الأقباط متحدون - اغتيال السفير الروسى.. ما هو أخطر من ذلك؟
  • ٠٥:٥١
  • الاربعاء , ٢١ ديسمبر ٢٠١٦
English version

اغتيال السفير الروسى.. ما هو أخطر من ذلك؟

مقالات مختارة | بقلم:منى مكرم عبيد

٠٨: ٠٩ م +02:00 EET

الاربعاء ٢١ ديسمبر ٢٠١٦

منى مكرم عبيد
منى مكرم عبيد

 يبدو أن الصراع على الزعامة فى الشرق الأوسط تحول من الحرب بالوكالة إلى حروب صريحة، وهو ما يظهر بوضوح فى الأزمة السورية، فمنذ اندلاعها فى 2011، وهناك أطراف إقليمية تتخذ من الأراضى السورية ساحة للمعارك، وجرى تدعيم لفصائل وجماعات، وما ترتب عليه من تعميق للصراع بشكل واضح دفع ثمنه السوريون، فهناك طرف- يضم روسيا وإيران وحزب الله- يدعم النظام السورى، فى مواجهة تركيا وقطر والسعودية وعدد من العواصم الغربية التى تدعم فصائل معارضة سورية مسلحة، وشهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن تراشقاً أكثر من مرة بين الطرفين تحت مزاعم حماية المدنيين، وربما كانت المنطقة على شفا حرب عالمية نتيجة سباق المصالح بين القوى الكبرى، وحتى مع عودة العلاقات التركية الروسية، على خلفية سقوط طائرة روسية فى سوريا، تجددت الأزمة مرة أخرى باغتيال السفير الروسى فى أنقرة، وتأكيد موسكو أن هذه الخطوة تستهدف إفشال عملية السلام السورية، وبين هذا وذاك ارتُكبت جرائم فى حق السوريين واليمنيين، لن ينكرها التاريخ، ولن تسقط بالتقادم.

 
وحول أزمة الزعامة، كانت محاضرتى عن التغيرات فى الشرق الأوسط بجامعة هارفارد، خلال وجودى فى بوسطن، الشهر الماضى، والتأكيد أن هناك ثلاث دول تتنافس على زعامة الشرق الأوسط، وهى تركيا وإيران وإسرائيل، وأن كل ما يدور من حروب صريحة أو بالوكالة سببه البحث عن الزعامة، رغم ما خلَّفته هذه الحروب من نزيف دماء لمئات الآلاف وتشريد الملايين وخسارة مليارات الدولارات.
 
وتبعه لقاء مع الطلاب العرب بجامعة هارفارد، وأغلبهم من الطلبة السعوديين والفلسطينيين، وتشاركنا النقاش حول قضايا الشرق الأوسط، وكان اللقاء ودياً ومثمراً، خاصة أن لهم خلفية عن التغيرات التى حدثت بمصر والأحزاب السياسية وعائلة مكرم عبيد وتاريخها السياسى.
 
ومن هارفارد إلى الإمارات، حيث شرفت بحضور سباق جائزة الاتحاد للطيران الكبرى للفورمولا 1 لعام 2016 فى أبوظبى، والتقيت صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبى، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأعربت له عن سعادتى بوجودى فى دولة الإمارات، وأشدت بإقامة هذه التظاهرة الرياضية العالمية فى العاصمة أبوظبى، ومستوى المرافق الحيوية والرياضية التى تساهم فى نجاح مثل هذه الفعاليات الجماهيرية، كما قدمت له الشكر على الدعم الإماراتى المستمر لمصر فى المحافل الدولية، وهو بلا شك خطوة ليست جديدة على دولة الإمارات والقيم التى زرعها الرائع الراحل الشيخ زايد، والتأكيد على مكانة الإمارات المميزة داخل قلوب المصريين، وإعجابى بمبادرة الإمارات كى تكون أرضا للتسامح والسعادة، وهو ما تجلى فى تخصيص وزارة للسعادة.
 
بدوره، أعرب سموه عن تقديره قيامى بالتدريس فى جامعة السوربون بأبوظبى، ومشاركتى بمحاضرات ولقاءات بالمراكز البحثية الإماراتية.
 
وشارك معى فى التظاهرة الرياضية الكبرى: عمرو بدر، الخبير السياحى المعروف، والإعلامى عبداللطيف المناوى، ووليد فارس، مستشار دونالد ترامب للشرق الأوسط، وآخرون.
 
كذلك التقيت بسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولى الإماراتى، وقدمت له الشكر على دعمه مصر فى المحافل الدولية، خاصة أننا لم ننسَ كلمته الشهيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن ضرورة عدم التدخل فى الشأن الداخلى المصرى، وتأكيده أن الإمارات تقدم كل الدعم لمصر حكومة وشعباً، والوقوف بقوة وشجاعة أمام كل مَن حاول التقليل من ثورة 30 يونيو 2013، ومحاولة التشكيك فى شرعية النظام المصرى، وتأكيده أن أى تشكيك فى شرعية الحكومة المصرية هو تدخل فى الشأن المصرى والعربى.
 
وخلال وجودى فى الإمارات، لاحظت أن الدبلوماسية المصرية بحاجة لتغيير سياستها تجاه التعامل مع دول الخليج، فالتراشق الإعلامى يضر بالمصالح والعلاقات المصرية الخليجية، وإن كانت هناك اختلافات فى وجهات النظر بين مصر وأشقائها على خلفية الأزمة السورية أو اليمنية، فلا يمكن أن يتم حلها ببيانات إعلامية أو هجوم عبر الفضائيات، فالدبلوماسية المصرية لديها تاريخ عريق من التعامل مع مثل هذه الأزمات، وليست بالسهولة التضحية بعلاقتنا مع هذه الدول بهذا التراشق الإعلامى، خاصة أن لدينا ملايين المصريين المتواجدين فى دول الخليج، وهم الأكثر تضررا فى هذا الملف، والابتزاز التليفزيونى والفضائى وانتقاد الخليج بهذا الشكل، وما يترتب على ذلك من مبارزة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، كل هذا يعمل على تدنى الحوار وتردى أسلوب النقاش بما لا يليق بمصر وعراقتها.
 
وتصادف ذلك مع ختام مؤتمر «فكر- 15» بأبوظبى، الذى نظمته مؤسسة الفكر العربى، تحت شعار «التكامل هدفنا»، حيث تم تجديد النقاش حول سبل مواجهة الغزو الثقافى، والانتصار للوحدة العربية، ومنع أى تأثيرات خارجية تلعب بورقة الطائفية، والحفاظ على الهوية، خاصة أن أبرز ما خلَّفته ما عُرفت بـ«ثورات الربيع العربى» تمزيق البلدان وتأجيج الصراعات المذهبية والعرقية على حساب التنمية وحقوق الإنسان، وإن كنا لم نصل لمستوى الوحدة المأمولة، إلا أنه ليس بالسهولة أيضا التفريط فيما نملكه من تاريخ وحضارة وإرادة شعوبنا فى التغيير للأفضل.
 
برلمانية سابقة وأستاذ العلوم السياسية
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع