المرأة ضد المرأة!
مقالات مختارة | عاطف بشاى
الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٧
صديقى العزيز المفكر اللامع «خالد منتصر» زوج سعيد جداً، فهو يستيقظ من نومه مبكراً، ووردتان فواحتان من «الزنبق والنرجس» قريبتان من أنفه تمسك بهما زوجته ليجد إفطاراً شهياً معداً بأناقة وذوق رفيع.. وتودعه حتى الباب متمنية له يوماً سعيداً وتوفيقاً باهراً، وتدعو أن يقيه الله شر الوهابيين وفتاوى السلفيين وبغض الإخوان وغباء كتاب ونقاد فلول الرجعية الأصولية.. وكراهية تجار الدين وأعداء العلم ومروجى الخرافة والطب البديل، ويضغط على زر كاسيت السيارة فينطلق صوت فيروز الحالم «حبيتك بالصيف.. حبيتك بالشتاء»، وحينما يتأخر عن موعد عودته إلى المنزل يبعث لها برسالة اعتذار رقيقة فى نفس اللحظة التى يرن فيها جرس الباب فتفتحه لتجد بوكيهاً جميلاً من الورود يحمله إليها العامل ملصقاً به «كارت» منه مكرراً الاعتذار ليخبرها أنه يكتب الآن مقالاً نارياً عن الغبن والقهر الذى تعانيه المرأة فى واقعنا المعاصر نتيجة فتاوى المكفرين، وأشهرها أن المرأة مثل الكلب والحمار تقطع الصلاة، وتعتبر شؤماً بالبيت وزانية إذا تعطرت، ويباح الزواج من بنت التسع سنوات لمجرد أنها تطيق النكاح، وألا يكون واجباً علاجها على نفقة الزوج إذا مرضت وتكفينها إذا ماتت.. ذلك لأن شرط الزواج بها الاستمتاع وإطفاء جذوة شهوة الرجل.. لأن مرضها أو موتها يتسبب فى فقدان هذا الشرط.. وأن الإرهابى الذى يفجر نفسه ليدمر كنيسة سوف يكافأ فى الجنة، بالإضافة إلى التمرغ فى أنهار عسلها ولبنها بسبعين حورية تنتظره.. كل منهن بيضاء هيفاء باهرة الحسن والجمال.. شفافة الجسد لدرجة أن شرايينها تظهر من خلف جلدها.. وكل حورية لها سبعون وصيفة وكل جماع سوف يستغرق سبعين سنة من المتعة التى حرم منها فى الحياة الدنيا، حيث العشوائيات التى يتحول فيها البشر المكتظون إلى عيون مراقبة.. ولا يتبقى فى عالم الحرمان والشقاء وشظف العيش إلا المتع المختلسة الحرام كزنا المحارم وممارسة الشذوذ مع الأطفال والحيوانات.. وينتهى المقال بحقيقة أن قدر المرأة هو أنها على مدى العصور كائن مضطهد تعانى من قهر الرجل وإذلاله وطغيانه أى إنها مسحوقة مهضومة الحق من قبل أن تولد (لما قالوا ده ولد.. انشد حيلى واتسند، وأما قالوا دى بنيَّة.. انهدت الحيطة عليّا)..
هذا بينما يرى أعداء المرأة من المكفرين وغير المكفرين (الأدباء الساخرين أمثال «أحمد رجب» و«أنيس منصور» و«أحمد بهجت».. والمفكرين الكبار أمثال «عباس العقاد» و«توفيق الحكيم».. والفلاسفة العظام ابتداءً من «أرسطو» و«سقراط» وصولاً إلى «نيتشه» و«شوبنهاور») أننا نعيش فى دنيا المرأة فعندما تتزوج يسألون عن مهرها ومؤخر صداقها وثراء زوجها.. وعندما تلد يسأل الجميع عن صحتها.. وعندما يموت زوجها يسألون عن الميراث الذى تركه لها.
وقديماً قال «نابليون» إن المرأة التى تهز مهد وليدها قادرة على هز أعتى عروش العالم.. وإن استبداد المرأة للرجل هو أسوأ أنواع الاستبداد فى التاريخ لأنه استبداد الضعيف للقوى وهو الاستبداد الذى يدوم.. واعترف «توفيق الحكيم» بأنه زوج من القرن السابع عشر رجعى جداً فيما يتصل برأيه فى المرأة.
