الأقباط متحدون - فى الفرق الشاسع بين الأزهر وإدارة الأزهر
  • ١٩:٠٨
  • الاربعاء , ٢٨ ديسمبر ٢٠١٦
English version

فى الفرق الشاسع بين الأزهر وإدارة الأزهر

مقالات مختارة | حسين القاضى

٣٢: ٠٧ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢٨ ديسمبر ٢٠١٦

حسين القاضى
حسين القاضى

قد يكون طبيعياً أن يختلط الأمر على البعض من غير المتابعين لملف الأزهر فيظنون أن مواجهة فساد إدارة الأزهر تعنى هجوماً على الأزهر الشريف نفسه، لكن الغريب أن يسرى هذا الفهم عند عميد لإحدى الكليات الأزهرية، لذا لزم بيان الفرق الشاسع بين الأزهر الشريف، الذى هو منارة الإسلام وحامل وراثة الأنبياء والقائم بأمانة التبليغ عن رب العالمين، وبين إدارة الأزهر التى تعنى مجموعة من القيادات التى سلّمت نفسها وعمائمها للمستشار القانونى للمشيخة.

أزعم أنه لا توجد فى مقالاتى كلمة واحدة فى نقد الأزهر الشريف وعقيدته الأشعرية، واختياراته المذهبية، ومنهجه العلمى التليد، ومرجعيته المعتبرة، وإنما فى مقالاتى كلها أستخدم عبارة (المشيخة أو إدارة الأزهر) فقط، أما الأزهر الشريف، ذو الجلال والمكانة، فلا خلاف على احترامه وتبجيله.

الأزهر الذى نحترمه ونجلّه هو ذلك المعهد العريق الذى حفظ الإسلام، وملأ الدنيا جلالاً ونوراً ووسطية، أما الإدارة التى ننتقدها فهى التى امتلأت ضعفاً وبعداً عن واقع الناس، وملاحقة ما يستجد لهم من أفكار وأطروحات. الأزهر الذى نحترمه هو الذى يبحث عن كل منفذ إعلامى ينشر من خلاله وسطية الإسلام، أما الإدارة التى ننتقدها فهى التى عجزت عن إخراج قناة الأزهر حتى هذه اللحظة، وتركت المجتمع نهباً للعديد من قنوات الإخوان والسلفيين.

الأزهر الذى نحترمه هو المعهد العريق المنتشر شرقاً وغرباً، يمثله المخلصون العلماء من مشايخه وأساتذته وخطبائه وطلابه، أما الإدارة التى نكتب عنها فهى تلك البقعة الواقعة فى منطقة الدراسة، وقد امتلأت فساداً وإفساداً. الأزهر الذى نحترمه هو الذى كشف -فى الستينات- زيف أفكار سيد قطب ساعة ظهورها، فحذّر المسلمين من خطورتها، لما فيها من تكفير وتجهيل، أما الإدارة التى نكتب عنها فهى التى وصفت سيد قطب فى كتاب: (التراث والتجديد.. مناقشات وردود) بأنه من أعظم مفكرى مصر!!!.

الأزهر الذى نحترمه هو الذى وقف ضد الإخوان منذ عام ١٩٤٥، حين طالب شيخه المراغى بحل الجماعة، ثم عشرات العلماء الأجلاء الذين رفضوا الفكر الإخوانى، أما الإدارة التى نكتب عنها فهى التى مكّنت الإخوان والسلفيين من صناعة القرار فى المشيخة.

الأزهر الذى نحترمه هو الذى ينصهر فيه شيخه الأكبر فى بوتقة واحدة مع هيئة «كبار العلماء»، أما الإدارة التى نكتب عنها فهى مجموعة من القيادات التى صارت كالخاتم فى يد الشاب محمد عبدالسلام يحركهم كيفما شاء. الأزهر الذى نحترمه هو الذى يترافع عن الصغائر، ويقدّر الأولويات، ويتجاوز الخصومات، أما الإدارة التى نكتب عنها فهى التى تدخل فى خصومة مستمرة مع وزير الأوقاف، وكلاهما (الأوقاف والمشيخة) يضرب مثلاً مخزياً فى التخلى عن شرف الخصومة، والفجور فيها، وفى الحديث: «آية المنافق ثلاث.. إذا خاصم فجر». إننى أعرف بعضاً من الكتّاب يمتنعون عن الكتابة فى هذا الملف ظناً منهم أن هذا يتناقض مع احترامهم للأزهر الشريف، والحقيقة أن احترام الأزهر الشريف ومكانته يكون بالوقوف ضد العمائم والقيادات التى رضيت لنفسها أن تكون كالخاتم فى يد المستشار القانونى الشاب الذى يدير المشيخة. الأزهر الذى نحترمه هو الذى كان ينبغى أن يديره ويوجهه ويتولى عقله العلمى ويصنع قراراته شيخه الأكبر، ومن خلفه الأئمة الكبار أعضاء جماعة كبار العلماء ومجمع البحوث، أما الإدارة التى نكتب عنها فهى التى أبعدت كل هؤلاء عن صناعة القرار، وتولى عقلها وقرارها المستشار القانونى للمشيخة، ومن خلفه عمائم يرضيها بسفر أو مكافأة أو عمادة كلية. ولكل الفوارق الماضية فإن الأزهر الشريف سند للدولة المصرية وحضارتها، ومن ثم فإن الحفاظ عليه قضية أمن قومى، لا يجوز المساس بها، وأما إدارة الأزهر فقد ضعفت وترهّلت وتركت المجال مفتوحاً للإخوان والسلفيين، وصار بقاؤها فيه خطراً على الأمن القومى بكل ما تحويه العبارة، وبالتالى فإن الحفاظ على وضع المشيخة والسكوت عليه فيه خيانة للأزهر الشريف.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع