بقلم: صموئيل تاوضروس
على ضفاف أنهار الغربة جلست، إنشغلت عن القضية القبطية، إنشغلت عن أنبل القضايا، فترت همتي. إهتممت بكل ما هو غير هام. غيبتني مشاغل الغربة عن قضية الحياة والموت. علقنا قيثاراتنا، عطلنا جهود بعضنا البعض. حقاً ما أحوجنا لمايسترو ينسق بين عزفنا على آلات العمل القبطي. تضاربت نغماتنا فلا مجلس يجمعنا ولا مايسترو يقودنا ولا نوتة موسيقية نتبعها. علق بعضنا قيثاراتهم حتى يخف الضجيج.

لكن لم ولن نكسر قيثاراتنا أبداً بل علقناها على أمل العودة للعزف.

بكيت عندما تذكرت شهداءنا في الاسكندرية ونجع حمادي وأسيوط وفي كل بقعة في أرض مصر. إضطهاد وثني ثم فارسي ثم كاثوليكي ثم إسلامي. عصر الشهداء لم ينتهي بعد. صرنا نستعد بعد كل مذبحة لمذبحة جديدة. سبوا فتياتنا القاصرات وحرقوا منازلنا ومتاجرنا وسياراتنا. قاموا بتهجيرنا من ديارنا وإغتصبوا حقوقنا في الوظائف والعبادة بعد أن حرمونا من حق الحياة الكريمة المتساوية مع الاخرين.

قتلة الأقباط قالوا لنا أن نعزف لهم مقطوعات الوحدة الوطنية. قالوا غنوا للنسيج الواحد. للحزب الواحد، للحاكم الواحد. الذين غزونا قالوا لن نعطيكم تصاريح لبناء كنائس لأن الكنائس في شرعهم هي دار معصية مثلها مثل دار لشرب الخمر أو دار لتربية الخنازير. الذين سبونا قالوا سنأخذ بناتكم وأبنائكم وعلينا نحن الأقباط أن نتغنى بسماحة المجرمين.

كيف نصمت عن الدفاع عن إخوتنا في مصر؟ كيف نخالف وصايا الرب الذي أوصانا أن ندافع عن المضطهدين والمظلوين؟  كيف نخالف ضمائرنا ونكذب ونخون دماء شهدائنا؟ وبأي تبريرات عقيمة وشريرة نبرر الصمت والتهاون؟

جميعنا رأينا الحكومة المصرية سكرى من دماء الضحايا الأقباط. رأينا الحكومة المصرية تحمل كأساً مملوءة من دماء الأقباط الذين قتلتهم والذين شجعت على قتلهم والذين تهاونت في معاقبة قتلتهم. رأيناها سكرى تترنح من كثرة الشر وتقول القاتل مختل العقل. رأيناها من كثرة ترنحها بالسكر تعطي أحكام البراءة تارة وتارة جلسات "صلح". راينا على جبهة الحكومة المصرية مكتوب "أم كل إضطهاد، وأم كل ظلم وأم كل فساد".

إن نسيتك أيتها القضية القبطية تنسى يميني، ويلتصق لساني بفمي إن لم نطالب بحق الأقباط في بناء الكنائس في وطنهم مصر، إن لم نفضل العمل من أجل المضطهدين والماسورين والمظلومين.

أذكر يارب صيحات جنود الأمن المصري يقولون "الله أكبر" وهم يضربون الأقباط وهم يشمتون في الاعتداءات على الأقباط. أذكر يارب أن الأمن المصري والحكومة المصرية هي التي شجعت على كل الاعتداءات على الأقباط. أذكر يارب تحريض الاعلام الكاذب الذي إدعى أن الأقباط يخزنون الأسلحة للاعتداء على المسلمين. الحكومة المصرية هي التي صمتت على كل الاتهامات الكاذبة التي قالت أن الكنيسة تقوم بإحتجاز سيدات رغما عن إرادتهم.

أيتها الحكومة المصرية الشقية. يا بنت المادة الثانية من الدستور، طوبى لمن يحافظ على شعبك يا مصر، طوبى لمن يحافظ على أرضك ونيلك وسمائك. طوبى لمن يستمع لوصايا الرب ولنداء الضمير. طوبى ثم طوبى لمن ينزع الشر منك يا مصر. طوبى لمن ينزع وصايا القتل والارهاب والاجرام منك يا مصر. طوبى لمن يعيدك إلى مرتبتك الأولى طوبى لمن يردك يا مصر للمسيح.

أقتبس هنا كلمات ترنيمة "يا عيون الرب السهرانة"

ياعيون الرب السهرانة طلي على مصر
دليها وهي حيرانة دليها لبر

لا صنم ينفعها ولا شمس لاقمر ولا جني ولا إنس
مين ينهي آلام الملايين ويرسي على بر أمين

يا عيون الرب السهرانة طلي على مصر


يا ذراع الرب الأبدية اتمدي لمصر
أعاديها جهل وقدرية في صراع الدهر

أسحار وغواية وضلال حطوا رجليها في أغلال
مين يهدي خطاها للنور ويفك الشعب المأسور

يا ذراع الرب الأبدية اتمدي لمصر

يا سواقي الرب المليانة فيضي على مصر
اروي اراضيها العطشانة وازرعي في القفر

حولي صحاريها لجنات بدلي لعناتها لبركات
اروي اراضيها بأنهار ويصير اهاليها أبرار

ياسواقي الرب المليانة فيضي على مصر

يا وعود الرب نطق بيها بالبركة لمصر
كوني نور يبدد لياليها كوني بسمة وفجر

حول يا الهنا الآهات لأغاني تعلى بهتافات
بدل احزانها لأفراح خليها تسعد ترتاح

ياعيون الرب السهرانة طلي على مصر