بقلم: إستير أبيحائل
يطالبون المذبوح ان لا يتأوه.... ان يكتم أنفاسه...... أن لا يقول (((آآآآه))) .....واذا تجرأ وقال الآه يبقى فتنة وتهييج للأقباط على الأحباء الذابحيين والمفجرون لنا والذين مزقوا بناتنا ونساءنا وشبابنا تمزيقا...أطفال ستعيش باقى أيام أعمارهم سيواجهون الحياة بلا عيون بلا أزرع بلا أرجل من جراء شلة من الغجر المأجورين من السلفيين والوهابيين وأولهم ... عمرو خالد ... الذى يدس للجميع السم فى العسل .....لا نريدك ولا نريد نصائحك ولا نصائح من معك ومن انخدعوا سواءاً بإرادتهم أم مجبورين اتركونا لهمومنا نلملم أشلاء لحم شهداءنا المتطاير فى كل مصر من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب ، نحاول أن نجفف دماء ودموع شعبنا القبطى المجروع والممزق ولنا الله الذى يعولنا بمعرفته ...... ربنا موجود ~ الكاتب والفنان القبطي شفيق بطرس
وجهت حملة "إنترنت بلا فتنة" تهمة جريمة كنيسة القديسين للمجتمع المصري بما فيهم من أقباط مظلومين ومن مسلمين مسالمين وذلك في محاولة لرسم صورة مزيفة لمنهجية الإعتداء الديني والطائفي على الأقباط والأقليات غير المسلمة في مصر، "وذلك للعمل على مخاطبة الرأي العام العالمي ووسائل الإعلام الأجنبية، التي تتهمنا بالتطرف والارهاب، ومن ثم ستتحسن صورتنا امام دول العالم اجمع." كما جاء على لسان صاحب الحملة
لقد اخرج إعلان وزارة الداخلية المصرية عن مرتكب جريمة كنيسة القديسين بالإسكندرية والتصريح عن إستخدام الجناة للشبكة العنكبوتية، أخرج حملة "إنترنت بلا فتنة" من أرض الواقع. فبينما اخذت هذه الحملة في الإعتداء على حقوق الأقباط بمحاولة تثبيت مفاهيم الفتنة الإسلامية وإلقاء مسؤلية إشعالها عليهم منصافة مع الإسلامين.. وتعويم مافاهيم التعددية والمساواة وحرية الرأي وحرية العقيدة.. كشف بيان الداخلية المصرية ان العملية الإجرامية، برمتها، من بدء التخطيط لها، وإلى تنفيذها ومدحها كلها من صنع الإسلاميين، وان الأقباط لم يشتركوا فيها إلا كضحايا.
سطر صاحب الحملة الدكتور عمرو خالد انه ينوي "محاصرة التحريض على الفتنة بين طرفي الأمة".. ولكن ما لم يسطره لنا وللعالم الخارجي الذي يريد تحسين صورة الإسلام أمامه، هو ان "الفتنة" هي إحدى المؤسسات اللاهوتية الإسلامية .. لقد تعمد العلامة الإسلامي الدكتورعمرو عدم التعرض لفلسفة الفتنة الإسلامية والتي تفلسف الاعتداء على حق الفرد والمجتمع في معارضة الأحكام الإسلامية، بل لانها تجعل من المعترض مجرماً خارجاً عن القانون و تجعل للمعتدي حق في الإعتداء. .. تجاهل الدكتور العلامة الإسلامي عمرو خالد التعرض للمفهوم الإسلامي لعقوبة الفتنة [جريمة الإعتراض على الأحكام الإسلامية] والتي تقرر رفع الحماية عن مرتكب الفتنة وعن ما يملك وتخلع عن مرتكبها حقوقه الدستورية والمدنية .. فالفتنة تفلسف وتخلق حقاً للمعتدي في الإعتداء على الأقليات، بل تعطي المعتدي حق الإعتداء الأشد اذا ما رفض المعتدى عليه قبول الإعتداء الأقل.
تجاهل الدكتورالمحترم، صاحب الحملة، ان الفتنة التي يطالبنا بإطفاءها هي نفس الجريمة أُتهمنا بها عندما طالبنا ببناء الكنائس إسوة بالمواطنين المسلمين في بناء الجوامع.. و بالطبع تفادى الدكتور صاحب الحملة الإشارة لان مصطلح "فتنة" المسخدم في هذه الحملة هو نفس المصطلح الذي استخدمه الإسلاميون لتشريع و تبرير وتحليل جرائمهم ضد الأقباط. الم يصل إلى علم صاحب الحملة إن الإسلاميين كانوا قد وجهوا تهمة الفتنة للأقباط قبل ان ينقضوا على ضحاياهم في كنيسة القديسين؟؟
د. سليم العوا وجه تهمة الفتنة للأقباط وهدد برفع الحماية عنهم
لقد اسهب الدكتور سليم العوا في شرح مفهوم الفتنة الإسلامي وذلك في احدى حلقات برنامج بلا حدود والذي بثته قناة الجزيرة في ١٥/ ٩ /٢٠١٠. لقد بسّط العالم الإسلامي الدكتور سليم العوا تفسير معنى الفتنة للمشاهد العادي وشرح بامثلة عملية دور الأقباط في إشعال الفتنة بحسب المفهوم الإسلامي، مما تسبب في إنطلاقة المظاهرات الإسلامية المعادية للأقباط في الإسكندرية، والتي مهدت ان لم تكن قد أدت إلى ارتكاب جريمة تفجيرالمصللين الأقباط بالإسكندرية.
لقد اغرقنا الدكتور والعالم الإسلامي، سليم العوا، علماً بالفتنة والتحريض عليها وعقوبتها؟ حوارالدكتور العوا عن الفتنة لم يكن الأول من نوعه. فلقد تداخل الدكتور سليم العوا من قبل في بنامج القاهرة اليوم معترضا على مناقشة حقوق الأقباط في مصر في خارج نطاق الشريعة قائلاً " لغة الحوار[في البرنامج] .. لم تكن اللغة التي تعودنا عليها في هذا الوطن، هذا وطن يعيش فيه المسلمون والأقباط منذ ١٤٢٨ سنة ... لم يحدث ان قال احد عن الآخر انه اصبح ملطشة، ولم يحدث ان قال احد عن الآخر انه دين درجة تانية، ولا إنها بقيت ديانة دُنيا. هذه الفاظ لا تسعتمل في الحوار الإسلامي المسيحي المصري. هذه الفاظ تليق بأحوال الفتن وبأحوال المحن، وبإثارة النعرات الطائفية، ... وجميع ضيوفك المحترمين لا يقصدون إثارة الفتنة طبعاً، ولا يحبوا ان يكونوا من محرضيها أو محركيها، وطبعاً لا يحبوا ان يكونوا وقوداً لها ... ليرضى اصدقاءنا الأقباط، هذه الدولة ستبقى دولة مسلمة يرعى فيها حق المسيحي ..لانه شريك في الوطن، لكن لايرعى فيها حق المسيحي لأنه يتكلم كلاماً يثير الفتنة، أو يستفز المسلمين" .
الدكتور العوا رفض اعتراض الأقباط على اوضاعهم رافضاً مبدأ استعمال الفاظ التمييز الديني في الحوار الإسلامي المسيحي ومشيراً إلى ان هذا الإعتراض القبطي يعد من باب الفتنة والمحن وإثاة النعرات الطائفية .. هذه اشكالية كبيرة، فكيف نطالب بحقوق المساواة عندما نمنع من استجلاب معاناتنا والظلم الواقع علينا إالى طاولة المحاورات؟؟ وهل من حق الدكتور سليم العوا والفكر الإسلامي المتطرف ان يمنعوا الأقباط من الإعتراض على معاملتهم كمستأجرين لأرض الإسلام؟؟ بأي حق يهدد الدكتور سليم العوا برفع الحماية عن الأقباط؟؟ اتكون الحماية منحة يهبها الإسلاميون للأقباط ويرجعون عنها اذا ما خالف الأقباط شروطهم؟؟
عقد الذمة أوعقد الحماية
الدكتورسليم العوا يشير إلى عقد الحماية الإسلامي والذي يتمتع بموجبه الأقباط بالحماية في أرض الإسلام ليس كأصحاب أرض او شركاء فيها، ولكن كمستأجرين لأرض من ماليكيها.. ويشير الدكتور العوا إلى شرط الجزاء في هذا العقد وهو سقوط الحماية عن الأقباط اذا ما اثاروا الفتنة "هذه الدولة [مصر] ستبقى مسلمة يرعى فيها حق المسيحي" هذه إشارة إلى عقد إستسلام واذلال وليس عهد سلام مع مالكي الأرض... عقد من عقود العصور البدائية التي كانت تنتقص لابسط مبادئ العدل والمساواة وعدم التمييز بين سكان الأرض بسبب الدين، أوالعرق، أو اللون، أوالإنتماء السياسي. عقد استسلام و ذل بمعايير العدل والمساواة الدولية المعاصرة
شروط العقد ونصوص الجزاء فيه
لقد شرط الأقباط على أنفسهم في هذا العقد المجحف بشروط مذلة لهم ولأولادهم ومنقصة لأبسط حقوق المساواة . وافق الأقباط على ان يرضوا بعقد الإستسلام هذا في مقابل ان يكف الإسلاميون عن قتلهم وإحراق ممتلكاتهم وتدمير اديرتهم وكنائسهم. وقبلوا إن يسقط عنهم حقهم (الممنوح لهم من المعتدين) في الحماية اذا خالفوا ما شرطوا على انفسهم .. ينص العقد على ان يكون للإمام المسلم منهم ما كان لأهل العناد.. فإن هم رفضوا الإعتداء الأقل يقع عليهم الإعتداء الأشد، وترفع الحماية عنهم ويقاتلهم المسلمون "حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله" -- سورة الأنفال ٣٩
(انظر المغني والشرح الكبيرللإمامين إبن قدامة وإبن قدامة المقدسي المجلد العاشر والصفحات ٥٨٤- ٦٣١)
لا يمكن ان يجمع مجتمع واحد بين مفاهيم التعددية والمساواة وإحترام الآخر وبين مفاهيم الفتنة الإسلامية
الفتنة مفهوم مضاد وضار لمفاهيم التعددية الثقافية والدينية والعرقية فالفتنة بمعنى الكفر والتحريض على الكفر والذي هو احد مفاهيم الفتنة الإسلامية، يعارض ويمنع الأقباط من المطالبة بحقوقهم في المساواة أمام القانون.. الأقباط لايؤمنون بالقرآن وهذا حقهم في حرية الإعتقاد وهم لن يخضعوا لأحكام تنقص من حقوقهم المدنية والسياسية وهذا حقهم.. فإذا طالب الأقباط بإعتلاء الوظائف العليا في الدولة إسوة بالمواطنين المسلمين، ستقع مطالبتهم هذه في بوتقة الإعتراض على حكم الله، وإذا شددوا الإعتراض على معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية، أواعترضوا على ان ينص الدستور على ان تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، أوإذا اعترضوا على تسمية الإسلام بالديانة العليا لما تحمله هذه التسمية من تصغير للديانات الآخرى، سيتهمهم الإسلاميون بالفتنة والتحريض عليها ويهددونهم برفع الحماية عنهم كما فعل الدكتور العوا و اتباعه من الإسلاميين... الفتنة تثبت فكر الحزب الواحد والرأي الواحد والدين الواحد ولا يمكن للمجتمع الذي يؤمن بالتعددية وإحترام الآخر ان ينادي بمفاهيم الفتنة الإسلامية.. فهل يجمع الإنسان بين الحرية والإستعباد؟ وهل يجمع المجتمع الواحد بين مفاهيم العز والذل معاً؟؟
فقبل ان ينادينا الشيخ عمرو خالد للإتفاق معه على محاصرة الفتنة كان عليه ان يستدرك ان مؤسسة الفتنة الإسلامية هي إحدى أهم المؤسسات الإسلامية التي يستخدمها الإسلاميون لتبرير الإعتداء علينا .. وكان عليه ان يدرك ان رفض الأقباط لهذه المؤسسة وإستدراكهم لما في هذا المفهوم من إعتداء على حقوقهم، هو الذي تسبب في تردي العلاقات بين الأقباط والإسلامين بعد ان اعتبرالإسلاميين ان مطالبة الأقباط بحقهم في المساواة "فتنة" و"تحريض على الفتنة" واوقعوا عليهم العقوبات .. فكيف يطالبنا بقبول ما رفضناه وتحررنا منه
وقبل ان يشترك موقع "الأقباط متحدون" في هذه الحملة، كان عليهم ان يستدركوا ان اشتراكهم في هذه الحملة يعزز المفاهيم الإسلامية التي تقضي بأن للأغلبية المسلمة "حق" في الإعتداء على الأقليات غير المسلمة .. وكان عليهم ان يطالبوا الدكتور عمرو خالد بالعدول عن إستخام مصطلح "الفتنة" والتنكر لما فيه من مفاهيم ظالمة للأقباط وللأقليات الآخرى غيرالمسلمة
يا رب إرحم