بقلم: صموئيل عازر دانيال
رُوِّعت البلاد في مطلع هذا العام 2011 بالمذبحة الغادرة التي حدثت في كنيسة القديسَيْن البابا بطرس والقديس مار مرقس مُخلِّفة وراءها من القتلى 28، ومن الجرحى 79، غير الحزن والأسى والغضب لدى كل العالم وليس مصر وحدها ولا الأقباط وحدهم.
- والسؤال: المسيح الكائن داخل كنيسته، عمانوئيل الله معنا، المسيح رأس الكنيسة وأساسها الراسخ، وهو الحيُّ داخل كل مبنى كنيسة، الذي يعطى فيها من جسده ودمه الأقدسَيْن غفراناً للخطايا وحياة أبدية لكل مَنْ يتناول منه، المسيح أين هو من هذه المذبحة؟
- أولاً، وبادئ ذي بدء، يجب أن نعرف أن الموت، في نظر المسيح وبعد تدبير تجسُّده وموته وقيامته من بين الأموات، لم يَعُدْ مُرُعباً للمؤمنين يهرب منه الإنسان، بل صار موهبة وعطية من المسيح للإنسان لكي يَعْبُر من خلاله إلى فردوس النعيم، إلى الحياة. فما بالك إن كان موته أو موتها شهادة للرب يسوع المسيح القائم من الأموات، فهذه هي النعمة التي نالها هؤلاء الشهداء والشهيدات في ليلة العام الجديد 2011.
- فالمسيح الذبيح علي الصليب صار يستقبل المذبوحين علي اسمه، والذين تناولوا من ذبيحته الكفارية علي الصليب في سر التناول من الجسد والدم الأقدسين. يستقبلهم في حضنه ويختم علي دمائهم بدمه، أما أجسادهم المتناثرة مثل جسده الذي تمزَّق علي الصليب، فسوف يجمعها الله مرة أخرى في مجيئه الثاني ويقيمها جسداً جديداً مُمجَّداً، إلى قيامة حياة أبدية. وكل جرح أو تشويه فيها سيتحوَّل في جسد القيامة نوراً مضيئاً بهياً. إنه يوم عيد، يوم فرح، حيث المسيح الذبيح يزفُّ نفوس المذبوحين على إسمه في موكب مهيب ترتجُّ له جنبات الفردوس، وتستقبله الملائكة وجموع الشهداء بالفرح والتهليل، لأن أجساد هؤلاء المصبوغة بدمائهم (تسمَّى معمودية الدم) والمتقدسة بدم المسيح، قد أَخْصَبَت شجرة الكنيسة على الأرض بالزرع الذي ستتكاثر ثماره وتتكاثر إلى أن يعمَّ أرض مصر كلها، وذلك حسب القانون الذي ذكره القديس إيريناوس في القرن الثاني الميلادي: «دماء الشهداء بذار الكنيسة».
- أما أهل وذوو الشهداء المكلومون بسبب فقدان أبنائهم وبناتهم ، فالكنيسة تُصلِّي من أجلهم لكي لا يحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم (تسالونيكي الأولى 4: 13)، بل ليتهم يثقون أنه قد صار لهم ولنا جميعاً شفعاء وشفيعات، يتقدمون في سرد أسمائهم في القداس في مجمع القديسين على سائر الآباء والأمهات القديسين والقديسات الذين انتقلوا قبلاً، سواء بطاركة أو أساقفة أو من أي صف من صفوف القديسين كانوا.
- وها هو المسيح اليوم يحصد ثماراً جديدة لتعبه وموته ودمه المسفوك علي الصليب، ومعه دماء كل شهداء الإسكندرية وكل كورة مصر، منذ استشهاد القديس مرقس الرسول كاروز الديار المصرية عام 68م، وإلى يومنا هذا: ملايين ملايين الشهداء، أخصبوا وسيُخصبون أرض مصر، لتُثمر ملايين ملايين المؤمنين بالمسيح في الأجيال الآتية.
- المسيح حاضر في كنيسته، لا ولن يغادرها، يغذي النفوس بجسده ودمه الأقدسين، النفوس التي تعلَّمت أن تموت كل يوم عن محبة العالم، والخطية، والشهوات؛ وأيضاً يُشجع ويقوِّى الذين يثابرون على جهادهم وإماتتهم لذواتهم، الذي هم المسيحيون الأتقياء؛ ثم أيضاً يستقبل فخر المسيحيين الذين هم الشهداء الذين ماتوا على اسمه المُبارك انتصاراً وغلبةً على قوى الشر التي في العالم.
- أما قُوَى الشر في العالم الذين يقتلون ويذبحون الأبرياء، فهؤلاء للرب نفسه معهم «حربٌ مع عماليق من دَوْرٍ إلى دَوْرٍ» (خروج 17: 16)، وكما قال القديس بولس: «فإننا نعرف الذي قال: «لي الانتقام، أنا أُجازي، يقول الرب». (ولكنه قال أيضاً:) «الربُّ يدينُ شعبه» (عبرانيين 10: 30).
- لذلك أتت وصية العهد الجديد الصريحة السَمِحة:
«لا تُجازوا أحدًا عن شَرّ بشَرّ. مُعتنين بأمورٍ حسنةٍ قدّام جميع النّاس. إنْ كان ممكنًا فحسب طاقتكم سالموا جميع النّاس. لا تنتقموا لأنفسكم أيّها الأحبّاء، بل أعطوا مكانًا للغضب الإلهي، لأنّه مكتوبٌ: «لي النّقمة أنا أجازي يقول الرب. فإِنْ جاع عدوّك فأطْعمْه. وإِنْ عطش فاسْقِهِ. لأنّك إنْ فعلْت هذا تجمع جمْر نارٍ على رأسه». لا يغْلبنَّك الشرُّ بل اغْلب الشرَّ بالخيْر» (رومية 12: 17- 21).
وهذا تطبيق عملي لوصية المسيح الخالدة:
- ««سمعتم أنه قيل: عَيْنٌ بعَيْنٍ وَسنٌّ بسنٍّ. وأما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشر، بل منْ لطمك على خدِّك الأيمن فحوِّلْ له الآخر أيضًا. ومنْ أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاتْركْ له الرِّداء أيضًا. ومنْ سَخَّرك ميلاً واحدًا فاذهب معه اثنين. مَنْ سألك فأَعْطِهِ، ومَنْ أراد أنْ يقترض منك فلا ترُدَّه.
«سمعتم أنه قيل: تُحبُّ قريبك وتُبغضُ عدُوّك. وأما أنا فأقول لكم: أحِبُّوا أعداءكم. بارِكوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات،... فَكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كاملٌ» (متى 5: 38- 48).
- وما الحكمة في دعوة المسيح لنا بتنفيذ هذه الوصية؟ لكي ”تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات،... فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كاملٌ“. وأي شرف هذا أن نكون أبناء الله؟
الكنيسة بيت الله حيث تُربي وتُعدُّ أبناء الله:
- المسيح هو الكاهن الأعظم والأوحد في الكنيسة، وكل الكهنة ورؤساء الكهنة هم خًُدَّام كهنوته الفريد والوحيد، وقد أقامهم الرب ليكونوا هم المؤتمنين على تربية أبناء الله وإعدادهم ليكونوا كاملين كما أن أباهم الذي في السماوات هو كاملٌ. ويظل المسيح رئيس الكهنة ينضح من دم ذبيحته على المؤمنين، ويُهيِّئهم ويعدُّهم للحظة الموت، سواء بسفك دمائهم هم أيضاً على إسمه بالاستشهاد، أو بالموت الطبيعي لهم، لكي باختلاط دمه بدمائهم وتقديسه لها، يتعرَّف الآب والملائكة في السماء على مختاريه الذين سوف يجمعهم المسيح في مجيئه الثاني من المشارق والمغارب.
كيف تعدُّ الكنيسة أبناءها للاستشهاد؟
- أما الكنيسة المجاهدة على الأرض، فهي الكنيسة التي تعدُّ أبناءها للاستشهاد. وكيف تعدُّهم للاستشهاد؟
- تُعدُّهم من خلال اجتماعهم وعبادتهم الله في الكنيسة بيت الله، الموضع الذي يتعلمون فيه القداسة والتقوى والمخافة الإلهية والطهارة، وذلك بقدوة وتعليم آبائنا كهنة الله العليِّ، ولكن بالقدوة أولاً «مَنْ عمل وعلَّم، فهذا يُدْعَى عظيمًا في ملكوت السماوات» (متى 5: 19). أما القدوة، فهي بأن يكون كهنة الله أولاً النموذج العملي للنشء والشعب لتوقير بيت الله، لأن الله ساكنٌ فيه، حيث نُترجم هذا بما تعلمناه منذ صغرنا، بقولنا مع المرنِّم ونحن داخلون إلى الكنيسة: «ببيتك تليق القداسة يا رب إلى طول الأيام» (مزمور 93: 6)، كما تعلَّمنا أنه فور أن ندخل الكنيسة فإننا نتوجه في الحال إلى الهيكل المسمَّى: «هيكل الله الآب»، ونسجد أمامه ونحن نقول: «أما أنا فبكثرة رحمتك، أدخل إلى بيتك، وأسجد قُدَّام هيكل قدسك بمخافتك» (مزمور 5: 7).
المسيح جالس في هيكله المقدس يرصد ويُسجِّل كل كلمة وفعل وإيماءة وإيحاء:
- المسيح جالس في هيكله المقدس، يستقبل المؤمنين الساجدين بمخافة الله، فيبارك ويغفر ويسخو في عطائه بالبركات والعطايا لكل القادمين إليه «بمخافة الله» كلُّ واحد حسب طلبته، لأنه قيل عنه: «أَنزَلَ الأعزَّاء على الكراسي وأجْلَسَ المتواضعين» (تسبحة العذراء: لوقا 1: 52).
- لذلك، وبناءً على تسبحة العذراء، فأمام المسيح: لا مكان في الكنيسة للمعتزِّين بأنفسهم وكراسيهم، المتشامخين بكبريائهم، المتسلطين بسلطانهم، وأيضاً الساخرين الضاحكين والذين يُضحكون الناس في الكنيسة، غافلين عن وجود المسيح وسط الكنيسة ووسط المؤمنين قائلاً لهم: «وَيْلٌ لكُمْ أيها الضَّاحكون الآن، لأنكمْ ستحْزنون وتبْكون» (لوقا 6: 25). هذه حقائق ثابتة سواء تعلمناها ومارسناها أو تناسى المعلِّمون تعليمها للنشء فلم يمارسوها! وفي هذه الحالة الأخيرة فالمسيح ما زال في الكنيسة ينظر ويتطلَّع ويسمع، كما كان يذهب كل يوم إلى الهيكل، ومرة أخذ ”يتطلَّع“ (لوقا 21: 1).
- المسيح يتطلَّع ويرصد ويُسجِّل، ويكتب في سِفْرِ تَذْكِرة: إما دموع الخاشعين والخاشعات، أو أنين التائبين والتائبات، أو الرؤوس المنكَّسة التي للمتضعين والمُتَّضِعات على مثال العشار الخاطئ (لوقا 8: 10- 14)؛ وإمَّا يرصد الباعة والصيارفة الذين يتسللون إلى أقداس بعض الكنائس مالئين الدنيا صخباً بضحك وتصفيق وزغاريد النساء أو رقص على مقاعد الكنيسة، أو ما استجد أخيراً في بعض الكنائس: ضرب بالدفوف التي أعطوها للبنات في تسبحة كيهك ليَضربْنها وهنَّ يصرخن بالمردات الكيهكية، بدون أي سَنَد مُقنَنَّ ولا عن سلوك مُهذَّب لهذا التصرُّف، وبمخالفة لطقوس الترتيل في الكنيسة: بأن الدف يكون فقط في يد المعلِّم أو رئيس المُرتِّلين ويُستخدم فقط وبصوت خافت لضبط إيقاع اللحن لصف المرتلين الذين يقودون الشعب، وهذا استهتار بقوانين مهابة الكنيسة والخشوع فيها ما تعلَّمناه منذ رسامتنا شمامسة – أيام زمان طبعاً، في الخمسينيات - بقول للقديس أثناسيوس الرسولي: ”فلنرتل ونُسَبِّح بحكمة أي بتقوى وليس بلذة“، هذه الإستحداثات جعلتنا نفهم الآن سبب تحريم القديس بولس الرسول: ”لتَصمُتْ نساؤكم في الكنائس“ (كورنثوس الأولى 15: 34).
- المسيح يرصد الذين يردِّدون في الكنيسة ويتكلَّمون بما لا يصحُّ ترديده أمام وعلى مَسْمَع المسيح الكاهن الأعظم ورئيس الكهنة وحده (عبرانيين إصحاحات من 3-10) والأسقف الكبير فوق الأساقفة (الدسقولية) والجالس في كنيسته يسمع ما يقوله الناس، مُمَجِّدين بكلامهم البشر، بدلاً من اسم الله القدوس، أو ويا للأسف، بالتصفيق للرؤساء والعظماء والسلاطين ومَنْ على شاكلتهم في الكنيسة؛ المسيح يسمع ويسجِّل كل هذا وذاك في سِفْر تَذْكِرة: إما للتزكية ولإعطاء المزيد من البركة والنعمة، وإما للتأديب والتوبيخ حينما يحين زمان التأديب، ليرتدَّ عنا غضب الله. الكنيسة هي كنيسة المسيح وليس إنسان، والمسيح يعتزُّ بعروسه الكنيسة – التي هي شعبه - ويسعى إلى تجميلها وتطهيرها يوماً وراء يوم عن طريق تعليم الكهنة لهم بقدوتهم قبل كلامهم.
- كثيراً ما نظن أن المسيح غافل أو غائب عن بيته وعن كنيسته؟ فيستَبيح كلُّ من يحلو له أن يستبيح، ظاناً أنه ما من رقيب أو حسيب لأن صاحب البيت غائب؟ المسيح في الطقس الكهنوتي يُسمَّى ”الأسقف الكبير الذي هو فوق الأساقفة والكهنة“ (كما ورد في الدسقولية دستور الكنيسة القبطية). حقاً هو غير منظور للبعض، ولكنه منظور بالإيمان للذين يتَّقون الله.
- لا، إنه مكتوب «وَيأتي بغْتةً إلى هيكله السيّدُ... ومَنْ يحْتملُ يوم مجيئه؟... لأنهُ مثلُ نار المُمحِّص،... فيجلسُ مُمَحِّصًا ومُنَقِّيًا،... فيُنقِّي... ويُصَفِّي» (ملاخي 1: 1-3). وقد يرفع يَدَه عنا عَمْداً، بعصا تأديب - ولكن مع رحمة كما خفَّف من عظم المصيبة ليلة الكارثة من خلال خطأ وقع فيه المُعتدي -، ولكنه في أوقات أخرى أيضاً قد يُظلل ويستر على شعبه، حافظاً وحامياً، كما اختبرنا ذلك في حالات مماثلة سابقة حدثت في الأربعينيات في القاهرة، وفي الستينيات في الإسكندرية في حياة المتنيح القمص بيشوي كامل، فينجو شعب الله من كوارث ويحل السلام بدلاً من الخراب على المؤمنين الخائفين الله الذين يعطونه المجد له وحده، وليس لغيره من البشر.
- نظن أحياناً أن المسيح رب الكنيسة وسيِّدها لا يسمع كل كلمة تُقَال في الكنيسة، وكأنه لا يَزِنْ كل كلمة أو إيماءة أو إيحاء أو أصوات في بيت أبيه القدوس بميزان الحق والقداسة والتقوى والمخافة واللياقة كما يليق ببيت الله القدوس؟ لذلك قال المسيح: «إن كل كلمة بطَّالة يتكلَّم بها النَّاس سوف يعطون عنها حساباً في يوم الدين» (متى 12: 36). كل ”كلمة بطالة“ تُقال في بيت الله القدوس ضد الحق الإلهي أو القداسة أو التقوى أو الطهارة أو اللياقة الأخلاقية أو المخافة الإلهية، أو ضد إعطاء المجد لله وحده، أو ضد المحبة، أو ضد الرزانة والعفة!
- نعم كثيراً ما نتخيل أن المسيح فرَّط في كنيسته لمُستبيح مثل عيسو (تكوين 25: 34)، أو سارق هياكل مثل حنانيا وسفيرا (أعمال 5: 1- 6)، أو سارق لمجد الله وجلال العليِّ مثل هيرودس الذي كان الشعب يُكلِّمه كأنه إله، وهو فَرِحٌ وراضٍ بهذا ولم يحتَجْ أو ينتهِرْ: «ففي يومٍ معيَّنٍ لبس هيرودس الحُلَّة الملوكيَّة، وجلس على كرسيِّ المُلْك وجعل يخاطبهم. فصرخ الشعب:«هذا صوتُ إلهٍ لا صوتُ إنسانٍ!» ففي الحال ضربه ملاك الرب، لأنّه لم يعط المجد لله، فصار يأكله الدُّود ومات»! (أعمال الرسل 12: 21–23).
- حقا إن المسيح سخيٌّ في عطاياه الصالحة، لكن العريس لا يسكت إذا ما وجد أن عروسه الكنيسة تُهان، أو تفسَد، أو تؤذَى في شرفها، أو تتوسخ ثيابها، أو يُهان عريسها في بيت أبيه الصالح (يوحنا 2: 14-16).
- وما أظن أن حادثة الإسكندرية هي فقط مُنْطلَق لنفوس شهداء طاهرين وجَرْحَى متألمين بآلام المسيح ولهم الطوبى وإكليل الاستشهاد؛ بل أرى وأُحس أيضاً بأنها عصا تأديب لكل من هو محتاج لتأديب كما يراه الله محتاجاً لتأديب. وعلى كل واحد منا أن يعرف نفسه، ويُخضع ويُحني عنقه تحت عصا تأديب الله بمخافة وقبول ورضا، ويرجع عن معاصيه كما يوحي إليه ضميره ويُبكِّته روح الله الذي فيه، كما فعل ملك نينوى الذي: «قام عن كُرْسِيِّه وخلع رداءه عنه، وَتَغَطَّى بمِسْح وجلس على الرَّمَاد» (يونان 3: 6)؛ وإلاَّ فإذا لم نتعلم الدرس ونرجع عن طرقنا المُعوجَّة، فستتوالى التأديبات والضربات إلى أن نصحو ونعرف كل واحد أنه المقصود بالتأديب. ولكن يا للهول والحزن! مَنْ الذي سيدفع الثمن؟ شعب المسيح التقي البريء؟؟!!
- ليتنا نصحو ونقوم من غفلتنا لئلا تتوالى تأديبات الرب ونحن عنها لاهون، ونظن أنها لا تخصُّنا. الكلام لكل خائفي الرب الأتقياء المترجِّين رحمته، ولكل مَنْ فقد الإحساس بالمخافة والتقوى لبيت الله، حتى تتقوَّم أرجلنا في طريق السلام، فنصير كنيسة عابدة خاشعة، متوجهة بقلوب وأنظار مؤمنيها ومؤمناتها وكهنتها نحو هيكل الله الآب حيث المسيح جالس على كرسي رئاسته لكنيسته، فالله «أعطاه اسماً فوق كل اسم، لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة مما في السماء ومَنْ على الأرض ومَنْ تحت الأرضِ، ويعترف كل لسان أن يسوع ربٌّ لمجد الله الآب» (فيليبي 2: 10-11)، مُنتظرة ومُتطلِّعة ومُترجِّية فقط مجيء المسيح المرتقب ليجمع مختاريه، وليس لأحد أن يرفع صوته داخل الكنيسة ويدَّعي أن لمجيء المسيح أغراضاً أخرى لمجيئه الثاني غير أن يجمع مُختاريه، فيُكذِّب ما قاله المسيح عن نفسه: «فيُرْسل ملائكته ببوق عظيم الصوت، فيجمعون مُخْتاريه من الأربع الرِّياح، من أقصاء السَّماوات إلى أقصائها» (متى 24: 31)، مُختاريه الذين «خافوه وأَعطوه مجداً» (رؤيا 14: 7)، ثم يُدخلهم إلى عُرس الحَمَل الأبدي لكي يذوقوا محبته ورحمته ولا يشبعون منهما إلى الأبد.
- الرب يعطي لكل واحد منا ما هو محتاج إلى معرفته من درس من وراء هذه الحادثة المروِّعة، لأن كل ما يحدث لأبناء الله إنما هو لتعليمهم (رومية 15: 4) وقيادة خطواتهم في طريق الملكوت، فيرتفع غضب الله وتحل الأيام السلامية كالقديم. آمين