الأقباط متحدون | وجدنا الجاني.. وهو الفكر!!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٧:٥٤ | الاثنين ٢٤ يناير ٢٠١١ | ١٦ طوبة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٨٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

وجدنا الجاني.. وهو الفكر!!

الاثنين ٢٤ يناير ٢٠١١ - ٣١: ١١ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: منير بشاي – لوس أنجلوس
ظل ناقوس الخطر يدق منذ زمن طويل، ولكن الآذان كانت إما لا تسمعه أو لاتميزه أو لا تقدّر خطورته.. إلى أن حدث الإنفجار. وعندما وقع المحظور وارتكبت مذبحة كنيسة االقديسين حاول المسئولون أن يعلّقوا المسئولية على شماعات تقليدية معتادة مثل الموساد أو أمريكا. واقترح البعض الآخر أنه ربما جاءت عناصر من القاعدة إلى مصر لتنفذ عمليتها الإرهابية. وبعد حدوث المذبحة مباشرة أعلن السيد محافظ الإسكندرية أن وراء الحادث عناصر أجنبية. قال هذا قبل أن يجرى أى تحقيق أو يحصل على أي دليل.
وأمس أعلن السيد وزير الداخلية في إحتفال عيد الشرطة عن تمكنهم من معرفة المسئول عن حادثة كنيسة القديسين وهو تنظيم جيش الإسلام الفلسطينى وأن المنفذ كان شابا مصريا فى السادسة والعشرين من العمر اسمه أحمد لطفي إبراهيم محمد خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية.
وقد أثبت هذا خطأ المقولات التي كانت تتردد أن مرتكب الجريمة هم من الأجانب. كما أثبتت كذب نظرية الود المفترض بين عنصرى الأمة. كما أثبتت خطأ افتراض أن مرتكبوا مثل هذه الجريمة لا بد أن يكونوا من الجهلة بحيث يكون من السهل التأثير عليهم وغسل أمخاخهم.
ولكن الصورة كانت واضحة من البداية ولا أدرى كيف غابت عن الخبراء. وقد أشرت إليها في أكثر من مناسبة وآخرها فى برنامج لقناة لوجس الفضائية يوم الخميس۲۰ يناير ۲۰١١ وقلت أن  تنظيم القاعدة، الذي أعلن اعتزامه على القيام بعمليات ضد أقباط مصر، إنتقاما لما ادّعوه من حبس الكنيسة للمسيحيات اللاتى أسلمن فى سجون ملحقة بالأديرة، ليس بالضرورة هو من أرسل أتباعه إلى مصر ليقوم بجريمة كنيسة القديسين. وقلت أنه يكفي أن يقوم تنظيم القاعدة باعلان الأمر ليلتقط الخيط أي فرد أو جماعة داخل مصر، حتى ممن لا علاقة لهم بتنظيم القاعدة، لينفذوه. يكفي أن يكون من ينفذ العملية مؤمنًا بنفس الفكر.
الفكر هو الجاني. هذا الفكر الذي خرج من القمقم أمام أعين السلطات وتركوه ينمو ويكبر حتى أصبح ماردًا ضخمًا مرعبًا، لم يكن في مقدورهم أن يدخلوه القمقم من جديد فلجأوا إلى الإستخفاف به أو حتى إنكار قوته ومدى تأثيره.
هذا الفكر لم يكن فكر الجهلة، والمتطرفين فقط بل رأيناه على لسان كبار العلماء وحاملي الدرجات العلمية الرفيعة والذين تفسح لهم الفضائيات مكان الصدارة أمثال الشيخ القرضاوي والنجار والجندي والعوا وغيرهم.
ولا أدري كيف غاب عن المسئولين حديث الدكتور العوا في قناة الجزيرة، والذي أعتقد أنه من الأسباب المباشرة لما حدث في الإسكندرية. هذا الرجل حاصل على شهادة الدكتوراة في الفلسفة في القانون المقارن من جامعة لندن سنة ۱٩٧۲، وشغل عدة مناصب هامة منها رئيس جمعية مصر للثقافة والحوار، وكان عضو الفريق العربي للحوار المسيحي، وعضو المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية. ويحتل الآن منصب الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. فهل يليق برجل بهذه المكانة العلمية المرموقة ويحظى باحترام المسلمين في بلده، بل وفي العالم الإسلامي كله أن يخرج علينا بحديث على قناة الجزيرة يقول فيه أن:
•       الكنيسة القبطية تخزن الأسلحة في كنائسها بهدف استعمالها ضد المسلمين.
•       الأديرة القبطية تحتوي على سجون لسجن المسلمات رغمًا عن إرادتهن.  
•       الكنيسة القبطية تعمل كإمبراطورية مستقلة داخل الدولة المصرية.
•       الأقباط وعددهم (في رأيه) لا يزيد عن ٦% من السكان يسيطرون على ٤٠% من الدخل القومى المصري.
كيف تسكت الدولة على مثل هذه الادعاءات التي تمثل تحريضًا علنيًا واضحًا ضد فئة من الشعب؟ لو كانت هذه الادعاءات صادقة فيجب محاكمة الطرف القبطي، وإن كانت كاذبة فيجب محاكمة العوا نفسه. ولابد أن الدولة تعلم أن هذه الإدعاءات كاذبة ولكن ربما لم تكن لها المقدرة على إتخاذ إجراء ضد العوا  خشية ما قد يسببه هذا من عواقب.
ولكن عدم التصدي لعاصفة مثل هذه لم يكن بالضرورة الحل الأمثل. فبعد وقت قصير رأينا نتائجها تظهر عندما قام السلفيون بأكثر من ۱٥مظاهرة فى القاهرة والإسكندرية تردد نفس إدعاءات العوا وتهدد بأن تحول شوارع مصر إلى حمامات من الدم. والغريب أن قوات الأمن كانت تقف من بعيد تراقب هذا، وكأنها تتفرج، وهى ترى الغوغاء يهددون الأقباط ويدوسون بأحذيتهم صور قداسة البابا شنودة ويشتمونه بأقبح الشتائم.
ثم حدثت المصيبة الكبرى وتم تفجير كنيسة القديسين وقتل ٢٤ قبطيًا وجرح العشرات. واليوم تخرج علينا وزارة الداخلية لتقول لنا ما كنا نعلمه من البداية أن جريمة كنيسة القديسين حدثت كنتيجة للكراهية الدينية التى تركت تتغلغل داخل عقول الناس دون رادع مؤيدة بالإدعاءات الكاذبة، التى كانت تهدف لتخوين وتكفبر أخوة شرفاء فى الوطن، دون دليل، ليأتي شاب جامعي يلتقط تهديد القاعدة ويقوم بتنفيذ عمليته الإرهابية المريعة.
والغريب أننا نتظاهر الآن وكأننا قد فوجئنا بهذا كله عندما وضعنا أيدينا على الجاني وعرفنا جذور المشكلة. وعلمنا أن الجذور هي مبادئ.. هي فكر.. هي عقيدة مسيطرة على عقول الناس.
كانت السلطات تعلم أن مبادىء هؤلاء الناس أن بناء الكنائس أمر محرّم. وأن المسيحيين أهل ذمة يجب أن يدفعوا الجزية. وأنه لا يجوز إلقاء السلام على المسيحيين. وإنهم يؤمنون بعدم القصاص للمعتدين على المسيحيين. ويؤمنون بحرمان المسيحيين من الوظائف العليا. وغير ذلك.. ولكنهم أغمضوا عيونهم وسكتوا، بل وكانوا أحيانًا ينفذون بعض مبادئهم.
واليوم لا أدري إن كان خبرًا مفرحًا أن نعرف أن جريمة مذبحة كنيسة القديسين قد حلّت، وأن الجاني قد قبض عليه وأنه سينال عقابه. فالخبر المحزن أن الجاني الحقيقي ليس إنسانا لأنه لو كان لأصبح العلاج سهلاً وهو التخلص منه. ولكننا أمام مشكلة أكبر وهي التعامل مع كائن معنوي وهو فكر الإرهاب الذي خرج من القمقم، ولا أظن أن أحدًا في استطاعته أن يدخله مرة أخرى إلى القمقم بسهولة..
معنى هذا أن الدولة أمامها الآن مهمة صعبة وطويلة، وهي محاربة فكر الإرهاب والقضاء عليه قبل أن يقضي ليس فقط على أقباط مصر بل على مصر كلها.
فهل ستأخذ الدولة الأمر بأكثر جدية هذه المرة؟




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :