الأقباط متحدون - المقدمات والنتائج للصراع فى حلب
  • ٠٣:٥٣
  • السبت , ٣١ ديسمبر ٢٠١٦
English version

المقدمات والنتائج للصراع فى حلب

مقالات مختارة | د.جهاد عودة

٥١: ٠٧ ص +03:00 EEST

السبت ٣١ ديسمبر ٢٠١٦

د.جهاد عودة
د.جهاد عودة

جاء استعادة قوات الرئيس بشار الأسد السيطرة الكاملة على حلب، -أكثر المدن السورية ازدحاما بالسكان قبل الحرب- منعطفا رئيسيا فى مستقبل الحرب متعددة الأطراف، التى دخلت عامها السادس, بينما تم إعلان توصل روسيا وتركيا، لاتفاق يقضى بفتح ممر آمن لإجلاء أهالى المدينة ومقاتلى المعارضة، فى 13 ديسمبر الماضى، كما أعلنت روسيا أنه تم تنفيذ الاتفاق، وقال المتحدث العسكرى الروسى إن عملية تحرير المدينة أظهرت خلو الجزء الشرقى من حلب من «أى معارضة ومنظمات إنسانية وناشطين فى مجال حقوق الإنسان».

اندلع العنف فى سوريا فى 2011، بعد حملة شنتها الحكومة على محتجين مسالمين مطالبين بالإصلاح، وفى مارس من نفس العام خرجت مظاهرات حاشدة فى العاصمة السورية، دمشق تطالب بالإصلاح السياسى، ولكن حلب شهدت احتجاجات محدودة.

وسعت السلطات لقمع هذه الاحتجاجات بالقوة، مما أشعل فتيل العنف فى البلاد المعروفة بالتعدد الطائفى، وفى أوائل عام 2012 سيطر المعارضون على أجزاء من حلب، خاصة مناطق ريف حلب من جهة الشمال الغربى، وحاصروا قاعدة منغ الجوية، وبلدتى نبّل والزهراء، اللتين تقطنهما أغلبية شيعية.

وأُطلقت النيران لأول مرة على المتظاهرين فى حلب فى يوليو 2012، وبدأ المتظاهرون يقاتلون من أجل المدينة نفسها، وسقطت مناطق ريف حلب الفقيرة بسرعة فى أيدى مقاتلى المعارضة فى عام 2013، كما قطع مقاتلو المعارضة الطريق السريع بين حلب ودمشق.

وفى أكتوبر استعادت الحكومة وقوات متحالفة معها هذا القطاع وعززت مواقعها هناك، وفى أبريل 2013 انهارت مئذنة الجامع الأموى فى المدينة، والتى يبلغ عمرها نحو ألف عام، بعد تعرضها لقصف أثناء القتال.

فى 2014 عزز مقاتلو المعارضة والحكومة مواقعهم فى حلب، وبدأت سيطرة النظام على سماء المنطقة تظهر، إذ كثّف من استخدام الطائرات المقاتلة والهليكوبتر فى قصف المعارضين.

فى 2015 كانت المكاسب كبيرة للمعارضين، مما وضع النظام تحت ضغط فى شمال غربى سوريا، حيث تقع حلب، ولكن فى أكتوبر من نفس العام شنَّت روسيا أول ضربة جوية، مما أضعف موقف المعارضين.

وفى 2016 تم حصار وقصف شرقى حلب، مما أدى إلى تقدم قوات النظام والقوات المتحالفة معها بدعم جوى روسى وإلى قطع الطريق المباشر من تركيا إلى شرقى حلب، الذى يسيطر عليه المعارضون، وتمت استعادة قاعدة منغ الجوية، وإنهاء حصار مقاتلى المعارضة.

وفى يوم 27 يوليو طوَّقت قوات النظام بالكامل شرقى حلب، لأول مرة، لكن تم كسر الحصار بعد 10 أيام بهجوم مضاد شنه مقاتلو المعارضة على حى الراموسة، الذى فتح لفترة وجيزة طريقا محفوفا بالمخاطر إلى داخل شرقى حلب من الجنوب.

وساعدت القوات الجوية الروسية ومقاتلون شيعة من العراق ولبنان، الجيشَ السورى بالإضافة إلى قوات النخبة الروسية، - دورها كان سريا-، على استعادة الراموسة فى 8 سبتمبر، ليتم إحكام حصار شرق حلب.

وفى 22 سبتمبر شنّت أعنف ضربات جوية منذ شهور على شرقى حلب، وأعلن النظام عن هجوم جديد لاستعادة المدينة، وأعلنت روسيا والنظام السورى وقف حملتهما فى 18 أكتوبر، وحثتا مقاتلى المعارضة والمدنيين على مغادرة شرقى حلب.

وبدأ آخر هجوم للمعارضة لكسر الحصار فى 28 أكتوبر من ريف حلب إلى غربى المدينة، واستؤنفت الضربات الجوية المكثفة على شرقى حلب، فى 15 و28 نوفمبر وانتزعت قوات موالية للنظام السيطرة على القطاع الشمالى من الجزء الذى يسيطر عليه مقاتلو المعارضة، لتتقلص مساحته بأكثر من الثلث فى هجوم خاطف.

وفى 12 ديسمبر، تقدم الجيش إثر قتال مكثف استمر عدة أيام، وتحت قصف جوى مكثف، لم يترك لمقاتلى المعارضة سوى جزء صغير من المدينة، وفى 13 ديسمبر وافق المعارضون على الانسحاب، فى إطار اتفاق لوقف إطلاق النار يجرى بموجبه إجلاؤهم إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة خارج حلب، مع أُسرهم وأى مدنيين آخرين يرغبون فى المغادرة.

ولكن عملية الإجلاء لم تبدأ إلا يوم 14 ديسمبر، كما هو متوقع، وألقى مسئول من المعارضة اللومَ على إيران وقوات شيعية تابعة لها متحالفة مع الأسد فى تعطيله، فى أثناء ذلك جاء الهجوم الجديد على تدمر المحررة من قبل، بعد الاتقاق على الانسحاب، ووضح أن السوريين والروس وحلفاءهم، لن يقبلوا باحتلال تدمر من جديد، لذا سارع الأمريكان إلى إعلان أنهم المسئولون عن تحرير تدمر، بمعنى أن امريكا وتركيا، وهما فى أغلب الظن وراء تحرك داعش، بغرض إيجاد موضع قدم لأمريكيا على الأراضى السورية.

ست نتائج كبرى يمكن استخلاصها:
1- قدرة بشار على تحويل الثورة والانتفاضة إلى حرب أهلية، 2 - نمو الاحتياج الجيوبلوتيكى لإيران وتركيا وروسيا للتدخل واستخدام هذا للحسم لصالح بشار، 3- العجز الغربى فى التعامل مع التطرف الإسلامى ما ساهم فى قلب هذا التطرف على الغرب، 4- خسارة القوى العربية بأشكالها الرسمية وغير الرسمية فى فرض نفسها كشريك أو وسيط، 5- الحرب الأهلية السورية لم تنته ولكن دخلت طور الانتهاء الطويل والدموى والذى ربما يتضمن تغيير شكل الدولة السورية، 6- تم من ناحية تشكيل «الهيئة الإسلامية السورية» والتى تضم االهيئةب 14 فصيلاً فى الشمال السورى، وهدفها المعلن «إعلان دولة إسلامية فى ريف حلب وإدلب» بصفة «اعتبارية»

كدولة «ناشئة» تحمل اسم «دولة الشام المبارك»، ومن ناحية أخرى، اجتمع المنتصرون فى حلب موسكو وإيران وتركيا وسوريا فى موسكو وكازاخستان، للتشاور حول إطلاق عمليه سلام شاملة لكل سوريا.
نقلا عن الأهرام

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع