الأقباط متحدون - التعليم التعليم التعليم
  • ٢١:٠٦
  • الأحد , ٨ يناير ٢٠١٧
English version

التعليم التعليم التعليم

مقالات مختارة | جورج إسحق

٤٩: ٠٢ م +02:00 EET

الأحد ٨ يناير ٢٠١٧

جورج إسحق
جورج إسحق

تقدمت مصر مركزا واحدا على مؤشر التنافسية العالمية لعام 2016 ــ 2017، الذى أطلقه المنتدى الاقتصادى العالمى يوم الأربعاء 28 سبتمبر، لتصل إلى المرتبة 115 من بين 138 دولة يغطيها المؤشر. وجاء ترتيب مصر متأخرا عن كل الدول العربية التى يغطيها المؤشر، والتى حظى بعضها بترتيب متقدم مثل الإمارات وقطر والسعودية.

ويساهم تراجع أداء مصر فى بعض المجالات فى تقليل تنافسية اقتصادها رغم ما تملكه من مقومات إيجابية «حسب ما ورد فى التقرير» على رأسها جودة التعليم والتدريب والذى يصل ترتيبها فيه إلى 134 من بين 138 دولة وهو يعد مركزا متأخرا جدا بالنسبة لمكانة مصر.

***

لابد أن نعترف بوجود مشكلات كثيرة فى منظومة العملية التعليمية فى مصر، منها المناهج التعليمية، أسلوب وطريقة التعليم، جودة العملية التعليمية وتأهيل المعلم، كثافة الفصول، حرمان مناطق كثيرة من التعليم. وأخيرا الكارثة التى قضت على أى أمل أو محاولة لوجود تكافؤ الفرص فى العملية التعليمية وهى الغش فى امتحانات الثانوية الذى أصبح «شعبيا» وانتقل من شريحة بعينها إلى جميع الطلاب. نعلم أن هناك اهتمام كمى يتمركز حول بذل الجهود نحو زيادة عدد المدارس ومحاولة بناء المزيد من المدارس فى المناطق النائية وهذا جيد ولكن الاستمرار فى الاهتمام الكمى دون الكيفى ومحاولة تطوير ماهية العملية التعليمية سينذر بمزيد من التراجع فى جودة التعليم فى مصر وخصوصا التعليم الأساسى الذى هو بذرة تشكيل وعى شخصية الطفل. وهذه النقطة شديدة الأهمية ففى كل دول العالم ممنوع تعليم طفل حرفا أو رقما قبل ست سنوات من عمره لأن ملكات عقله التى يخلق بها يحد منها إذا تم اقتحامها بالحروف أو بالأرقام. والطريقة الوحيدة لتلقى معلوماته قبل هذا العمر يحصل عليها من خلال اللعب فقط.

وسوف أضرب مثلا آخر على تكوين حرية التفكير عند الطفل وتغيير فكره الأحادى وهو ما قام به أحد أستاذتنا العظام فى التربية«د. فايز مينا» فى وضع مناهج الرياضيات للصف الأول والثانى الابتدائى تقوم على أن المسألة الحسابية ليس لها حل واحد ولكن لها عدد من الحلول وهذه الفكرة تتيح الفرصة للتفكير التعددى وهى تثرى شخصية الطفل ولكن هذه الفكرة حوربت بشدة ولم تكتمل لأن المعلمين لم يتدربوا عليها جيدا وفضلوا الطريقة التقليدية.

بجانب أن نظام التعليم فى مصر يختزل ال 12 عاما من تعليم الطالب فى امتحان واحد فقط وهو امتحان الثانوية العامة فأصبحت كل الأنظمة السياسية المختصة بهذا الملف تعتنى وفقط بتغيير شكل هذا الامتحان وهو تغيير ظاهرى فقط لا يؤدى بأى شكل إلى حدوث تغيير جوهرى فى جودة هذه المرحلة التعليمية. والسؤال هنا: كيف يتم تحويل هذه المنظومة التعليمة إلى منظومة تهتم بتقييم الطالب خلال كل مراحل تعليمه تقييم وتقويم فى ضوء أهداف التعليم وأهداف المواد العلمية، والتركيز على التقويم الشامل (معرفيا ومهاريا ووجدانيا) دون التركيز على التقييم التحصيلى فقط مما يساعد الطالب أن يصل إلى التعليم الجامعى المتناسب مع مهارته وإمكانيته وكفاءته التعليمية الحقيقة.

***

التعليم كلمة لا توضع فى جملة مفيدة مع الضياع، لأن التعليم هو الذى يحافظ على الوطن من الضياع وليس العكس، فهو سلاح أى مجتمع للنجاة من الهلاك والوقوف على أرض صلبة وبنية قوية من أجل الرقى والتقدم إلى الأمام.

ولإنقاذ وطننا من الضياع لابد أن تضع الدولة جميع جهودها فى سبيل وضع استراتيجية جديدة عاجلة للتعليم فى مصر، حتى نتمكن من ملاحقة التقدم العلمى والتكنولوجى على كل المستويات بالتوازى مع الإسراع من تطوير المناهج الدراسية من مناهج تعتمد على الحفظ والتلقين إلى مناهج تعتمد على التفكير والتأمل والتجربة والبحث والتفكير العملى والنقدى. بجانب تدريب المعلمين وتنمية قدراتهم ورفع مستواهم الاجتماعى، وحدوث تنمية شاملة ومستدامة للمعلمين. بالإضافة إلى تعديل النظام الاقتصادى للتعليم وما ينفق عليه بما يتفق مع المادة 19 من الدستور المصرى والتى ينص جزء منها على«تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها«

بجانب توفير بنية تحتية قوية داعمة للتعلّم (معامل – مكتبات – اتصال بالإنترنت – مرافق لممارسة الأنشطة، وخلافه). وهذا لن يحدث دون مساندة مجتمعية وفتح مجال النقاش المجتمعى ودعم المجتمع الأهلى والمدنى للاستراتيجية الجديدة للتعليم. فلابد أن نلحق بركب التعليم العالمى وهذا لن يحدث دون بناء نظام تعليمى جديد متكامل ومتطور ومتوافق مع المعايير العالمية. وهذا لا يتأتى فى بلادنا إلا بالفكرة التى أثارها العالم الدكتور محمد غنيم عن تشكيل مفوضية للتعليم وهى مفوضية مستقلة لا تتبع أى جهة إدارية أعضائها من علماء التربية المتطوعين تضع استراتيجية للتعليم بجدول زمنى يلتزم به أى وزير تعليم حتى لا نتعرض لما تعرضنا له فى السابق أن كل وزير يأتى له رؤية مختلفة عن ما سبقوه فى منصب الوزارة وهذا يؤدى إلى ارتباك منظومة التعليم كلها.

ولحسن الحظ أيضا يعمل الآن عالم من علمائنا العظام وهو «الدكتور أحمد الحفناوى» الذى سوف يتقدم قريبا بمنظومة كاملة حول النهوض بالتعليم فى مصر.
نقلا عن الشروق

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع