الأقباط متحدون | المسكوت عنه في علاقة المسلمين والمسيحيين!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٠:٠٤ | الاثنين ٢٤ يناير ٢٠١١ | ١٦ طوبة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٨٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

المسكوت عنه في علاقة المسلمين والمسيحيين!

بقلم: شريف عبد الغني | الاثنين ٢٤ يناير ٢٠١١ - ٠٥: ٠٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بمجرد أن وقعت الجريمة الإرهابية التي استهدفت كنيسة «القديسين» بالإسكندرية مؤخرا، سار سيناريو الأحداث كما تخيلته تماما استنادا على وقائع مماثلة سابقة. مظاهرات تنديد بالحادث، مصحوبة بشعارات «يحيا الهلال مع الصليب» مع رفع ما تيسر من المصاحف والأناجيل، وخروج الشيوخ مع القسيسين في مسيرات مشتركة، مصحوبة بما تيسر أيضا من الأحضان والقبلات. ثم الذروة بتشكيل وزير الإعلام منتخبا من فريق مقدمي برامج «التوك شو» ليقدموا حلقة مشتركة بعنوان «المصريون» من مقر الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، ويرفع خلالها مقدمو الحلقة أياديهم بالدعاء أن «يحفظ الله وحدتنا الوطنية، ثم ينتقم من المترصدين للمصريين وأن يورّينا فيهم يوم يا قادر يا كريم»، يعقبها مباشرة مجموعة من الأغاني التي يقدمها فنانو اللحظة والتي تؤكد أن «محمد ومينا حرروا سينا». ثم ينفض المولد ويذهب كل إلى حال سبيله، الأمر الذي دفع البابا شنودة بطريرك الأقباط الأرثوذكس لأن يعبر عن تشككه فيما يراه من إغراق في التزلف حين قال: «إنني أخشى من الوحدة الوطنية المؤقتة التي تزول بانتهاء الأزمة»!

كلام البابا له شواهد تؤكده، حيث وصل الأمر بالبعض في نفاق الأقباط إلى مستوى ينذر بإخراج النار الكامنة تحت الرماد، فقد زايد إعلاميون فارغو الحكمة والعقل على غلاة الأقباط، بترديد مقولات من عينة أن المسلمين ضيوف على مصر، وهى نفس الكلمات التي سبق وخرجت من الأنبا بيشوي -الرجل الثاني في الكنيسة- وتسببت في اندلاع مظاهرات للمسلمين ردت الكلمة بأسوأ منها ووجهت انتقادات لاذعة للبابا وقادة الكنيسة، وطالبت بالمرة بـ «الإفراج عن الأسيرتين وفاء وكاميليا» وهما زوجتا كاهنين قيل إنهما أسلمتا واحتجزتهما الكنيسة!

وكالعادة المصرية في مثل هذه الأحداث، اختلطت الأمور، وامتزج الجد بالمسخرة، حيث ظهر مذيع لوذعي -حصل مؤخرا على كرسي برلماني من النوع الفاخر كونه ترشح عن الحزب الوطني الحاكم- في فضائيته الملاكي ينهال على المشاهدين بأيمانه المغلظة بأنه يعلم أن المسلمين ضيوف وافدون على مصر، بينما الشريط المثبت على الشاشة يعج بإعلانات عن فرص لن تتكرر لتحسين الكفاءة الجنسية وتكبير الأثداء والأرداف!

أما مربط الفرس بعيدا عن هذه الأجواء الصناعية في معظمها، فقد كشف عنها الطفل محمود «10 سنوات» الذي وردت حكايته في تقرير صحفي. محمود يعيش في حي عين شمس الذي يضم خليطا من المسلمين والمسيحيين، ويحب صديقه في الفصل الدراسي «بيشوي» ويراه «مختلفا» لأنه الطالب المسيحي الوحيد الذي يجلس بجوار طالب مسلم «بمزاجه» ولا يشعر بضيق أو يحس منبوذ. ويضيف الطفل: «أنا باحب صاحبي بيشوي أوي، بس ماما قالت لي أوعى تاخد منه أكل أو تشرب منه بـُق ميه»، مشيرا إلى أن تنبيه والدته الشديد حرمه من مشاركة زميله الطعام أثناء الفسحة المدرسية.

وكل ما يؤرق محمود أنه لا يستطيع الذهاب إلى منزل بيشوي لأن «ماما مش راضية». طفولة محمود لم تمكنه من فهم المغزى الحقيقي من رفض والدته لطعام المسيحيين لكنه يشعر أن المشكلة عند والدته «مش عند بيشوي، لأنه الساندوتش بتاعه شبه بتاعي بالظبط، فينو وجواه جبنة. العيش من نفس المخبز، والجبنة من نفس البقال».
ما ذكره هذا الطفل البريء، يكشف أصل الأزمة..» التعصب» الذي «عشش» في العقلية المصرية خاصة منذ فترة السبعينيات لأسباب كثيرة من بينها عودة كثير من العاملين المصريين في عدة دول عربية بأفكار متشددة. لكن الجميع يُغفل وجود أي «تطرف» مجتمعي، ولعل كثيرين منا قابلوا أشخاصا يسلمون على المسيحيين المصريين بتأفف بدعوى أنهم لا يتطهرون من الجنابة، في نفس الوقت الذي يتسابقون فيه على مصافحة السائحين المسيحيين الأوروبيين من ذوى البشرة الشقراء.
هذا جانب، أما الجانب الآخر الذي تتداوله الأوساط السياسية والإعلامية همساً، فهو أن القائمين على هذا الملف الشائك لديهم قناعة بأن مطلب الأقباط بحرية بناء دور العبادة، سيؤدي إلى تغيير هوية الدولة، وستبنى كل يوم كنيسة بفعل الأموال والمساعدات التي تنهمر عليهم من الخارج، فضلا عن أن مطلبهم بتولي من يستحق منهم المناصب القيادية والوظائف الحساسة، لا يمكن تحقيقه، نتيجة أن ولاء القبطي يكون لطائفته وليس للوطن، وبالتالي يمكن أن يتحالف مع أية جهة تساعد طائفته حتى لو كانت إسرائيل!!

لا أعرف إذا كان هذا الكلام المتداول معلومات أم مجرد اجتهادات، لكن المطلوب من الدولة أن تصحح الصورة كاملة بشأن ما يتحدث عنه الأقباط من تمييز، وأن تحل مشكلة بناء الكنائس بشكل نهائي، بأن يتم مثلا تحديد أعداد ومساحات دور العبادة طبقا لتعداد السكان في كل منطقة. أتذكر تعليقا لقارئ مسيحي متزن على المقال الذي كتبته مؤخرا -ونشره أحد المواقع القبطية نقلا عن «العرب»- وذكرت فيه «أن مصر لا تحتاج مزيدا من المساجد والكنائس والأهم بناء مدارس ومستشفيات، لأن الصلاة يمكن تأديتها في أي مكان، وسيتقبلها الله -لو كانت مخلصة- سواء أقيمت في مبنى فخيم أو على الأرض الجرداء». أوضح لي القارئ الكريم أن المسألة «احتياج لتأدية الصلاة، ولو حضرتك تعرف شيئا يسيرا عن المسيحية وطقوس الصلاة فيها كنت أدركت أن صلاة المسيحيين في أرض جرداء أو أي مكان غير الكنيسة لا تجوز». وأضاف أن مشكلة كنيسة منطقة العمرانية الأخيرة، والتي شهدت مصادمات مؤسفة بين الشرطة ومتظاهرين مسيحيين «نتجت عن احتياج الأقباط في تلك المنطقة إلى كنيسة، حيث أن عددهم حوالي 90 ألف مواطن، بينما عدد الكنائس بها 4، ولو افترضنا أن %50 من الأقباط لا يؤدون الصلوات بالكنائس يكون عدد المحتاجين للكنائس 45 ألف مواطن، وبتقسيمهم على الكنائس الأربعة يصبح نصيب كل كنيسة أكثر من 10 آلاف مواطن! فهل يوجد كنيسة في مصر كلها تتسع لـ10 آلاف؟ الإجابة هي لا». وتابع: «ثم العمرانية منطقة مترامية الأطراف والمواصلات الداخلية بها توك توك وما شابه، والناس يسيرون فيها مسافات تقرب من خمسة كيلومترات حتى يصلوا إلى الكنيسة لتأدية الصلاة!!».
تعليق هذا القارئ -الذي لم يذكر اسمه- أقدمه أولاً إلى المجتمع ليحكم عليه بالعقل. ثم إلى أولي الأمر عسى أن يدرك الجميع أن «المواطنة» الحقيقية هي السد المنيع أمام طوفان الفتنة!!
نقلاً عن إيلاف




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :