التسعيرة الجبرية ياريس!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الجمعة ٣٠ ديسمبر ٢٠١٦
لا أتصور الرئيس متجولاً فى الأسواق، ولكن جولة رئاسية فى الأسواق ستغير كثيراً من الأفكار المهيمنة على الأداء الحكومى تجاه جنون الأسعار، التى أصابت الأسواق بالسعار، الأسعار نار يا ريس، وإذا تركت النار هكذا تسرح فى الأسواق ستشعل الحريق الذى يتمناه المرجفون.
فليتجول أخلص رجال الرئيس فى الأسواق وسيكتوون بالنار، يستحيل أن تتغير الأسعار بين عشية وضحاها، وأبوقرش صار بعشرة، وأبوعشرة أصبح بمائة، وهكذا دواليك فى متوالية سعرية شاذة وغريبة، ومتعمدة لإفشال البلد، وإشعال النار فى الصدور، الناس تئن من الغلا والكوى، ولسانها دلدل من الشكوى، والشكوى لغير الله مذلة.
ست البيت المصرية حطت أصابعها العشرة فى الشق، مش ملاحقين، كل السلع، إذ فجأة شب فيها الحريق، لن أحدث سيادتك عن اللحوم، فهى رفاهية لا يقدر عليها سوى أكلة اللحوم، ولكن عن العدس والبصل والفول، يا ريس طعام الغلابة أصبح صعب المنال، البيوت انكشفت، والستر تمزق، الناس بتمص ليمون، حتى الليمون صار له سعر.
لن أتحدث أبداً إلى رئيس الحكومة، فهو يتعامل مع قضية الأسعار باعتبارها عادية من العاديات، ويصم أذنيه ووزراؤه عن أنين الناس فى قعور البيوت، وماض فى سياسات الإفقار، أخشى عامداً متعمداً، ولا يأبه بكتابات مخلصة تحذر من حريق الأسعار.
دور رئيس الوزراء وضع السياسات وصك القرارات التى تعيد إلى السوق عقله المفقود، ولكن هيهات الرجل ورجاله قرروا لعب دور رجال الإطفاء، كلما شب حريق سكبوا عليه مياهاً، ولكن النار مستعرة لا تقوى على مكافحتها الإجراءات الحمائية الضنينة والشحيحة التى يتفضل بها رئيس الوزراء.
عندما يجن جنون الأسعار، ويشعلها التجار ناراً، بلا رادع ولا ضمير واستغلالاً لأجواء الأزمة فى إعادة حزينة لقصص القطط السمان وتجار الأرنص وأثرياء الحرب، طالما نحن فى حرب.. لماذا تغيب إذن قرارات الحرب.. لماذا الطبطبة على ظهور التجار الكبار، وترك الحبل على الغارب للاحتكار يمارس هوايته فى إذلال البشر، التجار يسومون المصريين سوء العذاب.
حالة الحرب التى تستلزم مد مظلة البطاقات التموينية، والتوسع فى معاشات التضامن، كرامة وتكافل، لن تثمر بدون قرار رئاسى يحمل صفة قرار حرب، قرار رئاسى بفرض «التسعيرة الجبرية»، وتطبيق قانون الطوارئ على الأسواق، ومحاكمة المحتكرين والمشتغلين وتجار الأقوات بقانون رادع يقطع الأذرع الممدودة لخطف اللقمة من فم الفقير.
سيادة الرئيس مهما أغرقت الأسواق بالسلع ستشفطها بلاعات الاحتكار المفتوحة، بلاعات شرهة للكسب الحرام.. هل من قرر خلع الإخوان وتخليص المصريين من ربقة حكم المرشد، يصعب عليه تحرير الأسواق من عصبة التجار، السوق تأمها عصابات ومافياوات واحتكارات مستقوية ولا يقوى عليها وزير التموين وإن ناصره رئيس الوزراء.
التخوفات التى تقال لمنع صدور قرار التسعيرة الجبرية باختفاء السلع ونشوء السوق السوداء، لا تستقيم أمام ما هو حادث، السوق السوداء متحققة، وإخفاء السلع سياق، والمضاربات السعرية أسلوب سوق، نفس السلعة يتحرك سعرها بين ليل ونهار، نفس السلعة لها عشرة أسعار فى السوق، هذا إذا عثر عليها المستهلك الذى صار أضعف حلقات السوق، ولا يفكك هذه الحلقة الجهنمية التى تمسك برقبة السوق إجراءات أو رجوات أو نداءات أو مقاطعات، المحتكرون مصرون على أن يصرمنها مصبحين ولا يستثنون.
التسعيرة الجبرية يعارضها أصحاب المصلحة، وتحديد هوامش الأرباح لا يهضمها المحتكرون، فلنجرب التسعيرة الجبرية فى نطاق العشر سلع الاستراتيجية ولفترة زمنية لضبط الأسواق وردع التجار، ستة شهور كما طلبتها من المصريين، كما يقولون آخر الدواء الكى.. هل يفعلها الرئيس ويكوى التجار ويضرب الاحتكار؟!
نقلا عن المصري اليوم