الأقباط متحدون - ماجي الشهيدة الضاحكة
  • ١٨:١٨
  • الخميس , ٢٢ ديسمبر ٢٠١٦
English version

ماجي الشهيدة الضاحكة

ليديا يؤأنس

مساحة رأي

٥٢: ٠٨ ص +03:00 EEST

الخميس ٢٢ ديسمبر ٢٠١٦

ماجي
ماجي
بقلم: ليديا يؤانس
ماجي .. ضحكتك جنان.
ماجي .. ضحكتك تطل علينا بمعاني،  قد يعجز البعض عن تفسيرها.
ماجي .. ضحكتك لها سِرْ عجيب،  جذبت وراءها المُحبين والمُتأملين.
ماجي .. ضحكتك تًعبر عن براءة ونقاوة ومحبة صافية. 
 
هل تضحكين علي الحياة التي إلى زوال؟
هل تضحكين علي من سلبوكي الحياة وأنتِ لم تخبرِ الحياة بعد؟
هل تضحكين علي القتلة الأوغاد الذين بلا آدمية؟
هل تضحكين لكي تستودعين هذه الضحكة والإبتسامة الرقيقة في قلوب من أحبوكي؟
هل تضحكين لكي تُعطي السلام والتعزية للقلوب المُلتاعة لفُراقك؟
هل تضحكين لكي تُعطي الصبر والسلوان لأُمك وعائلتك؟
هل تضحكين لأنك تُعاينين في السماء ما هو خفي علينا؟
هل تضحكين لأنك تُعاينين العرس السماوي المُنتظرك؟
هل تضحكين لأنك تُشاهدين ما لم تراه عين وما لم تسمع به أذن؟
هل تضحكين لأنك شاهدتي الفردوس من بعيد قبل أن تصلي إليه؟
هل تضحكين لأن يسوع يضحك وفاتح ذراعيه لكي يحتضنك ويمسح كل دمعة من عينيك؟
 
الطفلة ماجي مؤمن،   ذات العشر سنوات،  استشهدت صباح يوم الثلاثاء، الموافق العشرون من شهر ديسمبر 2016،  كانت في عجلة للذهاب إلي السماء،  لكي تحضر إحتفالات عيد الميلاد في السماء، أكيد كانت شايفه أن هناك أفضل من هنا! 
 
ماجي وأمها كانوا ضمن الذين أصيبوا في الإنفجار المُروع،  الذي حدث في الكنيسة البطرسية بالعباسية،  يوم الأحد الموافق 11 ديسمبر 2016، عندما فجر الإرهابي الحقير،  محمود شفيق محمد مصطفي،  نفسه بحزام ناسف، في وسط الكنيسة حوالي الساعة العاشرة صباحًا أثناء القداس الإلهي ليوم الأحد.
 
بعد الإنفجارالمُروع،  دخلت ماجي  إلي غرفة العناية المركزة  بمستشفي الجلاء العسكري وظلت تتلقي العلاج حتي صباح يوم الثلاثاء 20 ديسمبر، حيث كانت إصابتها، شظية أدت إلي كسر الجمجمة وتهتك في الرئة.
 
ماجي الشهيدة رقم 26 من شهداء البطرسية،  ومازال بعض المصابين تحت العلاج والرعاية الصحية.
 
ماجي ظلت ما يقرب من العشرة أيام تُغازلنا بضحكتها البريئة،  كانت الشغل الشاغل للعديد من رواد موقع التواصل الإجتماعي (الفيس بوك)،  صلواتهم مرفوعة من أجلها،  عيونهم مُتعلقة بأخبارها، أنهم يتمنون إجتيازها الأزمة،  والعودة الي مدرستها "كلية رمسيس للبنات" حيث أنها كانت بالصف الرابع الإبتدائي.
 
ماجي كانت طفلة مُتعددة المواهب،  بالإضافة إلي تفوقها بالمواد الدراسية،  فكانت مُغرمة بالتمثيل،   وشاركت في العديد من المسرحيات المسيحية في كنيستها "البطرسية"، هذا بالإضافة إلي أنها كانت لاعبة للكرة الطائرة بنادي وادي دجلة.
 
والدة ماجي،  هذه السيدة الفاضلة أصيبت أيضا في الحادث بشظية في العين اليمني وفقدان جزئي للسمع، أنها أم رائعة،   تقف شامخة،  ثابتة الإيمان، لأنها ربت أولادها تربية مسيحية سليمة، وكما قالت، "المسيح أعطانا الأبناء لكي نربيهم ونُقدمهم شهداء لمجد اسمه إن أراد"،  وفعلا هو أراد!
 
وقفت الأم في وسط الإحتفال بجناز ابنتها،  رافعه رأسها إلي فوق،  ناظرة إلي السماء،  وكأنها تُناجيه قائلة: فلذة كبدي ذبيحة حب أقدمها لك،  لكي تشهد لك،  ولكي نشهد نحن لك أمام العالم،  بأن أبواب الجحيم لن تقوي،  علي شعبك وكنيستك،  لأنك موجود داخل كنيستك بروحك القدوس، وأن ما يحدث من إضطهاد،  فقط لكي تقوي وتتشدد الكنيسة،  بدم الشهداء تنمو وتزدهر الكنيسة،  أما أعداء الكنيسة فالمسيح كفيل بهم.
 
اليوم كان زفاف ماجي للسماء،  كان حفل الجناز،  أكثر من رائع!
 
أكيد ماجي كانت مُرتدية فستان العرس الأبيض،  وربما وضعوا أكليلًا فوق رأسها وهي بداخل الصندوق، الزهور البيضاء تملأ الكنيسة وتُعطرها،  إختلط أريج الزهور مع رائحة البخور الذكية،  الحضور يرتدون ملابس بيضاء علي غير العادة في الجنازات،  دخلت ماجي الكنيسة علي دقة الطبول والمزمار،  ثم بدات مراسم الجنازة الكنسية،   وصعدت الألحان الجنائزية،  بمذاق تشوبه فرحة زفاف الشهيدة للسماء المُختلطة بضحكتها الجميلة.
 
طوباكي يا ماجي، يا جميلة،  يا بريئة، يا نقية، يا شهيدة المسيح.
 
ماجي .. اسمحي لي من خلال هذه السطور المُتواضعة أن أمنحك لقب "ماجي الشهيدة الضاحكة".