الأقباط متحدون - حتى لا تكون هناك «ماجى» أخرى!
  • ٠١:١٠
  • السبت , ٢٤ ديسمبر ٢٠١٦
English version

حتى لا تكون هناك «ماجى» أخرى!

مقالات مختارة | عبدالعظيم درويش

٥٠: ٠٩ ص +02:00 EET

السبت ٢٤ ديسمبر ٢٠١٦

عبدالعظيم درويش
عبدالعظيم درويش

حتى صباح الثلاثاء الماضى أصرت «ماجى مؤمن» زهرة العاشرة من عمرها ترفض أن تفيق من «الغيبوبة» التى دخلتها رغماً عن إرادتها بسبب إرهابى فجر نفسه وسط مسالمات كن يرفعن أكفهن بالدعاء للرب فى الكنيسة البطرسية. وأصرت «ماجى» على أن ترقد فى وداعة واطمئنان دون أن تلتفت إلى من يحيطون بها من خلف زجاج العناية المركزة بمستشفى الجلاء العسكرى ويتابعونها بنظراتهم الحانية يتضرعون إلى «الرب» لأن تعود إلى طفولتها مرة أخرى وتحتضن «عروستها» لتجاورها فى سريرها بعد أن تنهى «واجب المدرسة». ظلت «ماجى» فى غيبوبتها أملاً فى أن تفيق يوماً ما بعد أن تطمئن على أن إحدى زميلاتها فى المدرسة أو صديقاتها لن تلحق بها فى جريمة مماثلة قد يقدم عليها أحد الذين باعوا أنفسهم للشيطان وهم يتوهمون أن بإجرامهم هذا ستكون لهم الجنة! صممت «ماجى» على أن تبقى كما هى اعتراضاً على كل من لا يزال متباطئاً فى تصحيح مسار الخطاب الدينى وتسليط الضوء على صحيح الدين عند بعض من «أظلموا عقولهم» وتركوها رهينة لدى من يطلقون لحاهم ويخدعون البسطاء بأنهم حراس الدين، يجندون بـ«فتاواهم الضالة» من يسجد خلف أئمة الضلال فى أى زاوية من زوايا التطرف، متوهماً أنه يسجد لله العلى القدير دون أن يدرك أنه يسجد للشيطان، رافضة كل من يبث فى عقل وقلب كل من أحبطه اليأس وأقنعه بأنه قد باع الدنيا بالفعل وأنه يجب عليه أن يشترى الآخرة بحزام ناسف يفجره وسط أبرياء، من صدق أن «حوريات الجنة» سيصبحن ملك يمينه إذا «جاهد» وأزهق أرواح الأبرياء! وأخيراً ارتقت «ماجى» إلى السماء مع «الرب.. ذلك أفضل» ولن يبقى أمام صديقاتها -خارج قلوبهن- سوى صورة لها فى برواز خشبى يحدد أحد أطرافه شريط أسود وربما ينجحن يوماً ما فى إزاحة مشهد تجسد أمام أعينهن لحظة إسكان جسدها فى مقبرة يتصدرها شاهد رخامى أبيض بلون قلبها!

فى المدرسة ستفتح زميلات «ماجى» كراسات الرسم ليرسمن ملامح ليل أسود كالح كريه يشقه نهر من الدماء بدلاً من الزهور.. سيكتبن فى حصة الإملاء «قٌتل» فعل ماض مبنى -ليس كما تقول قواعد النحو والصرف للمجهول وإنما للمعلوم، وهو هنا ضمير غائب دائماً بفعل «فتاوى الدم والضلال».. سيمحوْن كلمة «زَ رَ عَ» ليكتبن «حَ صً د»، فالحصاد جاء فى غير موعده بحزام ناسف شقت شظاياه قلوباً آمنة مطمئنة أعلنت خضوعها «لإرادة الرحمن الرحيم ولا راد لإرادته». فى حصة الحساب سيجمعن -ليس 2+4- ولكن أعداد الضحايا ممن كانت «ماجى» تردد معهن ترانيم الصلاة.. ولن تغيب عن أذهانهن صورة من كانت تتقاسم معهن «ساندويتشات الإفطار» فى فسحة المدرسة وتتضاحك معهن فى أوتوبيسها.. وتردد معهن «بلادى.. بلادى» فى طابور الصباح! عشرات من الأطفال فقدن الصدر الحانى عليهم بعد أن أصبحوا «يتامى» بفعل عمل إجرامى.. وربما لن يصبح «ميلاد» طبيباً، فقد فارقت أمه الحياة ولم تعد هناك من تضمه إلى صدرها.. وربما لن يكون «عادل» ضابطاً، فبدلة الضابط التى اشتراها لـ«عيد الميلاد» ستظل كما هى معلقة فى دولاب ملابسه حزناً على فراق من كانت تشجعه.. وربما لن تصبح «فيوليت» مدرسة تحنو على الأطفال مثلما تحنو هى على «عروستها» فقد اعتصر الحزن قلبها على رحيل أمها!!

ذات ليلة ربما تسمع صديقات «ماجى» من أمهاتهن «حكايات» عن الجارات «تيريز وإيفون وليلى» اللاتى لقين الرب وهن مبتسمات مطمئنات.. وستظل أذهانهن عالقة بـ«ماجى» وبضحكاتها وغضبها ولحظات خجلها!

وطالما كان هَمْ البعض هو مجرد إطلاق لحية أو الاختفاء خلف نقاب.. وطالما ظل «شياطين الإنس» طلقاء يخدعون البسطاء بأنهم أصحاب التوكيل الحصرى للإيمان وصحيح الدين.. وطالما ظل الأزهر على صمته.. واعتاد الخبثاء الصعود إلى المنبر بدلاً من علمائه سيخرج من بين صفوف من يتبعونهم ألف «محمود شفيق»..!

يا بنيتى «الجرس» قد ضرب ولكن ليس لـ«المرواح» إلى البيت ولكن للقاء رب كريم.. ولتصمت تلك الأصوات ولتخرس كل الألسنة التى تطالب خداعاً بإتمام المصالحة مع جماعة لا تعرف سوى الإرهاب ولا ترتوى إلا بدماء الأبرياء!!.. ووقتها فقط ستشكو «ماجى» للرب ذلك المجرم الذى أقدم على هذه المذبحة البشعة بدم بارد وكل من يقف خلفه.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع