الأقباط متحدون - أنقذوا بيوت الـ«هافواى» والتعافى من الإدمان
  • ٢٣:٢٩
  • الخميس , ٢٢ ديسمبر ٢٠١٦
English version

أنقذوا بيوت الـ«هافواى» والتعافى من الإدمان

مقالات مختارة | بقلم:خالد منتصر

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الخميس ٢٢ ديسمبر ٢٠١٦

خالد منتصر
خالد منتصر

 وصلتنى هذه الرسالة المهمة من د.إيهاب الخراط، استشارى الطب النفسى ومدير عام برنامج «الحرية من الإدمان والإيدز»، تقول الرسالة:

 
المسلسل الشهير «تحت السيطرة» قدم صورة فنية شيقة ودقيقة عن بيوت التعافى أو بيوت منتصف الطريق.. وبيوت التعافى هذه مراكز تأهيل اجتماعى، تقدم خدماتها للمدمنين بعد انتهاء العلاج الطبى والطبنفسى، وهى تقوم على تدريب المدمنين على استخدام مهارات الحياة، بداية من أبسط المهارات، كالاستيقاظ فى موعد محدد وتناول الوجبات والاعتناء بالنظافة الشخصية ومروراً بمهارات التغلب على الرغبة فى التعاطى، أو ما يسمى منع الانتكاسة، وصولاً لإعادة فحص عيوب الشخصية وبناء دائرة أو شبكة من العلاقات الإيجابية والتغلب على المشاكل مع العائلة وفى التوظيف وغيرها. بيوت منتصف الطريق (الهافواى) بحسب تعريفها العلمى ليست مستشفيات ولا يمكن أن تقوم فى داخل مستشفى، لأنها «بيوت» بطبيعتها تستخدم قبل العودة «للبيوت» الطبيعية. أى إنها محطة بين المستشفى والمنزل، نشأت فى منتصف الخمسينات عندما تأسس مركز «داى توب» من نيويورك، ووصف الطبيب النفسى الأشهر ويليام جلاسر William Glasser هذه التجربة وابتكر من وحيها ما سماه «العلاج بالواقع»، وازدهرت مراكز تأهيل المدمنين هذه فى أمريكا وأوروبا ثم فى مختلف بلاد العالم. ووضعت تحت منظار البحث العلمى لتحديد فاعليتها فى عدة بحوث كبرى على مستوى الأمم بأكملها، أولها وأكبرها دراسة البرنامج البحثى لتعاطى المخدرات DARP، التى أجريت على نحو أربعين ألف مدمن ارتادوا مراكز الخدمات المدعومة من الدولة بين عامى 1969 و1971، وجرت متابعتهم مدة سنتين واستمرت المتابعة لدى بعضهم مدة 12 سنة، وانقسم المدمنون إلى من تلقوا علاجاً طبياً فقط ثم من انضموا إلى برنامج للميثادون (بديل دوائى للهيروين) والذين انضموا لمراكز التأهيل الاجتماعى (بيوت التعافى) وأخيراً من انضموا للمتابعة من خلال العيادات الخارجية التى لا تستخدم أدوية، فأظهرت نتائج المتابعة أن من سجلوا أسماءهم فى العلاج ولم يتلقوا علاجاً إطلاقاً حقق 2% منهم امتناعاً مستقراً عن تعاطى المخدرات (أكثر من سنتين) والذين تلقوا علاجاً لأعراض الانسحاب حقق 2% أيضاً امتناعاً مستقراً عن التعاطى، أى إن العلاج الطبى فقط مثله مثل «قلته» فى تحقيق امتناع مستقر وتغير حقيقى ويعقبه غالباً الانتكاس، وتوالت الدراسات طويلة المدى المماثلة فى الثمانينات والتسعينات والألفية الثالثة، آخرها ما نشرت نتائجه فى عام 2013، كلها توكد نتائج الدراسة الأولى.
 
دخلت مراكز تأهيل المدمنين فى مصر عام 1989 ونمت نمواً بطيئاً حتى عام 2001 عندما بدأت تتضاعف هذه البيوت وتؤسس دورات تدريبية معتمدة عالمياً (وليس مصرياً) لتدريب المدمنين السابقين على إدارتها، وازدهرت حتى أصبح عدد هذه البيوت يقدر الآن بـ240 بمتوسط 30 سريرًا فى كل منها، أى نحو 7000 سرير تقدم خدمات التأهيل الاجتماعى، ويقدر عدد المتعافين الذين انقطعوا عن التعاطى وحققوا تغييرا جذرياً فى حياتهم بأكثر من 15 ألف مدمن متعافٍ، هناك طبعاً تجاوزات فى بعض هذه المراكز خاصة عندما يتجاوز المتعافون دورهم ويبدأون فى وصف أدوية أو فى فتح مراكز لعلاج أعراض الانسحاب، وهو نشاط طبى خالص لا ينبغى أن يديروه، وهو يختلف تماماً عن بيوت التعافى أو بيوت منتصف الطريق (مراكز التأهيل الاجتماعى)، هذا العدد الضخم حقق وما زال يحقق نتائج مهمة فى التعامل مع الإدمان ولكنه يحتاج تنظيماً للحد من التجاوزات وتعظيم الفوائد الاجتماعية لهذه «الحركة الاجتماعية»،
 
لذا نقترح ضرورة تنظيم هذا النشاط ليس بوصف هذه البيوت مستشفيات أو مراكز تأهيل طبنفسى لأنها ليست كذلك. بل بوصفها مراكز رعاية لاحقة أو تأهيل اجتماعى، ونقترح أن تخضع لإشراف الشئون الاجتماعية كدور المسنين والملاجئ ومراكز رعاية ذوى الاحتياجات الخاصة وغيرها، مع مرور أطباء مرة أو مرتين أسبوعياً للتأكد من أنها لا تقدم علاجاً طبياً لأعراض الانسحاب وأن من يحتاج من المقيمين فيها لعلاج خارجى يحصل عليه أو يتم تحويله إلى مكان مناسب. وقد عبر مسلسل «تحت السيطرة» بطولة النجمة المبدعة نيللى كريم عما يدور فى هذه المراكز وعن فاعليتها وطبيعة عملها خير تعبير، كما عبر عن معاناة هذه المراكز أحياناً بسبب غياب التوصيف الصحيح والفهم الصحيح لطبيعة عملها لدى السلطات.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع