الأقباط متحدون - التاجر والكاتب والسياسة
  • ٠٤:١٧
  • الخميس , ٥ يناير ٢٠١٧
English version

التاجر والكاتب والسياسة

مقالات مختارة | بقلم : سليمان شفيق

٣٦: ٠٣ م +02:00 EET

الخميس ٥ يناير ٢٠١٧

 سليمان شفيق
سليمان شفيق

 تظل هذه الثلاثية تفعل فعلها فى ظل تنامى جماعات المصالح ومحاولة التوغل فى السلطة والمجتمع

 
قادنى السياق إلى تأمل جدل العلاقة بين «التاجر والجورنالجى والسياسة».. التاجر الأول كان نقيب الأشراف وشهبندر التجار الشريف عمر مكرم، قاد النضال الشعبى ضد مظالم الوالى العثمانلى خورشيد باشا 1804، وقامت الثورة، وتم عزل خورشيد، وجاء محمد على بدلا منه، لكن محمد على نفاه إلى دمياط عشر سنوات، وأعاده مرة أخرى إلى القاهرة 1819 وتجمع الناس حوله، وحينما انتفض القاهريون ضد الضرائب 1822، نفاه محمد على خارج القاهرة، ومات فى نفس العام بمنفاه، على الجانب الآخر كانت علاقة رفاعة رافع الطهطاوى ومحمد على وأولاده، غريبة جدا، ومزيجا من الاحترام والتوتر، فقد أغدقوا عليه الكثير حتى فاقت ثروته 1900 فدان وقصور وممتلكات، إلا أن الخديوى عباس كان قلقا منه ونفاه إلى السودان 1850.. وبعد أربع سنوات أعاده الخديوى سعيد، ولكن سعيد عاد وفصله 1861، وعندما تولى الخديوى إسماعيل الحكم أعاد رفاعة وجريدته ومشاريعه النهضاوية 1863، ولكن شهر العسل لم يستمر نتيجة وشايات إسماعيل باشا المفتش، وتم تقليص مشاريع رفاعة، والتزم منزله حتى مات فى 1873.
 
بعد ثورة 1919، وصولا إلى 1952، ظهرت شخصية رجل الأعمال عبود باشا، ولد بالقاهرة 1889، وسافر إلى جامعة جلاسكوا ودرس الهندسة، وعمل فى المقاولات حتى نال النيشان العثمانى ورتبة البكوية، وأنشـأ العديد من الشركات، وأنشأ أسطولا ملاحيا، وأعطاه الملك فؤاد الأول رتبة الباشوية 1930، وكانت إمبراطوريته وفق تقييم مجلة التايم الأمريكية تبلغ 100 مليون دولار، ولكن هذه الثروة جعلته يتحكم فى الوزارات بالرشاوى، حتى انقلب عليه الملك فاروق بعد دسيسة من أحمد حسانين باشا، رئيس الديوان الملكى.
 
فى نفس السياق ظهر من الجورنالجية، مصطفى أمين ومحمد حسنين هيكل، مصطفى أمين الذى اتهم فى قضية تخابر وسجن فى العصر الناصرى، ومحمد حسنين هيكل الذى أدى خلافه مع السادات إلى سجنه فى 1981، رغم أن كليهما، مصطفى أمين أخلص لناصر، وكان مندوبه لدى الأمريكان، وهيكل كان ربيب السادات ومهندسه فى انقلاب 15 مايو وكاتب خطاب حرب التحرير 1973.
 
ملياردير آخر وهو الراحل عثمان أحمد عثمان، ولد 1919 وعاش حتى 1999 وأسس 170 شركة منها المقاولون العرب، وصاحب أكبر شركة مقاولات فى الشرق الأوسط، وأسهم فى بناء السد العالى، وبعد تأميم الشركة 1960 ترك له رئاسة مجلس إدارتها ومن بعده أولاده، صاهر السادات، وصار وزيرا للإسكان، وذكرته مجلة فوريس الأمريكية ضمن الأربعمائة الأكثر ثراء فى العالم، أفلت الملياردير عثمان من عسف السلطة، لأنه تنحى جانبا بعد رحيل السادات وحمى أسرته من الانغماس فى أى من صراعات السلطة.
 
تذكرت ذلك وأنا أتابع ملياردير عصرنا المهندس نجيب ساويرس ومواقفه الإيجابية تجاه ثورة 25 يناير، ثم موقفه الحاسم من حكم الإخوان، ولكنه أسس حزبا وسعى للسلطة، وبالفعل حصل المصريين الأحرار على أغلبية الأحزاب وزعامة المعارضة «65» نائبا، ولكن نتيجة خلافات داخل الحزب قامت الجمعية العمومية للحزب بحل مجلس الأمناء الذى يترأسه ساويرس وإقصائه من الحزب!! سبق ذلك تركه موقع العضو المنتدب لمؤسسة أراسكوم العملاقة، ترى هل لانحياز ساويرس الحزبى دورا فى ذلك؟ أم أننا نعيش فى ظل جماعات المصالح التى تتحكم فى مسارات العمل السياسى أكثر من الحكم ذاته؟ فى كل الأحوال، خسارة ما حدث سوف تعود بالسلب على الجميع.
 
حديث المدينة الآخر هو قرار إبراهيم عيسى إيقاف برنامجه، يعود ذلك إلى امتلاك إبراهيم رؤية سياسية جعلته يتحاشى الصدام، وساعده على ذلك أنه رجل أعمال صناعة إعلام وصحافة، كما أنه مستقل وغير منحاز لحزب أو قوى سياسية، فمن يعرف إبراهيم يعلم أنه سيعود بمشروع إعلامى آخر بعد تنقية الأجواء، ولكن من يعرفون نجيب ساويرس «الصعيدى» يعرفون أنه لن يترك ثأره.. وسيحاول أن يعود للحزب أو للحياة السياسية من جديد، وتظل ثلاثية السياسة ورجل الأعمال والجورنالجى تفعل فعلها، فى ظل تنامى جماعات المصالح، ومحاولة التوغل فى السلطة والمجتمع.
نقلا عن المصرى اليوم
 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع