خطيب شهيدة بـ"البطرسية": "مكناش مصدقين في المستشفى إن اللي راحت مننا هي إنصاف"
الثلاثاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٦
كتب: محرر الأقباط متحدون
عقب انتهاء عظة الكنيسة، الجمعة الماضية، اتصلت إنصاف عادل بوالدة خطيبها راويةً لها ما سمعته "ابونا كان بيقولنا تخيلوا لو دة آخر يوم ليكوا في الحياة واغفروا للناس وسامحوا".
جاء صوت الفتاة ذات الثمانية عشر عاما هادئا، بدا قلبها قانعا بالحياة، غير أن تلك السكينة لم تستمر طويلًا، إذ راحت ضحية لتفجير الكنيسة البطرسية صباح الأحد الماضي.
كان المرح عنوان الفتاة الراحلة، حسبما تحكي صديقتها كريستين اسكندر. اعتادت إنصاف على التعايش مع تقلبات الحياة القاسية "كانت بتدرس وبتشتغل وبتعمل كل حاجة عشان تتجوز بولا خطيبها".
صباح الأحد الماضي، ذهبت إنصاف بصُحبة بولا إلى كنيسة العذراء الشرقية بمدينة نصر، غير أن الصلاة كانت قد أوشكت على الانتهاء؛ فتحركا باتجاه الكنيسة البطرسية في العباسية، دلفا سويا، قبل أن يشق كل منهما طريقه في اتجاه باب الرجال والسيدات.
مرت 15 دقيقة فقط قبل حدوث الانفجار، الأشلاء في كل مكان، بولا لا يجد خطيبته، وعندما عثر عليها تم نقلها لمستشفى الدمرداش لكن بات الوقت مُتأخرا على إنقاذها "مكناش مصدقين في المستشفى إن اللي راحت مننا إنصاف".
قالت الصديقة، إنها تعرف كريستين الفتاة الراحلة منذ عام 2012، صارتا قريبتان بعدما خُطبت أخت إنصاف لقريب الأولى. لم تركن إنصاف إلى دراستها في الصف الثالث الثانوي التجاري فقط "كان عندها جروب للموضة والإكسسوار وبتبيع منه".
شغلت الفتاة الراحلة عدة وظائف في مصنع، عيادة طبيب وغيرها ، وكان هدفها تكوين نفسها مع خطيبها ليتزوجا مطلع العام القادم "مكنتش بتبص للبنات اللي في سنها عندهم إيه ومعندهمش إيه ولا كانت عايزة تبقى دكتورة ولا مهندسة.. كان أهم حاجة إنها متحتاجش لحد".
وظلت الخدمة في كنيسة مارجرجس المنسي كل الجمعة، جزء من حياة إنصاف التي راحت ضحية ضمن 25 آخرين وأكثر من 55 مُصاب، أما الأحد فخصصته لكنيسة البطرسية صباحًا، وكاتدرائية العباسية مساءً، ففي ساحتها التقت كريستين وباقي صديقاتها مرارًا.
عقب التفجير كانت والدة خطيب الفتاة الراحلة في كنيسة العذراء الشرقية، وما أن جاءها خبر ما حدث حتى كاد قلبها أن ينخلع إذ عاملت إنصاف دائما كابنة لها. منذ عامين ونصف تمت خطبة بولا وإنصاف "كان كل كلامها عليه.. وحماتها كانت زي أمها وصحبتها.. دي لما إيد حماتها اتكسرت بقت تروح تعمل لها الأكل".
التقت كريستين بصديقتها الراحلة للمرة الأخيرة منذ 3 أشهر "بعدها كنا مشغولين بس بنتكلم على الفيسبوك علطول"، تناولا الطعام سويا، استعدت الصديقة للطبخ من أجل إنصاف "بس أصرت ناكل اللي موجود.. كان جبنة وبيضتين..قالتلي انا جاية أقعد معاكي بس".
همّ الفتاة الراحلة كان تجهيز منزل الزوجية. أخذت تحكي لكريستين في المقابلة الأخيرة عن أسعار أواني الطبخ، والأجهزة المنزلية، تُريها صور فساتين مُختلفة للزفاف، تتخيلان سويا يوم أن يتحقق حلم إنصاف؛ فُتصبح زوجة لبولا.