أما «العقاد» ففى كتبه (هذه الشجرة) و(اليوميات) و(بين الكتب والناس) وغيرها، فهو يجاهر بعداء المرأة (فأخلاقها) تغلب عليها (الغريزة) على الإرادة، بينما أخلاق الرجل تغلب فيها (الإرادة) على (الغريزة).. كما أن المرأة ليست بأسلم جانباً من الرجل لأنها أميل منه إلى الشحناء والشجار، وقد أغناها عن أن تكون مجرمة بنفسها أنها تجرم بيد غيرها لأن أكثر الجرائم إنما تقع بسببها ولأجلها.. فهى تدرك ما تشاء من الجريمة دون أن تتحمل تبعاتها وقلما تقع مصيبة أو كارثة إلا كان وراءها وطر لامرأة تقضيه بيد المجرم بعيدة عما يتعرض له من العقاب.. وهى وإن كانت أقل من الرجال عبثاً وإجراماً فما هى بأقل منه خطايا.. أما الفوارق العقلية بين الجنسين فمن المكابرات التى لا تفهم لها معنى أن يقال إن هذه الفوارق لم تثبت بعد.. فإن الحجر نفسه دليل على التفوق.. وهيهات أن يتفق جميع الرجال أن يحجروا على جميع النساء لو لم يكن بينهما فارق فى العقل والجسد.
قال د. «خالد منتصر»: (باريه) توفيق الحكيم و(عصاه) و(حماره) وجهره بعدائه للمرأة، هى بعض أدواته لتحقيق شكل من أشكال التميز والشهرة.
أما عباس العقاد فلم يكن يكره المرأة، بل كان غارقاً فى حبها ابتداءً من «مى زيادة» مروراً بـ«سارة» حتى «مديحة يسرى»، وأما «شوبنهاور» فقد كان كارهاً لأمه منذ الطفولة، حيث كانت تقسو عليه.. فنشأ كارهاً للنساء كلهن.. و«سقراط» كانت زوجته تلقى بماء قذر عليه وهو جالس مع تلاميذه.. فسخط على كل جنسها.
قلت: ولكن هناك مفارقة مدهشة، فبينما يرى الجميع أن مكة أولى بشعابها فإننا نفاجأ بنائبة برلمانية هى «سهير نصار» تسلك سلوكاً معادياً للمرأة، وتطالب بتعديل قانون الرؤية بانتقال الحضانة من الأم للأب فى حال زواجها بادعاء حماية كيان الأسرة.
قال هذه النائبة استثناء فأغلب أعضاء البرلمان رفضوا طلبها وكذلك الاتحاد العام لنساء مصر.. وعضوات المجلس الأعلى للمرأة.. وجمعية «نهضة وتنمية المرأة» دشنت حملة اسمها (أمهات مصر) تناشد الأمهات بالتوقيع على استمارة تمرد ضد هذه التعديلات لأن الأطفال هم الذين يدفعون ثمنها.
قلت وبماذا تسمى ما تلعبه النساء فى العمليات الإرهابية المختلفة، وآخرهن «علا حسين» المتهمة بالاشتراك فى تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية؟ وما قولك بقيامهن بإيواء الإرهابيين وتقديم الدعم اللازم لهم وصولاً إلى الاشتراك فى العمليات الإرهابية اعتماداً على عدم الشك فيهن.. وعددهن يمثلن 40% من أعضاء الجماعة؟.. وقد خاطبهن المرشد «محمد بديع» فى إحدى جلسات محاكمته أن أجر السيدة الواحدة من الجماعة التى تشارك فى مظاهراتها يساوى أجر (50) صحابية.
قال: هؤلاء فى النهاية أقلية غسلت أدمغتهم بواسطة المكفرين والإرهابيين وصرن قانعات تماماً أن المرأة عورة من أخمص قدميها حتى رأسها وأن عليها الخضوع التام للرجل ولثقافة الحلال والحرام من وجهة نظرهم.
قلت مداعباً فى النهاية هن شياطين خلقن لنا.. أعوذ بالله من شر الشياطين.
قال: بل هن رياحين خلقن لنا.
ولا تنسى أن توفيق الحكيم نفسه هو الذى قال: المرأة هى الزهرة المشرقة فى بستان وجودنا الإنسانى.
نقلا عن الوطن