أخى القبطى: لا تحزن
مقالات مختارة | أحمد أبو هميلة
السبت ٢٤ ديسمبر ٢٠١٦
أخى فادى، أخى مينا، أختى مارى، أختى كريستينا، طفلتنا الجميلة ماجى، فتانا اليافع عماد: إياكَ أن تحزن، إياكِ أن تحزنى، إياكم جميعاً أن تقلقوا أو تخافوا في وطنكم الأمين مصر، إياكم أن تخيل عليكم ألاعيب رؤوس الشر الغرباء من خارج الوطن، احذروا أن يجعلوكم تشعرون بالغصة أو شيئاً من الخوف في وطن هو لكم كل الأمان.
أحزننى كثيراً مشهد رأيته أمام إحدى كنائس وسط البلد الأسبوع الماضى، في نفس اليوم الذي فاضت روح الطفلة ماجى الطيبة إلى بارئها، سمعت طفلة تقول لأمها وهما تدلفان إلى داخل الكنيسة: [هو بقى ممكن يا ماما الإرهابيين يجوا هنا عشان يفجروا المكان ده كمان؟]، صدمنى السؤال، وشل تفكيرى من المفاجأة، من أين لطفلة مثلها في عمر الزهور أن تفكر في مثل تلك الأمور؟! هل إلى هذا الحد غيرت أنفسنا الحوادث، وماتت فينا الإنسانية؟!
مضيت وكلمات الطفلة البريئة تتردد في أذنى، مضيت شارداً من دون حتى أن أسمع رد والدتها عليها، مضيت أفكر فيما صرنا عليه، وأقلب كفاً على كف على ما أصبحنا فيه.
منذ متى ونحن نخاف في بلدنا هكذا؟ منذ متى وكل منا يتحسب للقادم ويخاف منه، أبدا والله، كل هذه أمور غريبة علينا، لم نعرف في عشرتنا معاً عبر السنين سوى التعاون والمحبة والإيثار، لم نعرف سوى التكاتف في الشدائد، والتشارك في اللأفراح.
لا ننسى أن إخوتنا المسيحيين كانوا أول من هنأونا بذكرى المولد النبوىى الشريف، لا ننسى ذكرياتنا التي تجمعنا سوياً في الأعياد الوطنية والدينية على حدٍ سواء، إصرار أصدقاؤنا المسيحيين في شهر رمضان على أن لا يفطروا إلا معنا في نفس التوقيت عند الأذان، حزمة القصب التي نحضرها لنتقاسمها سوياًً في عيد الغطاس، أطباق الأرز باللبن التي كانت تتبادلها أمهاتنا في مختلف الأعياد، تعانق صوت أجراس الكنائس مع أصوات الأذان ليلاً ونهاراً، مشهدنا عندما وقفنا صفاً واحداً في ميدان التحرير، حين وقف الشباب المسيحيون يصبون الماء لإخوتهم المسلمين ليتوضأوا، ثم تراصوا خلفهم ليحموا ظهورهم وهم يؤدون الصلاة.
لم ولن ننسى، إنها وحدتنا ومحبتنا التي حار فيها الأعداء عبر السنين، ليست بضعة أفعال خسيسة من أناس حاقدين هي التي يمكنها أن تشق صفنا، أو حتى تحدث شرخاً لم يفلح في صنعه من هو أشد منهم عتواً من المستعمرين، إنها الأخوة الوطنية الخالصة التي تجرى في دمنا جميعاً كمصريين، منشأنا واحد، نشرب من ماء نيل واحد، تدفئنا شمس الوطن، ونتنسم هواءها، وتحملنا أرضه، ويجمعنا نفس المصير.
أخى القبطى في الوطن: كان من الممكن أن أستشهد معك أثناء تفجير الكنيسة وأنا أنتظرك حتى تنتهى من صلاتك لنستكمل يومنا سويا.. وحتى إذا استهدفنى هؤلاء الإرهابيون في مسجدى، فإننى على يقين أنك ستكون أول من يكون بجوارى لتطمئن على حالى.
أختى في الوطن: أرجوكِ لا تحزنى، فأختك التي افتقدتيها ليست أختك لوحدك، وابنتك التي تتألمين لفراقها هي ابنتنا جميعاً، الطعنة التي وجهها هؤلاء الحاقدون هي طعنة غائرة توجع صدور كل المصريين، فنحن جسد واحد، الجرح لأحدنا في الشمال يتألم ويسهر له من في الجنوب، الغدر بأحد جنودنا في سيناء، يدوى صداه في قلوب من في القاهرة، كلنا خلايا في جسد واحد، جسد الوطن.
المحبة بين جميع المصريين راسخة ومتينة، ولن يستطيع غريب عنا وعن وطننا أن يفرقنا، فقد بات من الواضح لكل ذى نظر أن هناك من يريد توريطنا في خلافات من أجل القضاء على الوطن، فاحذر أخى المصرى أن تقع ضحية لعملية التضليل هذه، والتى تهدف لإشعال الفتنة، والتى لن تفرق بين مسلم ومسيحى، ولا رجل وامرأة،، فكياننا واحد، وليس أمامنا سوى حصن الوطن نلتف حوله، ونحتمى فيه.
أخى في الوطن: إياك أن تقول لن أضىء شجرة عيد الميلاد هذا العام، أختى في الوطن: إياكِ أن لا تنتظرين بابا نويل ليلة رأس السنة ليأتى لك بأجمل الهدايا، بل سنحتفل جميعا بالعيد هذا العام، سنضىء شجرة الكريسماس بأجمل الألوان، سننتظر بابا نويل ليأتى لنا بأغلى الهدايا، سنتمنى أجمل الأمنيات، بالمحبة والسلام، سنستقبل العام الجديد بكل بهجة وأمل، فهكذا علمنا عيسى عليه السلام، بالنور نهزم الظلام، وبالمحبة ننتصر على الأشرار.
وليكن دعاؤنا جميعا، يا رب بارك بلادى.. على الأرض السلام، وبالناس المسرة.. كل عام ومصر بخير، وكل المصريين طيبين.
نقلا عن المصري اليوم