البين عن النهوض بأمانة الحكم، والثانى أن كثرة الحديث عن دور الإخوان فى إفشال الدولة يمنحهم أكبر من حجمهم بكثير، وأخشى أن أقول إن هذا الكلام يعد أكبر دعاية لصالح الجماعة، ويمنح دعاة التصالح معها -فى الداخل والخارج- أكبر سند يمكن أن يتعللوا به، حين يدعون إلى مصالحة بين الإخوان والنظام، احتكاماً إلى قاعدة ما لم تستطع تحقيقه فى الحرب، اجتهد فى إنجازه على مائدة المفاوضات!.
نقلا عن الوطن