الأقباط متحدون - حكايات تاريخية اسكندرية
  • ٠٨:٣٧
  • الاربعاء , ٤ يناير ٢٠١٧
English version

حكايات تاريخية اسكندرية

سامح جميل

مساحة رأي

٥٩: ١٢ م +02:00 EET

الاربعاء ٤ يناير ٢٠١٧

 نوبار باشا
نوبار باشا

سامح جميل
الإسكندرية مدينة العجائب والتناقضات.. هى المدينة متعددة الأوجه أو المدينة الكوزمو، أى الحضارات والثقافات المتعددة، المتناغمة حيناً والمتنافرة أو المتناحرة حيناً آخر، هى الآن معقل من معاقل السلفية الدينية فى مصر..

تجرى على أرضها أحداث طائفية وإرهابية تكشف حالة من التعصب والعنصرية البغيضة.. إنها الإسكندرية.........

بوغوص نوبار باشا (1825م - 1899م) أول رئيس لوزراء مصر. شغل هذا المنصب 3 مرات، الأولى كانت من 28 أغسطس 1878 وحتى 23 فبراير 1879. وكانت ثاني وزاراته من 10 يناير 1884 إلى 9 يونيو 1888. وآخر وزاراته كانت من 15 أبريل 1894 حتى 12 نوفمبر 1895...

ومع نوبار باشا ليروى لنا ولنتعظ
(١)
يروى نوبار باشا فى مذكراته، واقعة جرت بالإسكندرية، عام ١٨٤٤، أنقلها هنا، كما دونها:

فى يوم حدثت جريمة فى الإسكندرية ارتكبها مراكبى عربى «أى مصرى صاحب باخرة شراعية» وكان الضحية شاباً مسيحياً قتل وتم إلقاء جثته فى الماء، ثم اكتشف القاتل وصدرت الأوامر بالقبض عليه وإرساله إلى السجن لحين تنفيذ حكم الإعدام فيه ونصبت المشنقة بالقرب من عمود بطليموس (عمود السوارى). سارت جموع غفيرة من الناس خلف المحكوم عليه بالإعدام، أثناء اقتياده لتنفيذ الحكم وهى تشعر بالمهانة وتردد همساً: كيف يشنق مسلم لأنه قتل كافراً؟ ألم يعلمنا أساتذتنا فى القانون أن حياة مسلم تساوى حياة عشرة من الكفرة؟ إذا تم شنق هذا الرجل فعلينا إذن أن نقتل تسعة آخرين من هؤلاء المسيحيين الكلاب! ولكن بمجرد أن أعلن طاهر بك رئيس البوليس- وهو أعرج- ببساطة- أن الوالى أمر أن يشنق إلى جوار القاتل أى شخص تسول له نفسه إبداء أقل ملاحظة، انصرفت الجموع فجأة واختفت.

(٢)
واقعة أخرى جرت فى السنة نفسها- ١٨٤٤- يرويها نوبار باشا أيضاً وأنقلها بنصها:
حدث ذات يوم بناء على أمر منه (أى محمد على) أن أرسل كبير السياسيين فرساً هدية إلى أحد أمناء سره وكان مسيحياً، ثم اكتشف محمد على بعد ذلك أن الفرس به عيب فنادى عليه فى الديوان وقال له: كيف اخترت فرساً معيباً لتعطيه لفلان، بينما أمرتك أن تعطيه فرساً جيداً؟
رد عليه كبير السياسيين: لكن الفرس الذى اخترته يا سيدى حسن جداً بالنسبة لكافر!. فقال له محمد على: إن الكافر هو الذى لا ينفذ أوامرى. وأمر أن يعاقب فى الحال وأن يضرب بالعصا على مرتين.

(٣)
الواقعة الثالثة، لم يذكرها نوبار باشا فى مذكراته، لكن وردت لدى معظم مؤرخى الثورة العرابية، وقد جرت فى الإسكندرية يوم ١١ يونيو ١٨٨٢، حيث تشاجر حمّار مع أحد المالطيين، وكان يعمل من قبل خادماً فى القنصلية الإنجليزية، كان المالطى ركب الحمار ورافقه الحمّار حتى وصل إلى المقهى ودفع له أجراً مما كان يتوقعه الحمّار، وأدت المشاجرة إلى قتل الحمّار وكان مصرياً، مما ترتب عليه وقوع فتنة بين المصريين والمالطيين داخل المدينة، سقط فيها عديد من القتلى والمصابين، ووجدت بريطانيا ومعها الدول الأوروبية الاستعمارية فى الواقعة وما ترتب عليها فرصة لاتهام الحكومة المصرية بالعجز عن حماية الأجانب والمسيحيين، وبعد شهر بالضبط، أى فى ١١ يوليو ١٨٨٢ كانت المدافع البريطانية تدك طوابى المدينة، وتحدث حالة هياج هستيرى أدت إلى إحراق المدينة بأكملها، وفتحت الباب لاحتلال مصر.

(٤)
الواقعة الرابعة جرت فى زماننا، تحديداً فى صيف ٢٠٠٦، وفى مدينة الإسكندرية أيضاً، حيث انطلق أحد المصابين بالهوس الدينى نحو كنيسة أبوسيفين فى حى محرم بك وفى يده سيف، ويردد بعض الشعارات، واعتدى على المصلين لحظة خروجهم من الكنيسة، وقتل أحدهم وأصاب اثنين منهم، أحدهما كانت إصابته خطيرة، وبعد معاينات وتحقيقات مطولة انتهى الأمر إلى اعتبار ذلك المواطن مريضاً عقلياً.

قال بعض الخبثاء من الليبراليين، إن جنون هذا الرجل أنقذ المحققين من ورطة، فمازال هناك من يرى أنه لا يجوز أن يحكم على مسلم بالقتل إذا قتل غير مسلم، هؤلاء يرون أن الأرواح لا تتساوى، وأن الأرواح توزن بمعيار العقيدة وليس بمعيار الحياة والإنسانية وأن إلهاً واحداً خلق الجميع من أصل واحد..!!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع