الأقباط متحدون - قلب رئيس الوزراء!
  • ١١:٤٦
  • السبت , ٢٤ ديسمبر ٢٠١٦
English version

قلب رئيس الوزراء!

مقالات مختارة | حمدي رزق

٣٧: ٠٧ ص +02:00 EET

السبت ٢٤ ديسمبر ٢٠١٦

حمدي رزق
حمدي رزق

أن تكون ناقداً لسياساته لا يعنى أبدا أن تكون شريراً حاقداً على شخصه. وأن تكون مثلى رافضاً لكثير من قراراته لا يمنع أبدا من التعاطف إنسانيا فى وعكته الصحية، بيان مجلس الوزراء يشير إلى أن المهندس شريف إسماعيل تعرض لحالة إجهاد.. ألف سلامة.

رئيس الوزراء، وأى رئيس وزراء مصرى، لابد أن يكون مجهدا، وسلفه المهندس إبراهيم محلب، متعه الله بالعافية، تعرض لموقف مماثل فى مسجد السيدة زينب، فى النهاية هم بشر وليسوا ماكينات، حتما لابد أن يحدث إجهاد، تخيل دوام كامل متواصل، 24 ساعة فى اليوم، 7 أيام فى الأسبوع، ليل نهار، صبح وظهر، مغرب وعشاء، وتختم بنكد فضائيات الليل وآخره، أنصح شريف باشا بمشاهدة أفلام إسماعيل ياسين ترويحا.

معلوم قلب رئيس الوزراء عليل، يحتاج المهندس شريف بعضاً من الراحة، برنامجاً للعمل يتضمن راحات كافية، والراحة نادرة فى مثل حالة رئيس وزراء مطلوب منه إصلاح ما أفسده الدهر فى شهور، سباق مع الزمن، والإيد قصيرة والعين بصيرة، ولا حد بيرحم.

ليتها قاصرة على القرارات، معلوم أن رئيس الوزراء يتميز بجرأة متناهية فى اتخاذ القرارات المصيرية، أهم ميزاته تلك الجرأة التى تجر عليه سخطاً عاماً، القلم لا يرتعش فى يده أبدا، اللهم لا حسد، لا يعرف الأيدى المرتعشة، ولا يتردد أمام الجراحات الكبيرة فى قلب الاقتصاد الضعيف.

إنا عرضنا المهمة، مهمة ثقيلة، فأبى من أبى، لكنه حملها، يحمل على كاهله هم بلد ضخم، معاش تسعين مليوناً كل صباح، الإجهاد الذى استولى على المهندس شريف بات يؤشر على ثقل المهمة التى يضطلع بالوفاء بمتطلباتها، بلد بطنها مفتوحة، وأفواه وأرانب، ومشروعات، وقرارات، ومطالبات، قدره أن يحمل الحقيبة فى توقيت هو الأصعب فى عمر المحروسة.

على قدر أهل العزم تأتى العزائم، مثله مثل كثير من المهمومين بهمّ الوطن، لا يملك وقتاً للراحة، يا دوب فرد طوله على أقرب سرير فى المجمع الطبى بكوبرى القبة، دقائق لالتقاط الأنفاس بعد إجهاد، وعاد ليقف على قدميه، ثم يذهب إلى مكتبه ليكمل البرنامج اليومى المضغوط، هذا الرجل مضغوط بعنف، وليته عاجب، تسلقه ألسنة حداد.

المهندس شريف، ومنذ أن تولى الوزارة، ولا يمر يوم عليه بدون أزمات معيشية، وإذا تصدى لتفكيك الأزمات الواحدة تلو الأخرى، ناوشته الشائعات، لو تفرغ رئيس الوزراء لنفى الشائعات فقط، لما كفاه يومه ولقضى عمره يكافحها كدودة القطن، من الآفات المهلكة للاقتصاد.

منصب رئيس الوزراء فى مصر يحتاج إلى نوعية من الرجال أصحاب الأعصاب الفولاذية، لم يفقد شريف باشا أعصابه بعد، يضغط على أعصابه كثيرا، وقلبه عليل، يخونه قلبه قليلا فى لحظات إجهاد، جرس إنذار، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، كيف يواصل رئيس الوزراء أداء الأعمال على أكمل وجه فى ظل هذا الجو الخانق، يقيناً الرجل يلزمه بعض من الهواء النقى، ولكن هيهات.

فى وعكته الأخيرة التى تجاوزها سريعا وفى دقائق معدودة، لم يلق المهندس شريف تعاطفا يبهجه ويعينه على المهام، دوماً رئيس الوزراء شايل الطين، على كتفيه تسقط عاقبة السياسات، ويتحمل مرغما غضب الرأى العام، والشارع فعلا غاضب، والمزاج الشعبى متعكر، واللحظة قاسية، والقرار قبل أن يكون له مؤيد يرفضه آلاف، هم ناقمون!

تسمع عجباً عن عطلات المسؤولين حول العالم، والبيت الشتوى، والشاليه الصيفى، المسؤول يشحن طاقاته بالراحة، الإجازة ليست رفاهية بل مطلوبة وبإلحاح لإنجاح الأعمال، وإنجاز المهام، وشحن البطاريات، وتصفية الذهن، وضبط الإيقاع، وتحمل الضغوط المتوالية.

هذا ليس وارداً فى علوم الإدارة فى مصر، يظل المسؤول يعمل ويعمل ويعمل حتى يسقط من الأعياء، ويصيبه العطب، وتهتف الجماهير برحيله، فيرحل غير مأسوف عليه، ولربما ينصفه الزمان يوما، كما ينصف الزمان الآن الراحل الكبير الدكتور عاطف صدقى بعد عقود من غبن وإجحاف، ومن شهد رئاسته للوزارة كان محل رفض وانتقاد وغضب، سبحان الله.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع