الأقباط متحدون - المسيح يسأل: من تقولون إنى أنا؟
  • ١٤:٤٤
  • الثلاثاء , ٣ يناير ٢٠١٧
English version

المسيح يسأل: من تقولون إنى أنا؟

منير بشاي

مساحة رأي

٣٦: ٠٨ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٣ يناير ٢٠١٧

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم منير بشاى
    بعد أن أنهى السيد المسيح فترة حياته الخاصة انتقل الى مرحلة رسالته الجهارية.  وبدأ أعماله باختيار تلاميذه الذين سيحملون رسالته من بعده الى العالم.  وجّه السيد المسيح دعوته لكل واحد منهم على حدة، قال لبعضهم "اتبعنى" فتبعه، وقال للبعض الآخر "اتبعنى فاجعلك صيادا للناس" فترك الشباك والمركب وتبعه.  كان لكلام السيد المسيح سلطانا غير عادى لم يستطع التلاميذ معه الا ان يخضعوا ويطيعوا.  ومع ذلك لم يكونوا يعرفون بعد ابعاد المسئولية التى تنتظرهم او معنى ان يكونوا صيادى الناس.

    كانت هناك اشياء كثيرة يحتاج التلاميذ ان يتعلموها للتدريب على وظيفتهم الجديدة.  أول كل شىء كانوا يحتاجون ان يعرفوا من يكون المسيح نفسه، ذاك الذى دعاهم فتبعوه ولم يكونوا يعرفون عنه سوى القليل.  ولم يكن فى الامكان ان يجلسهم المسيح امامه ويلقى عليهم محاضرة يشرح لهم فيها كل شىء وينتهى الأمر.  كان التلاميذ يحتاجون الى فترة زمنية ينمون فيها تدريجيا فى معرفة المفاهيم ذات الطابع الروحى.  كانوا يحتاجون الى ان يعايشوا السيد المسيح ويسمعوا كلامه ويروا اعماله.  وبذلك تترسخ فيهم الرسالة ليس عن طريق التلقين النظرى ولكن نتيجة الاختبار العملى.

    بعد معايشته لابد ان التلاميذ كانوا يتعجبون من شخصية المسيح التى تختلف عن بقية البشر.  رأى التلاميذ في المسيح شخصا مثاليا فى القول والفعل.  ذات مرة تحدى المسيح السامعين ان يجدوا فيه خطيئة.  ومع ذلك لم يكن المسيح يعامل الخطاة بقسوة فكان يغفر للخطاة التائبين ويدافع عن الضعفاء فى وجه المرائين.  ورأى التلاميذ في المسيح القدرة على الخلق عندما خلق اعينا للمولود اعمى.  ووجدوا فيه القدرة على التحكم فى الطبيعة عندما مشى فوق الماء وامر العاصفة ان تهدأ فاطاعته.  اجرى المسيح امامهم العديد من المعجزات فشفى المرضى واقام الموتى بكلمة، ولكنه بكى مواسيا من بكوا لفراق الاحباء.  اطعم الآلاف بخبزات قليلة وبعض السمك ولكنه لم يستكبر من قبول المساعدة من النساء اللآتى كن تخدمنه من اموالهن.  عرف فكر الناس دون ان ينطقوا به ومع ذلك لم يكشف عيوبهم الا بعد ان رآهم على استعداد ان يتقبلوا.  احترم القانون واعطى ما لقيصر لقيصر ودفع المستحق عليه من الضرائب واكثر.  ولكن السيد المسيح لم يجر معجزاته استعراضا لقوته او محاولة لكسب الآخرين له.  فعند محاكمته طلب منه هيرودس ان يريه بعض المعجزات فابى المسيح ولو من قبيل محاولة كسبه الى صفه اثناء المحاكمة.

    رأى التلاميذ السيد المسيح يجرى كل هذه المعجزات واستمعوا له وهو يعلم.  وذات مرة وجدها المسيح فرصة ان يعمل للتلاميذ اختبارا.  وكان الاختبار من سؤالين الاول يتعلق بملاحظاتهم عن ما يقوله الناس عنه والثانى يتعلق برأيهم الشخصى فيما يقوله الناس.

