الأقباط متحدون - ميلاد المسيح ميلاد الشعوب 17/12 2007
  • ٠٦:٤١
  • الثلاثاء , ١٣ ديسمبر ٢٠١٦
English version

ميلاد المسيح ميلاد الشعوب 17/12 2007

البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين

مساحة رأي

٤٨: ٠٥ م +02:00 EET

الثلاثاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٦

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

الاب اثناسيوس اسحق حنين ميلاد –الكنيسة  باليونان
كثيرا ما تكلمنا عن الذين شاركوا فى احداث الميلاد المجيد من علماء الفلك (المجوس) والملوك والقادة والرؤساء والكهنة من زكريا الكاهن الى هيرودوس الملك مرورا برؤساء الشعب وقلما نتكلم عن دور الشعب نفسه فى قصة الميلاد او فى تدبير سر التجسد الالهى كما يلقب اللاهوتيون ميلاد الرب بينما لابد ان يحوظ الشعب بجل الاهتمام الرعائى والتثقيف اللاهوتى ولابد ان يختفى القادة ويتعبون لكى يظهر الشعب ويرتاح كما يقول دائما قداسة البابا شنودة ادام الله حياته . وفى اللغة اليونانية للعهد الجديد هناك كلمتان تترجمان فى العربية بكلمة (الشعب ) مع ان الفارق الروحى والنفسى و الثقافى والحضارى بينهما شاسع فالكلمة الاولى هى (ο Λαός ) ونفس الكلمة وردت فى بشارة لوقا باللغة القبطية العريقة(Πιλαός ) والثانية ((οχλός لو 1 -10 والاولى تعنى الشعب الحرالذى يختار حياته ويقررمصيره people والذى تتشكل منه المدينة الفاضلة عند افلاطون والذى له الحق ان يدلى بصوته فى تحديد مستقبل الامة بينما الثانية تعنى crowd الحشود والزحام (وقال له واحد من الجمعτίς έκ τού όχλου )لو 12 :13 والجدير بالاشارة ان الفريسيين لم يسمهم لوقا من الشعب بل من الجمع (واما بعض الفريسيين من الجمع) لو 19: 39 لان هذا النوع من البشر لا يرقى الى مستوى الشعب وهناك من القادة من يسترضى الجمع على حساب الشعب فيخسر كل شئ(فبيلاطس اذ كان يريد ان يعمل للجمع όχλός ما يرضيهم اطلق باراباس واسلم يسوع بعد ما جلده ليصلب )مر 15 :15 والجموع تشكل قطيع هائج من الغنم التى لا راع لها كما يقول الكتاب وبالتالى لا صوت له ولا رأى ويقرر عنه الكبارفقط وانظروا الى سلوك رئيس الكهنة مع بولس والخطاب الذى القاه امام الوالى وكانت التهمة الخطيرة ان بولس يهيج الشعب (اع 24 : 12الاية تقول فى الترجمة البيروتية (ولم يرونى اصنع تجمعا من الشعب) وصحتها( لم يروننى اهيج الجمع فالكلمة اوخلوس وليس لاؤؤس ) فالرعاع وهى الترجمة الادق للاوخلوس المستعد للهياج والتخريب وبث الرعب فى القلوب عمال على بطال بسبب وبدون سبب والسير وراء قائد موتور لا يمكن ان يرقى الى مستوى الشعب ولكن الشئ العجيب ان هذه المتناقضات الحضارية واللغوية والتاريخية اى اللاؤؤس والاوخلوس سيجتمعون فى الرؤيا ليحاربون الحمل الوديع( ثم قال لى المياه التى رأيت حيث الزانية جالسة هى و شعوب وجموع وأمم والسنة ) رؤ17 : 15 وكما حاربوه فى ميلاده وحاربوا ويحاربون شعبه بعد ذهابه الى الاب ولكن (هؤلاء يحاربون الخروف والخروف سيغلبهم لانه رب الارباب وملك الملوك والذين معه مدعوون ومختارون ومؤمنون ) (رؤ 17 :14 ) ! وندعو شعب مصر المبارك الى ان يتعرف على ملامح شعب الميلاد المجيد:

1 –شعب الميلاد يعرف ان يصلى :
من الصور الرائعة فى احداث هذه الايام السعيدة والتى ذكرها الانجيلى المؤرخ واللاهوتى المدقق والطبيب الانسان لوقا صورة الشعب وهو يشارك زكريا الكاهن محنته(عدم الخلفة ) والامه(ثقل مسئولية الخدمة فى مرحلة حرجة وحاسمة فى تاريخ شعب الله واشواقه (فى ان يمن عليه الله على شعبه بالخلاص وعلى زوجته بنسل ينزع عارها من بين الناس) ويقول البشير (فبينما هو يكهن فى نوبة فرقته أمام الله حسب عادة الكهنوت أصابته القرعة ان يدخل الى هيكل الرب ويبخر وكان كل جمهور الشعب يصلون خارجا وقت البخور )لو1 :10 ذهب بعض المفسرين الى ان صلاة الشعب لعبت الى جانب تقوى الكاهن دورا كبيرا فى تحديد مسار احداث التجسد بالطبع الله قادر ان يخلص ولكن نتكلم انسانيا لاننا نتكلم عن سر التـأنس الالهى اى الشركة بين الله وشعبه. صلى الشعب مع الكاهن مع الالتزام الكامل بالطقس فأكتمل سر التدبير كما يقول الاباء الصلاة الشعبية من القلب غيرت وجه التاريخ بل والجغرافيا واللى مش مصدق يسأل جبل المقطم وجبل درنكة وجبل الطير وجبال الضيقات الكثيرة التى يجوزها شعب الله !الشعب المصلى هو محور الفكر اللاهوتى ومؤسس النهضة وصانع الحضارة وبانى الكنائس كما تقول الترنيمة الشعبية:

(صلى الشعب وقال لشفيعته يا عذارا يا مختارة
حنى علينا عايزين بيعة فيها قبة ومنارة
صار الحلم حقيقة وبقالنا كنيسة جديدة )

اباطرة الزمان السالف والحاضر اعتادوا على ان لا يحترموا ارادة الشعوب حتى لو ذهب كاهن الله موسى يقول لهم ان (اطلق شعبى ليعبدنى فى البرية ) خر6 :10 لابد من تصريح فرعون لكى يعبد الشعب ربه ! رفض فرعون لانه يستفيد من تسخير الشعب فى الاعمال الحقيرة فجأت الضربات العشر من اجل حياة الشعب شعب الله علماء الكنيسة يؤكدون ان الضربات العشر لم تكن ضد شعب مصر ولا ارض مصر بل ضد قساوة القلوب وعدم القدرة على رصد حركة الايام واحاسيس الناس. لقد قال العلماء الكثير فى القرن الواحد والعشرين ولكن يبدوا انه قرن الشعوب بالدرجة الاولى وزمان نهضة الوعى واعادة النظر فى الكثير من المسلمات التى فرضها عل التاريخ افراد موهوبين كانوا او موتورين ! وخريطة العالم اليوم تظهر بجلاء ان الشعوب وخاصة الاقليات تطالب بحقوقها وتتمسك بدورها فى صنع تاريخ وخلاص بلادها بل والعالم .

2 – شعب الميلاد يعرف ان يفكر :
فى خضم الاحداث المتسارعة والقادة يتسألون(متى 2 :3) ورؤساء الكهنة يتحققون من اقوال التاريخ والسياسيوس يضطربون من طفل برئ ولد يوحنا المعمدان ( واذ كان الشعب ينتظر والجميع يفكرون فى قلوبهم عن يوحنا لعله المسيح ) لو3 :15 يا للعجب قال لنا جهابذة الزمان الردئ ان الشعب لا يفكر ! الشعوب تفكر وتفكر بقلبها وهذه اسمى طرق التفكير وتفهم وحينما يتم قمعها يصمت البعض ويتحول البعض الاخر الى طريق الخباثة والدهاء والمداهنة والرياء الاجتماعى والسياسى واذا تجاهل القادة مصير الشعوب تأتى العناية الالهية ان اجلا او عاجلا لتخلص وتقضى للشعوب تحكى قصة فى كتابنا المقدس ان احد القادة الذين تفننت حاشيتهم -ولكل كبير حاشية- ان تخفى عنهم احوال الناس ان اصابه الارق ليلا فطلب كتابا ليتغلب على الارق وقراء قصة شعب يعانى الامرين والذل والقمع والتهميش وهضم الحقوق وتزوير المصير فاستدعى سكرتيره وسأله اين هذا الشعب الذى يتكلم عنه هذا السفر ؟ فاجاب السكرتير انه فى مملكتك يا مولاى فحزن الملك وامر باطلاق هذا الشعب ومنحه حقوقه ككل العباد. ان انين الشعوب يصعد الى اذان رب الجنود كم وكم وقد اتى هو الينا على الارض اتى الى بطن العذراء كما نقول فى القداس الالهى وصار واحدا منهم وتبنى قضايا الفقراء والمهمشين ووقف امام الرئاسات والسلاطين وولد فى مزود وعاش غريبا وعلق ظلما على خشبة من اجل عظم محبته لهم وصار من حق الشعب الجالس فى الظلمة ان يرى نور المسيح العجيب . الاغلبية الصامتة عندها الكثير لتقوله اذا ما توفرلها الامان ومناخ الابداع وأسألوا العقول المهاجرة من شعوب بلادنا. حكم . الميلاد ليس فقط اصلاح حال الشعب فى السماء فقط بل هنا على الارض لان ديانتنا تؤمن انه لا اصلاح فى السماء بدون الاصلاح على الارض (كما فى السماء كذلك على الارض ).


3 –شعب الميلاد له الاولية فى كل شئ :
(ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع ايضا ) لو 3 : 21 شعب الميلاد هو هو شعب العماد لان العيدين فى الكنيسة الاولى الميلاد والعماد السيدين كانا عيدا واحدا هو عيد (الظهور الالهى الثيؤفانيا)هذا من صميم التدبير الالهى ان الشعب اولا وقداسة البابا يفتخر دائما بان من حق الشعب ان يختار راعيه ولقد قال علماء علم الادارة ان القائد الناجح لا يقود الشعب بل يربى الشعب على الشراكة فى القيادة ليصير منهم قادة لانه كلما تعملق القائد كلما تقزم الشعب حوله والعكس صحيح والمثل المصرى الحلو قال (ان كبر ابنك خاويه ) ويسوع من هذه الناحية كان معلما وقائدا وصديقا واخا للبشرية وللشعوب مثاليا ومن هنا تأتى صلاة الكنيسة القبطية الشعبية الرائعة فى قسمة الابن الوحيد ( تواضع ليرفعنا افتقر ليغنينا ) حسب الطقس القبطى لا يمكن ان تقوم الخدمة السماوية اى القداس الا اذا وجد الكاهن المشرطن والشماس والشعب وفى اقدس اللحظات الالهية فى الليتورجيا وقت تحول الخبز والخمر الى جسد الرب ودمه يقول الخولاجى ( يرشم الكاهن ثلاثة رشوم وفى كل مرة يجاوبه الشعب قائلين أمين ) اذ من الاصل فى العبادة القبطية الشعب هو الاساس وليس فقط الشمامسة سواء داخل الهيكل او خارجه لان الرعاية هى للشعب (لانك منك يخرج مدبر يرعى شعبى اسرائيل ) لماذا اسرائيل(يجب ان نرجع الى الاصل الكتابى واللاهوتى لتعبير اسرائيل ولا نتعامل مع التعبير بالحس السياسى المعاصر ) لانه الشعب الاقدم الذى اختاره الله فى البدء وهو اولى بالرعاية ثم الشعب الاجدد(يو1 :11) والاباء يتكلمون عن عمل الله مع ثلاث شعوب اليهود و الامم و المسيحيين فى العهدين القديم والجديد وفى تاريخ الكرازة الرسولية ولقد ابدع علماء المسيحية الاوائل فى التعامل مع الثلاث شعوب فمع اليهود تواصلوا بالوعىالتاريخى فى النبوات (حوار العالم المسيحى يوستينوس مع تريفون اليهودى ) ومع الامم بالوعى الانسانى والفكر الفلسفى (مدرسة الاسكندرية اللاهوتية ويتعجب المرء من عدم الاشارة من قريب او من بعيد الى علماء الاسكندرية الفلاسفة و اللاهوتيين العظام فى مكتبة الاسكندرية المعاصرة وقلة الدراسات العلمية المتعمقة عن تلك الفترة من تاريخ بلادنا) ومع المسيحيين بالوعى الالهى (الثيؤلوجيا والاسرار الكنسية واختبارات النعمة وشركة القديسين ) وفى كل هذا كان هاجسهم خلاص الله فى الشعوب ولعل منظر الشعوب امام العرش فى الرؤيا(رؤ7 :9 ) لخير دليل على مكانة الشعب فى قصة الميلاد كل الشعوب فسيتولى الرب نفسه فى الابدية ان (يسمح كل دمعة من عيونهم ) كل دمعة اراقتها الشعوب شعوب الله حبا او تعبا او توبة او خدمة وابداعا لخير البشرية .

4 –مبارك شعبى الذى فى مصر:
البركة العامة للشعوب تبداء ببركة خاصة لشعب محدد حتى يصير خميرة تخمر العجين كله ولشعب مصر وارض مصر دور كبير فى التدبير الالهى الذى اعد البشرية لميلاد المسيح والاباء فسروا نبوة اشعياء (وحى من جهة مصر هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم الى مصر فترتجف اوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها ) اش 19على انها تخص مجئ المسيح الى مصر لاجئا وفاديا بعد التهديد بالقتل( مت 2 :16) وان السحابة هى العذراء والشئ اللافت ان الذهاب الى مصر او الخروج منها كان لابد وان يتم حسب اعلان الهى (واذ ملاك الرب قد ظهر ليوسف فى حلم قائلا قم وخذ الصبى وامه واهرب الى مصر وكن هناك حتى اقول لك )مت2 :13 والدليل الساطع على ان العلاقة بمصر يحددها القصد الالهى والتسليم الكامل له هو ابراهيم الذى بعد ان خرج من ارضه ومن عشيرته حسب امرالرب حدث جوع فى الارض فقرر ابراهيم بدون مشورة ولا انتظار لامر الرب ان يذهب الى مصر (فانحدر ابرام الى مصر ) تك 12 :10 وواجه من المشاكل ما يؤكد ان الانحدار لم يكن بعد مشورة . واما عن السؤال لماذا مصر ؟ فالجواب لان مصر كانت فى العالم القديم والى عهد ليس ببعيد بمثابة ارض الحضارة والرفاهية واللجوء بالمعنى المعاصرللكلمة كما كانت ايضا ارض العبودية وهضم حقوق الاقليات على يد فراعنتها كما نرى فى نقد ارمياء النبى (ارم 44 :1 ) ويشير اكليمنضس فى كتابه المربى الى ان الشعوب المجاورة كانت تتطلع الى ان تكون مثل المصريين فى مكانة المرأة واناقتها ومستوى ثقافتها وفى الموضة وفى تدين المصريين المتحضر اشاد يوسيبيوس ومن قبله هيرودوت المؤرخ اليونانى كما مدح افلاطون علم وحكمة المصريين ولا ننسى ما ذكره اغريغوريوس النيسى فى (حياة موسى ) عن دور المصريين كشعب فى التعاطف مع شعب الله المظلوم بل وفى بناء خيمة الاجتماع ويؤكد يوحنا الدمشقى فى عظة له على ميلاد السيد ( ان المصريين يعرفون ان يعطوا كل معنى وقيمة للنفس والجسد معا ) وعلينا ان لا ننسى دور حكمة المصريين فى اعداد الشاب موسى ليصير نبيا وقائدا مقتدرا فى الاقوال والاعمال(اع7 :22 ) ومبشرا بالميلاد فى العليقة التى رأها موسى النبى فى البرية ( انظر كتابنا مصر فى فكر الاباء اصدار اسقفية الشباب ) ونسال الرب ان يعيد هذه الايام على بلادنا وعلى العالم بالبركة والسلام والرخاء والازدهار بصلوات صاحب القداسة البابا المعظم الانبا شنودة الثالث ادام الرب لنا حياته ومتعه بالصحة والعافية ليقود شعب الله الى بر البركات وتحقيق الامنيات .