مولانا.. شيخ الأزهر!
مقالات مختارة | حمدي رزق
٣١:
١٠
ص +02:00 EET
الخميس ١٢ يناير ٢٠١٧
لو قُدر للإمام الأكبر، الدكتور الطيب أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن يشاهد فيلم «مولانا» سيجد ما يسره حقاً، ولشد على أيدى صناع الفيلم، وقال فيهم قولاً طيباً.
أقول قولى هذا بعد مشاهدة الفيلم مجدداً على هدى من اعتراض نفر من المنتسبين للأزهر الشريف على صورة الشيخ «حاتم» كما جسدها الموهوب «عمرو سعد» فى الفيلم، والخلاصة لو نفر من شباب مشايخ الأزهر فى عقل وتفتح وعلم وحركية ونشاط الشيخ «حاتم» لتغير وجه مصر.
حاتم التجسيد الحى بقوته إيمانياً وضعفه إنسانياً، للشيخ الإنسان الذى يرق فيذوب عشقا لفلذة كبده الذى دخل الغيبوبة التى دخلها كثير من الشباب منذ زمن طويل، ويثور على الزيف والبغض والكراهية والتشتت فى مواجهة الإرهاب.
الشيخ «حاتم» حالة أزهرية شابة، طموح، يسقط فى براثن قوى ذات بأس تحاول ترويضه بشتى الطرق، وتلجأ للأساليب القذرة، تهديدا ووعيدا وتلفيقا وفضحا، لكنه فى النهاية قلبه عامر بالإيمان ولم يخش فى قول الحق لومة لائم.
المعمم المتمكن حفظاً للقرآن، والمتفقه فى التفسير، والبليغ فى إيصال رسالة التجديد، المنفتح على المذاهب الأخرى، صاحب العقل الراجح فى تأويل ما غمّ على الشباب، المتصدى لغول الإلحاد، المحاور اللبق، الفاهم لحدود الله ونواهيه، المؤمن بأن عيسى عليه السلام خليق بمحبة المسلمين، وأن محمداً عليه الصلاة والسلام يحمل جانباً إنسانياً عظيماً، إنما أنا بشر مثلكم.
الشيخ «حاتم» فى التحليل الأخير إنسان يحب ويكره، ويقبل على كره ويستغفر، وإذا ما استحال الحق ضلالاً يرفض، فيعذب ويكدر، لكنه دوما قلبه عامر بالإيمان، ورغم المغريات فى النهار والليل، كانت له خلوة مع صورة ابنه الذى امتحنه الله فيه، فكان نعم العبد الصبور.
الأجواء المسممة التى أحاطت بـ«حاتم» فى الفيلم نفس الأجواء المسمومة التى تحيط برجالات الدعوة، وفى القلب منهم شباب الأزهر الشريف، إلحاد زاحف، إرهاب كاره، احتراب مذهبى، فتنة طائفية، استخدام سياسى، وفى الأخير دعوة واجبة للتجديد الدينى، إنا عرضنا الأمانة.
من تطوع بالهجوم على الفيلم من منتسبى المشيخة الأزهرية يقيناً لم يروا الفيلم، سمعوا عنه، فسقطوا فى فخ السلفية التى تكن لمؤلف الفيلم الصديق «إبراهيم عيسى» كراهية مسبقة، فلم تجد فى أفكاره التى حملها الشيخ «حاتم» إلى المشاهد ما تطعن فى إيمانه وحسن بيانه وبلاغته وسلامة أفكاره.
فدلفت كعاتها متسللة من طرف خفى إلى استفزاز المشيخة الأزهرية وتأليبها على الفيلم، بحجة واهية أن الشيخ «حاتم» يسىء إلى صورة الأزهر، وكأن شيوخ الأزهر طبعة واحدة، وكأنهم يدخلون إلى ماكينة عملاقة فتخرج لنا نسخا متشابهة، ونسوا فطرة الله فى الخلق.. وهى الاختلاف.
السلفية لا تستقيم حجتها دينياً على الشيخ حاتم، كان المخرج الكبير مجدى أحمد على حاذقا فى كتابة السيناريو، ولذا صدّرت إلينا أصوات أزهرية تنعى على الفيلم مساسه بالأزهر وإهانة العمامة الأزهرية، وإذا شاهد مشايخ الأزهرية الفيلم لاغتبطوا كثيراً، فالفيلم ينصفهم، وينصرهم، ويجسدهم فى حالة ألق إيمانى، وإنسانى، فى النهاية الشيخ إنسان، بشر، يأكل ويشرب ويسعى فى الطرقات، ويحب ويكره، ويقبل ويرفض، على استطاعته.
العصمة من نصيب الأنبياء، وشيوخ الأزهر ليسوا أنبياء، وليسوا معصومين، الشيخ «حاتم» تألق فى مواجهة المغريات، ونفر نفرة هائلة من الموبقات، وواجه وحده حتى دون زوجته التى تحولت إلى سيدة أعمال، كل صنوف القهر والإذلال.
دموع حاتم فى الهزيع الأخير من الليل تذكرنى بدموع الشيخ «حسونة» فى قلب معركة «الأرض»، وقف موقفاً عظيماً، كم من شباب شيوخ الأزهر على حالة
«حاتم» صابرون محتسبون، الشيخ «حاتم» يشرّف الأزهريين، لا ينتقص منهم حرفاً.
نقلا عن المصري اليوم
«حاتم» صابرون محتسبون، الشيخ «حاتم» يشرّف الأزهريين، لا ينتقص منهم حرفاً.
نقلا عن المصري اليوم