الميزانية السعودية لـ2017.. «المملكة» تواجه «شبح الإفلاس» بـ«الإجراءات الصعبة»
أخبار عالمية | الوطن
الاربعاء ٢٨ ديسمبر ٢٠١٦
قبل نحو 60 يوماً أثارت تصريحات نائب وزير الاقتصاد والتخطيط السعودى، محمد التويجرى، أن «المملكة» «كانت ستواجه إفلاساً حتمياً بعد 3 سنوات فى ظل الظروف الحالية وانخفاض أسعار النفط لولا اتخاذها الإجراءات الأخيرة المتمثلة فى إلغاء بعض البدلات وغير ذلك»، عاصفة من الجدل والانتقادات، دعت وزير المالية، إبراهيم العساف، آنذاك، إلى محاولة احتواء تلك العاصفة، بالقول فى تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الرسمية: «المملكة تواجه التحديات الحالية المحلية والعالمية الاقتصادية والمالية وهى فى مركز قوة، سواء كان ذلك على الصعيد المالى أو النقدى».
ميزانية «المملكة» للعام 2017، التى أقرها مجلس الوزراء السعودى فى جلسته الاستثنائية، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الخميس الماضى، تشير إلى أن «الرياض» تسعى بقوة لتنأى بنفسها عن المصير الذى أشار إليه «التويجرى» وحذر منه فى ضوء المؤشرات والإحصائيات الرسمية، وغير الرسمية المنسوبة لمؤسسات دولية على رأسها صندوق النقد الدولى، خاصة بعد تراجع أسعار النفط، المصدر الرئيس لإيرادات المملكة، منذ منتصف 2014، إلى حوالى النصف، ما أدى إلى تسجيل ميزانيتها عجزاً قياسياً فى العام 2015 بحوالى 98 مليار دولار، وهو ما ذهب إليه الدكتور فخرى الفقى، مستشار صندوق النقد الدولى الأسبق، مؤكداً أن تصريحات نائب وزير الاقتصاد والتخطيط السعودى، حول «إفلاس» المملكة لم تكن تحمل شيئاً من المبالغة، مضيفاً فى تصريحات لـ«الوطن»: «الأزمة المالية العالمية فى 2008، ثم انخفاض أسعار النفط بفعل زيادة الإنتاج وظهور النفط الصخرى فى الولايات المتحدة، واندلاع الحرب السعودية ضد الحوثيين وأنصار على عبدالله صالح فى اليمن، كلها أمور دفعت بقوة نحو تآكل الاحتياطى السعودى المتراكم لسنوات، وأدت إلى لجوء الرياض إلى بيع العملاق السعودى شركة أرامكو النفطية بطرح أسهمها فى البورصة»، مقدراً قيمة الشركة السعودية بـ3 تريليونات دولار، أو «6 أضعاف قيمة قناة السويس المصرية».
وبمطالعة «الوطن» لمؤشرات وأرقام ميزانية 2017، حقق اقتصاد المملكة فى 2016، حوالى 1.4% نمواً فى الناتج المحلى الإجمالى، وارتفع التضخم ارتفاعاً نسبته 3.4% خلال العام الحالى، مقارنة بما كان عليه فى 2015، وعدَّت الميزانية الاقتصاد السعودى من أكبر الاقتصادات فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ يمثل ما نسبته 25% من الناتج المحلى الإجمالى فى المنطقة، مشيرةً إلى أن هذا الاقتصاد تضاعف حتى أصبح من أكبر عشرين اقتصاداً فى العالم، مرتفعاً من المرتبة الـ27 عام 2003، وبلغ متوسط نمو ناتجه المحلى خلال العقد الماضى حوالى 4% سنوياً، وقالت: «تأتى ميزانية عام 2017 لتمثل مرحلة مهمة من مراحل التنمية الاقتصادية فى المملكة، وأعدت هذه الميزانية فى ضوء تطورات الوضع الاقتصادى المحلى والعالمى، بما فى ذلك تقديرات أسعار النفط، بالإضافة إلى تقديرات متطلبات الجهات الحكومية بصورة أكثر واقعية لتفادى الزيادة فى الإنفاق الفعلى ولتحقيق انضباط مالى أعلى».
