تعرف على حمزة بسيوني بعبع السجن الحربي.. الرجل الطيب ذو الوجه البريء وكيف كانت نهايته؟
أماني موسى
الأحد ٤ ديسمبر ٢٠١٦
كتبت – أماني موسى
اللواء حمزة البسيوني مدير السجن الحربي بعهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، نورد بالسطور المقبلة بعض المعلومات عن حياته.
- نشأ حمزة وسط عائلة البسيوني الشهيرة بمصر، وتخرج في الكلية الحربية وانضم إلى تنظيم الضباط الأحرار ليشارك في ثورة 23 يوليو 1952 وهو برتبة رائد.
- كلف بإدارة السجن الحربي في عهد جمال عبد الناصر قبل أن يطلق الرئيس محمد أنور السادات سراح المعتقلين.
- كان السجن الحربي سيئ السمعة لما اشتهر به بالتعذيب الذي كان يمارس فيه ضد السياسيين المشكوك في ولائهم للنظام.
- بعد أيام من نكسة 67 صدرت قرارات تصفية رجال عبد الحكيم عامر في مصر وصدر قرار بإحالة البسيوني علي المعاش ثم القبض عليه والتحقيق معه فيما هو منسوب إليه من انحرافات، ووُضع مع بعض ضحاياه.
- يقول الكاتب الصحفي صلاح عيسى والذي ألتقى حمزة البسيوني وهو مسجون في سجن القلعة "كان حمزة البسيوني هو الشخصية الثانية البارزة التي رأيتها في سجن القلعة عندما عدت اليه للمرة الثانية في ربيع 1968 وكانت تهمتي هي المشاركة في مظاهرات طلاب الجامعة (...) كنت أتلصص ـ كالعادة ـ من ثقب زنزانتي رقم 3 بمعتقل القلعة وكان الزمن يومًا من بداية صيف 1968 حيث شاهدت رجلاً وقورًا شعره أبيض كالثلج يتهادى في الممر في طريقه إلى مكاتب الادارة وخلفه أحد المخبرين وكان الرجل يحاول ان يستشف ما وراء ابواب الزنازين المغلقة, وصاح المخبر فيه: بص قدامك يا سيد.. امتثل في رعب للأمر, وحث خطاه حين مر امام زنزانتي فلم يتح لي وبعد ساعتين من الانتظار مر الرجل امام باب زنزانتي, وكان واضحًا أنه استدعى لكي يلتقي بزوار جاءوا لزيارته في السجن, إذ كان يحمل أكياسًا من الفاكهة يقضم واحدة منها وخلفه المخبر يحمل حقائب واكياسًا متعددة.. في هذه المرة استطعت ان اتبين ملامحه لاكتشف ان له شاربًا ناصع البياض مشذب بعناية وبمادة مقواة وكان ذلك كتيفًا لكي يطمئن قلبي, لأن ابي لم يكن ـ منذ شبابه ـ يربي شاربه! فيا بعد رأيت الرجل العجوز كثيرًا ذات ظهيرة انتهز فرصة مروره أمام زنزانتي, متقدمًا عن المخبر الذي كان مرتبكًا لثقل ما يحمله من أمتعة, ليقول لي بصوت هامس: أنا اللواء حمزة البسيوني.. أنت مين؟ وقبل ان أفيق من دهشتي, دهمنا صوت المخبر, وهو يصيح فيه: وبعدين.. امشي من سكات, فإذا به لذهولي الشديد يستجيب للإنذار بخوف, وهو يحاول ان يترضي المخبر بكلمات نفاق! بطريقة الفوتو مونتاج في الأفلام السينمائية تتابعت على شاشة رأسي صور خاطفة لمشاهد مما سمعته من المعتقلين عما فعله بهم حمزة البسيوني, سياط تمزق جلودًا وصفعات تصافح أصداغًا وقبضات تعوج أفكاكًا, وأجساد تسحل بحبال خشنة على أرض صخرية, أو تسحب رجال من خصيِّهم. يا ألطاف الله الخفية, أهذا الرجل ذو الوجه الطفولي البريء الذي أحببته واعتبره صورة من أبي هو اللواء (حمزة كينج كونج) الذي يزدحم ملفه بكل تلك المشاهد التي لا يتحمل أي إنسان مجرد رؤيتها, فكيف تحملها الذي أوقعت به, وكيف استطاع الذي فعلها ان يفعلها, ثم أين ذهبت هذه القسوة؟ والرجل الذي كان إلى شهور قليلة مديرًا للسجون الحربية, ما كاد يتحول إلى سجين, حتى أصبح كالفأر المذعور, لا يستطيع ان يعامل مخبرًا صغيرًا, كان على قمة الهرم الذي يجلس إليه مئات من أمثاله في سطحه إلا بذلك القدر الكبير من التذلل والضعف".
- في يوم 19 نوفمبر عام 1971 الموافق الأول من أيام عيد الفطر المبارك كان حمزة مسافرًا من الإسكندرية الي القاهرة ومعه شقيقه راكبًا الي جواره واصطدمت سيارته بإحدى السيارات المحملة بحديد مبان ومات حمزة وشقيقه وتعرضت جثته للتشويه نتيجة دخول عدد من الأسياخ الحديد
فيها.
- يقول ثروت الخرباوي عن المستشار خيري رئيس محكمة الاستئناف السابق ما حكاه بشأن معاينته لجثة حمزة البسيوني حيث يقول عن الحادثة "كانت حادثة مروعة وكنت وقتها رئيسًا لإحدي النيابات في محكمة كلية وخرجنا أنا وزميل لي في مهمة قضائية لمعاينة الحادث ومناظرة الجثة .. دلت المعاينة وشهادة الشهود علي أن سائق السيارة القتيل كان يقود سيارته بسرعة غريبة وكانت أمامه سيارة نقل مُحملة بأسياخ الحديد التي تتدلي من مؤخرة السيارة ودون أن يتنبه استمر في سرعته حتي اصطدم بالسيارة النقل وحينها اخترقت أسياخ الحديد ناصية القتيل ومزقت رقبته وقسمت جانبه الأيمن حتى انفصل كتفه عن باقي جسده"، وبتأثر واضح قال المستشار خيري: "لم أستطع مناظرة الجثة فقد وقعت في إغماءة من هول المنظر وقام زميلي باستكمال مناظرة
الجثة".