الأقباط متحدون - هدية العيد من الأخوان للأقباط
  • ٢٣:٠٣
  • الخميس , ١٥ ديسمبر ٢٠١٦
English version

هدية العيد من الأخوان للأقباط

منير بشاي

مساحة رأي

١٠: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ١٥ ديسمبر ٢٠١٦

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
بقلم منير بشاى
 
الى اخوتنا فى الوطن اخوان مصر الذين نحبهم من كل قلوبنا نشكركم من اجل هديتكم الاخيرة المرسلة بيد مندوبكم الخاص على عنوان كنيستنا البطرسية بالعباسية.  وصلتنا هديتكم بكامل وزنها ال 12 كيلوجراما وتم توزيعها عل كل سيدة وبنت وحتى الاطفال تماما كما اردتم.  ونحن نعلم انكم سعداء بمعرفتكم وصولها وفاعليتها   فقد رأينا فيديوهات لرد فعل الشارع من الذين فرحوا وكبّروا "الله اكبر" وهللوا وكانت السعادة تملأ وجوههم وكأنه قد جاءهم نبأ النصر العظيم.
 
مغزى اختيار هذا التوقيت بالذات ليرسل الاخوان للاقباط هديتهم لا يغيب عن أحد.  العالم كله يستعد للاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح، فى كل بقاع الارض تقام الزينات والاضواء وتصدح الموسيقى وتنشد الاغانى ويذهب الناس لشراء الهدايا للكبار والصغار ويتبادلون بطاقات التهنئة مع التمنيات الطيبة بالسعادة والفرح.
 
والاخوان لابد انهم يؤمنون بالسيد المسيح كنبى ويؤمنون بأنه قد ولد ولذلك فمن الصعب تصور مدى الكراهية لعيد الميلاد ولاتباع السيد المسيح الذين يسمونهم النصارى وفى تعبير مهين يسمونهم الصليبيين والذين وصفهم احد علمائهم بأنهم اقلية مجرمة كافرة.  وهم يتخيلوا ان المسيحيين  يخزّنون السلاح ويدربون المليشيات لحرب المسلمين.  ولا تسألنى عن دليلهم على هذه الادعاءات فمن يؤمن بشىء كما يؤمنون لا يحتاج الى دليل.
هذه الكراهية قد ازدادت فى الآونة الأخيرة بعد ظهور حركة تمرد وقيام الشعب المصرى بمظاهرات مليونية ادت الى قيام الجيش باستبعاد الاخوان عن الحكم بعد اعطائهم مهلة ان يصلحوا امور حكمهم ولم يستجيبوا.
 
ولكن ظهور الاقباط فى المؤتمر الشعبى الذى اقامه المشير السيسى القائد العام للقوات المسلحة فى ذلك الوقت قد اكد للاخوان ان الاقباط هم وراء استبعادهم عن السلطة.  هذا مع ان المؤتمر كان حاضر فيه الشيخ الطيب ممثلا للازهر وكان فيه ممثل للسلفيين ضمن ممثلين لفئات أخرى.  ولكن وجود البابا تواضروس اثارهم اكثر من كل هؤلاء.  وهذا رغم اعتقادهم ان الاقباط اقلية لا يعتد بها لا تتجاوز 5% من سكان مصر.
ولذلك كان رد فعلهم بعد فض اعتصامهم فى ميدان رابعة انهم تحوّلوا الى ثيران هائجة مجنونة اندفعت  لتحرق نحو 100 كنيسة ومبنى خدمات فى يوم واحد.  والغريب أن ما يدّعونه من وجود المليشيات القبطية والذخيرة العسكرية التى يزعمون انها مخزونة فى الكنائس لم تظهر فى ذلك اليوم ولو لمجرد الدفاع المشروع عن النفس.
 
ولكن الاخوان لا يحتاجون الى دافع منطقى او غير منطقى ليكرهوا الاقباط.  فطبقا لنظرتهم الخاصة فان عقيدتهم تلزمهم بكراهية المسيحيين.  ومن هنا جاء ايمانهم بعدم جواز تهنئتة المسيحيين بأعيادهم بل وحتى مجرد إلقاء التحية  اليهم عند لقائهم.  وهم يطبقون فى هذا النص القرآنى "يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم اولياء (اصدقاء).  تلقون اليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق" سورة الممتحنة 1.  وهم يؤمنون ان العدو فى هذه الآية هم المسيحيون ولا ينظرون الى نصوص اخرى تنفى هذا العداء مثل " ولتجدن اقربهم مودة  للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون" سورة المائدة 82
 
فى صميم المشكلة انهم يعتبرون المسيحيين كفارا طبقا للنص "لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة وما من اله الا اله واحد" سورة المائدة 5: 73.  هذا مع انه من ثوابت المسيحية الايمان بان الله واحد ومع ان فكر التثليث فى المسيحية له معنى لاهوتى روحى بعيد تماما عن شبهة التناسل والتزاوج التى تنسب لهم كذبا.  وهذا مع ان القرآن نفسه يقول "ان الذين آمنوا (المسلمين) والذين هادوا (اليهود) والنصارى (المسيحيين) والصابئون من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" سورة المائدة 62
 
ليس الهدف هنا التوفيق بين العقيدتين المسيحية والاسلامية.  فمن الواضح ان هناك نقاط للتلاقى ونقاط أخرى للاختلاف.  ولكن الخلاف العقيدى يجب ان لا يمنع التعايش السلمى مع الآخر دون اعتداء على من لم يعتدى عليك مثل ما رأيناه فى الكنيسة البطرسية.  وهو ايضا ما رأيناه فى الاعمال الارهابية التى قام بها ارهابيون باسم الاسلام ضد بلاد آوتهم ووفرت لهم الحياة الكريمة الآمنة بعد ان كانوا مشردين بسبب الحروب.
 
لماذا لا يكون هناك حوار متحضر يهدف لفهم كل واحد لعقيدة الآخر ومحاولة كل طرف اقناع الآخر بصواب عقيدته؟  فان اقتنع الآخر المخالف اكتسبت انسانا لعقيدتك وان رفض فقد قمت بواجبك ومن الله ستأخذ اجرك.  اما من يصر على التمسك بالكفر فهو لم يخطىء لك ولكنه اخطأ لصاحب الدين الذى هو الله وهو وحده الذى له حق محاسبته.  ومن اجل هذا عيّن الله يوما بعد الموت للقيامة والحساب والعقاب والجزاء.
 
مرة اخرى اتوجه الى اخوتنا الذين يظنون انفسهمم وكلاء الله على الارض وينفذون ما يعتقدونه حكم الله على من يعتبروهم كفارا من المسيحيين بل من المسلمين الذين لا يتبعون خط تفكيرهم.  كيف تقتلون من تريدون هدايتهم؟  وكيف تحببون الناس فى دينكم الذى لا تظهرون منه غير الكراهية والدموية والقتل والتدمير؟
 
Mounir.bishay@sbcglobal.net