وتابع البيان العام لميزانية 2017: «حققت المملكة خلال العقد الماضى وضعاً مالياً قوياً من خلال بناء الاحتياطيات فى الفترة التى شهدت ارتفاعاً فى أسعار النفط، لمواجهة تذبذبات الدورات الاقتصادية المحلية والعالمية، كذلك خفضت مستويات الدين العام لتوفير القدرة المستقبلية للاقتراض، إذ بلغ الدين العام قرابة 44 مليار ريال، أى ما يعادل 1.7% من الناتج المحلى الإجمالى فى نهاية عام 2014، ونظراً إلى تراجع أسعار النفط بادرت الحكومة إلى اتباع إجراءات فعالة لرفع كفاءة الإنفاق وترشيده وضبط نسبة العجز إلى الناتج المحلى، وتمويل عجز الميزانية عن طريق إصدار أدوات دين محلية ودولية وقروض، بلغت 200.1 مليار ريال عام 2016 والسحب من الاحتياطى».
ويضيف البيان: «تأثرت إيرادات المملكة (كغيرها من الدول المصدرة للنفط) بتقلبات أسعار النفط التى وصلت إلى ما دون 30 دولاراً أمريكياً، لذا تهدف توجهات المالية العامة على المدى المتوسط إلى تحقيق ميزانية متوازنة بحلول 2020 من خلال تعزيز الإيرادات غير النفطية ورفع كفاءة الإنفاق والعمل على تحقيق الانضباط المالى، وتتمثل الركيزة الأساسية لإدارة المالية العامة فى توفير مزيد من الشفافية حول توجهات المالية العامة متوسطة الأجل لتحديد الاستراتيجية ومسار التعديلات على مدى السنوات الخمس المقبلة، بهدف دعم النمو الاقتصادى وتحقيق الاستقرار المالى، والحد من أثر تقلبات أسعار النفط فى الميزانية العامة للدولة».
وتعتزم «المملكة» خلال العام المقبل اتخاذ حزمة إجراءات اقتصادية وإصلاحية صعبة تكاد تكون غير مسبوقة، لترشيد النفقات وضبط العجز، علاوةً على خفضها الإنفاق على التسليح العسكرى، الذى بلغ ذروته العامين الماضيين، خاصة بعد انطلاق عملية عسكرية لتحالف دولى عربى بقيادة السعودية ضد الحوثيين وموالين للرئيس السابق على عبدالله صالح، عُرفت باسم «عاصفة الحزم».وتوقع البيان العام لميزانية المملكة للعام 2017، انخفاض العجز عام 2016 ليصل إلى 297 مليار ريال، بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له عام 2015 بنحو 366 مليار ريال، وقد مُوَّل العجز من خلال الاقتراض من الأسواق المحلية والدولية، حيث بلغ إجمالى الإصدارات لأدوات الدين المحلية والخارجية والقروض خلال السنة المالية 2016 ما مجموعه 200.1 مليار ريال، ويتوقع أن يصل إجمالى حجم الدين العام فى نهاية السنة المالية 2016 إلى ما يقارب 316.5 مليار ريال، بنسبة 12.3% من الناتج المحلى الإجمالى، مقارنة بـ44 ملياراً فى 2014، وقد تم تمويل باقى العجز بالسحب من الاحتياطى العام للدولة.
قال محمد التويجرى، الأمين العام للجنة المالية فى الديوان الملكى السعودى، خلال مقابلة تليفزيونية، الجمعة الماضية، إن المملكة تخطط لاقتراض ما بين عشرة مليارات و15 مليار دولار من الأسواق العالمية فى 2017، ونحو 70 مليار ريال من السوق المحلية.وقدَّر بيان الميزانية العامة للمملكة فى 2017، ميزانية السنة المقبلة بحوالى 890 مليار ريال، بنسبة زيادة فى الإنفاق المتوقع لعام 2016 قدرها 8%، وتوقع البيان ارتفاع الإيرادات فى 2017 إلى 692 مليار ريال، مقارنة بـ528 ملياراً متوقعة فى 2016، وأرجع ارتفاع الإيرادات إلى تعديل أسعار الطاقة، مقابل 890 مليار ريال للمصروفات فى 2017 من 825 ملياراً فى 2016.وتوقعت «الميزانية» أن يتراجع العجز فى السنة الجديدة بنسبة 33% إلى حدود 7.7% من الناتج المحلى الإجمالى، مسجلاً 198 مليار ريال، وتخطط المملكة خلال العام المقبل لحزمة إصلاحات تشمل مراجعة أولويات الإنفاق على مشروعاتها الحكومية ونطاقها، وترشيد نفقات الأجهزة الحكومية، وإدارة أصول الدولة كالأراضى والعقارات، وإعطاء الأولوية فى التمويل للقطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم وغيرهما، بالإضافة إلى مراجعة وتقييم الدعم الحكومى، بتعديل منظومة دعم المنتجات البترولية والمياه والكهرباء وإعادة تسعيرها خلال 5 سنوات من خلال التدرج فى التنفيذ حتى يتم إلغاء الدعم الحكومى للمنتجات البترولية، وتوفير دعم نقدى مباشر للمستحقين للدعم، وتضمنت الإصلاحات المقرر اتخاذها فى عام 2017 أيضاً، مراجعة الرسوم والغرامات واستحداث رسوم جديدة، واستكمال ترتيبات تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% فى 2018، وفرض رسوم إضافية على المشروبات الغازية والتبغ، واعتماد الرسوم البلدية والقروية، وتطبيق مخالفات السلامة المرورية والمقابل المالى للتأشيرات، مع رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالى والتشغيلى، وتنمية الإيرادات غير النفطية، وربط المصاريف والنفقات بالمخرجات لتعزيز الكفاءة والترشيد، ووضع إطار متوسط للنفقات.
اللافت فى بيان ميزانية السنة الجديدة، كان خفض مصروفات القطاع العسكرى من 205 مليارات ريال فى 2016 إلى 190.8 مليار فى 2017، فيما خلا بيان الميزانية السعودية من أى إشارة للحرب التى تقودها المملكة فى اليمن ضد الحوثيين وموالين للرئيس السابق على عبدالله صالح، واكتفت بالقول: «تضمنت ميزانية القطاع العسكرى مشاريع جديدة وزيادات لمشاريع قائمة لتوفير متطلبات الجهات العسكرية من التجهيزات والمعدات والتسليح والذخيرة»، بالإضافة إلى ما تم تخصيصه لقطاع الأمن والمناطق الإدارية بإجمالى 97 مليار ريال، وتضمنت ميزانية هذا القطاع مشروعات جديدة لإنشاء قواعد بحرية لحرس الحدود، وتنفيذ المرحلة الثانية من شبكة الاتصال الأمنى الموحد (تترا)، وتوفير متطلبات أمنية تتضمن منشآت وتجهيزات ومعدات وأسلحة وذخيرة.
ولم تسلم العمالة الوافدة، ومن بينهم المصريون، من الإجراءات الصعبة التى تستهدف استحداث موارد مالية جديدة، بالإضافة إلى الدفع نحو خفض تلك العمالة الأجنبية لصالح توظيف السعوديين الذين يعانون من البطالة بنسبة تقترب من 13%. واعتمدت السلطات برنامجاً جديداً يعرف باسم «المقابل المالى»، من المقرر تطبيقه بدءاً من النصف الثانى من العام المقبل 2017.
فبحسب ما أعلنه وزير المالية محمد الجدعان، ففى عام 2017 سيتم تطبيق رسوم شهرية على المرافقين والمرافقات فقط، للعمالة الوافدة فى السعودية بواقع 100 ريال عن كل مرافق، التى تستهدف توفير مليار ريال بنهاية العام، وفى عام 2018 سيتم تطبيق رسوم على الأعداد الفائضة عن أعداد العمالة السعودية فى كل قطاع، بواقع 400 ريال شهرياً عن كل عامل وافد، فيما ستدفع العمالة الأقل من أعداد العمالة السعودية 300 ريال شهرياً، وسيدفع كل مرافق 200 ريال شهرياً. ومن المستهدف تحصيل 24 مليار ريال فى 2018، من برنامج «المقابل المالى» للعمالة الوافدة، وفى 2019 ستتم زيادة المقابل المالى للعمالة الوافدة فى القطاعات ذات الأعداد الأقل من السعوديين إلى 600 ريال شهرياً، وفى القطاعات ذات الأعداد الأعلى من السعوديين إلى 500 ريال شهرياً، على أن يرتفع مقابل كل مرافق إلى 300 ريال شهرياً، وسيتم تحصيل 44 مليار ريال.
وفى عام 2020 سيتم تحصيل 800 ريال على الأعداد الفائضة من العمالة الوافدة عن أعداد العمالة السعودية، فيما سيكون المقابل 700 ريال، على العمالة الأقل من أعداد العمالة السعودية فى نفس القطاع، على أن يتم تحصيل 65 مليار ريال.
ولم يستبعد الدكتور فخرى الفقى، مستشار صندوق النقد الدولى الأسبق، أن تمتد الإجراءات الإصلاحية الصعبة التى تعتزم «الرياض» اتخاذها لتشمل فرض ضرائب على التحويلات النقدية للعاملين الأجانب بالمملكة، للاستفادة من التحويلات الضخمة التى تُحوَّل لبلدانهم كل عام، مشيراً إلى أن الإجراءات الجديدة المتعلقة بالعمالة الأجنبية تدفع نحو تقليص هذه العمالة لصالح العمالة السعودية التى تعانى من البطالة.
ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء، عن محللين قولهم: «إن الضبابية ما زالت تكتنف الآفاق السعودية، فبعض أجزاء خطة ميزانية 2017 -بما فيها قفزة كبيرة فى الإيرادات النفطية المتوقعة العام المقبل- لم يتم شرحها بشكل واف، ومن المرجح أن يواجه الاقتصاد المزيد من المتاعب فى السنوات المقبلة، مع سعى الرياض حثيثاً للتخلص تماماً من العجز»، تصريحات «المحللين» عن الضبابية التى ما زالت تكتنف الآفاق السعودية تمتد لتشمل مستقبل المساعدات السعودية لدول الجوار، وعلى رأسها مصر، حسبما يرى صندوق النقد الدولى، فى أحدث تقاريره لمشاورات المادة الرابعة مع السعودية، فى أكتوبر الماضى، الذى أشار فيه إلى أن «التطورات الاقتصادية فى المملكة تؤثر بدرجة كبيرة على دول مجلس التعاون الخليجى، خاصة البحرين، وباقى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعلى رأسها مصر»، مضيفاً: «معظم واردات المملكة تأتى من الإمارات ومصر والبحرين وعمان، وإن البحرين ومصر ستتأثران بشدة فى حالة تباطؤ حركة الواردات السعودية، علاوة أن مصر واليمن ولبنان والأردن وسوريا تحصل على 90% من التحويلات النقدية للعاملين الأجانب بالمملكة، وفى حال اتخاذ المملكة التدابير والإصلاحات اللازمة فى سوق العمل، وما سيترتب على ذلك من انخفاض فى توظيف العمالة الوافدة مقابل العمالة الوطنية (السعودة) وتراجع تدفقات التحويلات فى نهاية المطاف، فإن مصر واليمن ستكونان الأكثر تضرراً، وفقاً للتقرير.
وتابع التقرير: «سوف تتأثر البحرين بدرجة كبيرة أكثر من بقية بلدان المنطقة (وحتى على مستوى العالم)، نظراً لأن معدلات وصول السائحين من المملكة العربية السعودية إلى البحرين تمثل أكثر من ٥٠% من إجمالى معدلات وصول السائحين إلى البحرين، بينما لا تشكل معدلات سفر السياحة من المملكة العربية السعودية (معدلات وصول السائحين) إلى بلدان خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلا ١٠% تقريباً من إجمالى معدلات السفر من المملكة العربية السعودية.
غير أنه تجدر الإشارة إلى عدم وضوح مدى التأثير المحتمل لتباطؤ النشاط الاقتصادى فى المملكة على معدلات السفر إلى البحرين، نظراً للقرب الجغرافى والروابط الوثيقة بين البلدين.
وقد يكون التأثير أكبر على الأردن، خاصة إذا ما اقترن ذلك بتراجع تحويلات العاملين»، لافتاً إلى أن أى انخفاض فى المعونة سيؤثر على الأرجح على بلدان مثل مصر والسودان ولبنان واليمن، التى لا تزال تحصل على دعم كبير من المملكة خاصة منذ عام ٢٠١١.
يقول البنك الدولى، عن المملكة، فى موجزه الاقتصادى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «استنزف الهبوط الحاد لأسعار النفط فى عام 2014 مع ارتفاع مستوى الإنفاق فى السنوات القليلة الماضية الموارد الحكومية، ويسهم النفط بأكثر من 80% من الإيرادات الحكومية، ومع أسعار النفط المنخفضة فى الوقت الحالى، من المتوقع أن يتجاوز عجز الموازنة ما يُقدَّر بنحو 118 مليار دولار فى 2016 (نحو 16 فى المائة من إجمالى الناتج المحلى) و97 مليار دولار عام 2017».
وتوقع البنك الدولى أن تتبَّدد الاحتياطيات الأجنبية من النقد فى غضون 4 أعوام، إذا استمر عجز الموازنة بمستواه الحالى، مضيفاً: «انخفضت احتياطيات النقد الأجنبى 20 فى المائة (لتبلغ 587 مليار دولار فى مارس 2016)، واقترضت المملكة بكثافة، بما فى ذلك 26 مليار دولار العام الماضى، وقرضاً بقيمة 10 مليارات دولار تم وضع لمساته النهائية فى أبريل من هذا العام، وتعتزم السلطات جمع 15 مليار دولار أخرى من خلال إصدار سندات.
وسيضع هذا نسبة الدين إلى إجمالى الناتج المحلى عند 26 فى المائة عام 2017 بالمقارنة مع مستوياتها المتدنية عام 2014.
وارتفعت تكلفة الاقتراض فى أعقاب خفض التصنيف الائتمانى للسعودية من جانب وكالات تصنيف الجدارة الائتمانية، وتُظهِر تقديرات صندوق النقد الدولى أن تحقيق التوازن فى موازنة السعودية يتطلب أن يكون سعر النفط 105.60 دولار، أى أكثر من ضعفى المستويات الحالية»، وهو ما يستحيل فى الظروف الحالية تحقيقه.
وأشار البنك إلى إجراءات التقشف التى اتخذتها «الرياض» فى موازنة 2016، والتى تضمنت خفض الإنفاق بنسبة 14% معظمها فى الإنفاق العسكرى ودعم الوقود، وزيادة العائدات النفطية عن طريق زيادة إنتاج النفط، وتخفيض مخصصات الموازنة لخدمات الرعاية الصحية والتعليم والبلديات.
وكانت أكبر زيادة فى أسعار الوقود 133 فى المائة للإيثان، و79 فى المائة للديزل المستخدم فى قطاع النقل، و67% لكل من الغاز الطبيعى والبنزين الأقل جودة، وزادت أيضاً أسعار الكهرباء والمياه ما يصل إلى 60% للشرائح العليا من الاستهلاك المنزلى وبنسب متفاوتة للاستخدامات التجارية والصناعية، وتم تخفيض فاتورة الأجور إلى أقل من 15% من إجمالى الناتج المحلى، عن طريق تقليص زيادات الأجور فى القطاع العام وإعادة التفاوض على كل العقود، إلى جانب تخفيضات فى الإنفاق الرأسمالى، وتتسم الآثار العامة لهذه الإجراءات بأنها انكماشية، فقد أدَّت إلى انخفاض نمو إجمالى الناتج المحلى الحقيقى إلى معدل متوقع قدره 1.9% فى 2016 من 3.5% فى 2015، وقبل صدمة الانهيار النفطى، كان الاقتصاد ينمو فى المتوسط بمعدل 5% سنوياً.
وعدَّ مستشار صندوق النقد الدولى الأسبق، خفض مؤسسات التصنيف العالمية ومنها «ستاندرد آند بورز»، و«موديز» و«فيتش»، للديون السيادية السعودية، العام الحالى، دليلاً آخر على تدهور الأوضاع فى أعقاب تراجع أسعار النفط فى يوليو 2014.
وكانت السلطات السعودية قد اتخذت فى الأشهر القليلة الماضية سلسلة إجراءات لمواجهة تراجع الإيرادات النفطية، شملت رفع أسعار مواد أساسية وإجراءات تقشف وخفض رواتب، وصولاً إلى السحب من احتياطاتها، واقتراض 17.5 مليار دولار عبر سندات طُرحت للمرة الأولى فى الأسواق الدولية.