    سأل السيد المسيح التلاميذ أولا "ماذا يقول الناس انى انا ؟"  وكانت الاجابة سهلة فقالوا له ان البعض يقول انك يوحنا المعمدان والبعض الآخر يقول انك ايليا والبعض يقول ارميا او واحد من الانبياء.  ثم جاء السؤال الأصعب والأهم "وانتم من تقولون انى انا؟"  وهنا صمت الجميع الا سمعان بطرس الذى اجاب "انت هو المسيح ابن الله الحى"  متى 16: 16

    الجواب الذى نطق به سمعان بطرس ان المسيح هو "ابن الله الحى" هو صميم رسالة المسيح الذى جاء ليخلص العالم.  وقد تبرهن من حياته الفريدة فعند مولده ظهر فى السماء جمهور من الجند السماوى يسبحون الله قائلين"المجد لله فى الاعالى وعلى الارض السلام وبالناس المسرة"  وكانت حياته سلسلة من المعجزات بدأت بالميلاد من عذراء وانتهت بالموت على الصليب ثم القيامة فى اليوم الثالث.  ثم عاش المسيح بعد القيامة فترة يجهز تلاميذه للارسالية العظمى التى تنتظرهم.  وبعد ذلك رفع الى السماء بينما كان التلاميذ ينظرونه.  ثم ظهر ملاكان ليعطيا التلاميذ هذا الوعد "ان يسوع هذا الذى ارتفع عنكم الى السماء سيأتى هكذا كما رأيتموه منطلقا الى السماء"  أعمال1: 11.

    لم نر او نسمع عن انسان عاش مثل هذه الحياة السامية. ومع ذلك فمفهوم المسيح كابن الله لم يكن من ابتكار المسيحيين ولكنه كان اعلانا الهىيا.  وهو مفهوم روحى لا صلة له بالجسديات أو التناسل البشرى.  وهذا المفهوم تردد فى اكثر من مناسبة فى اماكن متعددة من الانجيل المقدس.

•    فعندما بشر الملاك العذراء القديسة مريم قال لها "لا تخافى يا مريم فانك قد نلت نعمة عند الله وها انت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع.  هذا يكون عظيما وابن العلى يدعى" لوقا 1: 30

•    وفى مناسبة عماد السيد المسيح بواسطة يوحنا المعمدان فى نهر الاردن " لما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء واذ السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتي عليه.  وصوت من السموات قائلا هذا ابنى الحبيب الذى به سررت" متى 3: 16 و 17

•    وفى حادثة التجلى أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد الى الجبل وهناك ظهر لهم موسى وايليا وكانا يتكلمان مع يسوع عن آلامه وصلبه المزمع ان يتم فى اورشليم.  ثم سمعوا صوتا من السماء يقول "هذا هو ابنى الحبيب له اسمعوا" لوقا 9: 35

•    وعند صلب المسيح اهتزت الأرض وانشق حجاب الهيكل "وقائد المئة والذين معه يحرسون يسوع لما رأوا الزلزلة وما كان خافوا جدا وقالوا حقا كان هذا ابن الله" متى 27: 54

    واليوم، اذا وجهنا السؤال  "من يقول الناس عن المسيح؟" ربما سمعنا البعض يقولون إنه نبى عظيم او معلم كبير او فيلسوف رائع.  ولكن المهم هو السؤال الثانى "وانتم من تقولون؟"  وهو السؤال الذى اجاب عليه سمعان بطرس فقال "انت هو المسيح ابن الله الحى"  والمسيح لم يرفض هذا الجواب من سمعان ولم يؤنبه عليه بل امتدحه قائلا "طوبى لك يا سمعان ابن يونا  فما اعلن لك هذا ليس لحم ودم بل ابى الذى فى السمواتِ" متى 16 : 17 مؤكدا انه بالفعل ابن الله.  وكما حدث مع سمعان فالجواب لا يمكن ان يقبله او يفهمه او يعترف به انسان ان لم يعلنه له الله.

Mounir.bishay@sbcglobal.net

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع