الأقباط متحدون - العلاقة بين جريمتي 2011 و 2016
  • ٠٠:٤٣
  • الجمعة , ١٣ يناير ٢٠١٧
English version

العلاقة بين جريمتي 2011 و 2016

فاروق عطية

مساحة رأي

٥٢: ٠٨ ص +02:00 EET

الجمعة ١٣ يناير ٢٠١٧

تفجير البطرسية
تفجير البطرسية

فاروق عطية
   أعاد التفجير الآثم الذي استهدف الكنيسة البطرسية بالقاهرة (يوم الأحد11 ديسمبر 2016) إلي الأذهان ذكري التفجير المجرم الذي استهدف كنيسة القديسين بالإسكندرية عشية احتفالات رأس السنة في 2011، حيث اتهم النظام حينذاك جماعات متشددة بالقيام به، قبل أن تكشف صحف كانت مقربة لنظام حسني مبارك بعدها ضلوع وزير خارجيته حبيب العادلي في التفجير.

   استحضر بعض السياسيين وجمع من المسيحيين المكلومين الغاضبين الربط بين الحادثتين الأليمتين، حيث هتف البعض أمام مقر البطرسية بتشبيه وزير الداخلية مجدي عبد الغفار بسلفه حبيب العادلي، كما منعوا الوزير من دخول الكنيسة وهتفوا أمامه "ارحل يا وزير الداخلية.. الداخلية بلطجية.

   وفي نفس السياق نفت بعض الحركات المسلحة المصرية "الإخوان والمنظمات الجهادية المختلفة" التي نفذت عمليات سابقة ضد قيادات في الجبش والشرطة وشخصيات دينية وسياسية، في بيانات منفصلة علاقتها بالحادث متهمين النظام بالمسؤولية عنه لإحداث فتنة بين أفراد الشعب، وللتغطية عما يتم من فشل إقتصادي وارتفاع مستمر في الأسعار، وتدهور للجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، قبيل إعلان داعش تبنيها لهذه الجريمة.

   ويري البعض أن وقوع هذا الاعتداء متزامنا مع المولد النبوي هو جريمة شنعاء لا تغتفر، وعمل إرهابي آثم لا يجب أن يمر دون معرفة المجرمين الحقيقيين أيا كانوا وعقابهم، وأن يتم هذا بشكل شفاف ومعلن خطوة بخطوة، وضرورة عدم استغلال الحادث لتبرير مزيد من إجراءات القمع وتهيئة الفرصة للمجرمين للإفلات من العقاب "كما حدث في مرات سابقة"، لافتين إلى التشابه بين استهداف الكنيستين "القديسين والبطرسية"، لأن وحدة المصريين هي الحل للخلاص من هذا "الإجرام" الذي لا يفرق بين مسلم ومسيحي.

   كما حمّل البعض وزارة الداخلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن التفجير، مطالبين بمعالجة "القصور الأمني" بشكل جذري دون الاكتفاء بإقالة مسؤول أو نحوه، ألأن هذا التفجير يدل على "فشل أمني ينبئ بكوارث عظيمة قد تؤدي إلى سقوط مصر كلها في أتون قد لا نستطيع إطفائه"، مبينين أن ما حدث كارثة لا مبرر لها، وأنه سيؤثر على كل التفاصيل، لا سيما استقرار البلاد، معددين "أوجه القصور الأمني الغير مبرر"، من عدم وجود منظومة أمن وقائي جادة، وغياب الدور الإشرافي بمختلف مستوياته، ووجود حالة من الاسترخاء الشديد واللامبالاة لدى الحرس، خاصة وقد ذكر شهود الحادث الأخير تواجد الحرس جميعا داخل سيارة يأكلون وجبة الإفطار علي الجانب الآخر من الطريق المواجه للكنيسة مما سهل دخول الجاني دون رؤيته، وأن المعالجة لا تتوقف على إقالة الوزير فقط، بل لا بد من إعادة هيكلة وزارة الداخلية بشكل كامل، وإعادة النظر في أدائها وجميع إجراءاتها.

    ويرفض البعض الربط بين حادثتي الكنيستين، مبينين أن "الخصومة السياسية هي دافع مجموعات سياسية تفكر بشكل ميكانيكي وتحمّل النظام مسؤولية أي حادثة، وهذا أمر غير منطقي، لأن الحادثة الأخيرة أتت ضمن سلسلة من العمليات الإرهابية التي لم تتوقف، كان آخرها ما حدث بشارع الهرم قبيل حادث البطرسية بيومين "صباح اليوم الجمعة 9 ديسمنر"، حيث تم تفجير عبوة ناسفة، استهدفت كمين أمنى بجوار مسجد السلام، نتج عنه استشهاد 6 من رجال الشرطة، بينهم ضابطين وأمين شرطة من قوات الأمن و3 مجندين وأصيب آخرون، وأن خطورتها تكمن هذه المرة في استهداف مكان للعبادة بقصد إشعال الفتنة الطائفية، وهو يدل على وجود "قصور أمني كبير" إما أن يكون ناتجا عن اختراق للمنظومة الأمنية، أو إهمال كبير، أو غيرهما من الاحتمالات، \واستمرار هذه العمليات يدل على وجود أزمة حقيقية، وأن الوسائل المستخدمة في مواجهتها غير مجدية، وأن الفراغ السياسي الذي تشهده مصر يساعد في تفاقم الأزمة، ومن ثم فإن المطلوب هو منهج جديد لمواجهة هذه العمليات وسد ذلك الفراغ.

   كل وجهات النظر مقبولة ومعروفة، ولكن كما صرح الكاتب الصحفي والتليفزيزني الصادق إبراهيم عيسي مئات المرات، أن الدولة تحارب الإرهابيين وقد نجحت في ذلك مرات عديدة، ولكنها لا تحارب الإرهاب نفسه، ويبدو أن الدولة غير جادة في ذلك، لأن هناك فرق شاسع بين محاربة الإرهاب ومحاربة الإرهابيين. قد تقتل عشرات الإرهابيين يوميا فينشأ بدلا منهم مئات لأن الفكر موجود ومستمر ومتنامي. فبدلا من رش المبيدات علي الناموس من الأجدي ردم البركة التي يتوالد فيها الناموس.

   جميل ورائع ما قام به السيد الرئيس حيث أعلن الحداد علي شهداء البطرسية ثلاثة أيام علي مستوي الدولة كما قام بتعزية البابا تواضروس، كما شارك الرئيس، والبابا تواضروس الثانى، والمهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، والفريق أول صدقى صبحى وزير الدفاع والإنتاج الحربى، ومجموعة من كبار ورموز الدولة في مراسم الجنازة العسكرية الرسمية والشعبية من مقر النصب التذكاري بمدينة نصر حتي مثواهم الأخير بمقابر كنيسة الأنبا شنودة بالمقطم. وقد ألقي السيد الرئيس كلمة تأبين معزية ومؤثرة أعلن فيها إسم من قام بتفجير نفسه بحزام ناسف، وأعلن أنه قد تم القبض علي ثلاثة من المجرمين وسيدة وجاري البحث عن الباقين، مطالبا الشرطة والجيش بمزيد من اليقظة والجدية لإنهاء الإرهاب والقضاء عليه، وقال أوعوا تقولوا أن اللي حصل ده نتيجة تقضير أمني (رغم أن الشواهد تؤكد التقصير الواضح) لكننا نثمن ما قام به الرئيس ونقدم له الشكر والامتنان.


   نحن نثق في السيد الرئيس وفي أقواله، ولكن يحيرنا ما نشاهده من صمته التام لما يقوم به السلفيون الوهابيون وعلي رأسهم حزب النور من تجاوزات في حق شركاء الوطن وأول المؤيدين لثورة 30 يونيو. نقدر له ذهابه للكاتدرائية والتهنئة بعيد الميلاد، ويحيرنا صمته علي تكفير السلفيين لكل مسلم يهنئ المسيحيين بعيدهم أي أنهم يكفرون الرئيس نفسه. نقدر السيد الرئيس ونحترم كلامه المستمر بأن كل المصريين شعب واحد، ولكن يحيرنا صمته لما يحدث لأقباط مصر المسيحيين من تجاوزات في قري مصر خاصة محافظة المنيا، منها علي سبيل المثال لا الحصر، حرق الكنائس والممتلكات والمزارع وتهجير الأسر من قراهم وحبس أطفال ومدرّسة وشباب بتهة ازدراء الأديان، وحدث وصل لدرجة الانحطاط بتعرية سيدة وتجريسها في الطرقات. نقدر الرئيس ونحترم حديثه في كل احتفال بالمولد النبوي مطالبا الأزهريين ورجال الأوقاف بسرعة تجديد الخطاب الديني وتنقيته مما يؤجج الفتنة، ويحيرنا صمته عما هو موجود في كتب وزارة التربية والتعليم في كتب المطالعة للمرحلة الابتدائية تفسيرا لسورة الفاتحة أن المقصود بالمشركين هم المسيحيين وأن المقصود بالمغضوب عليهم هم اليهود. ومكتوب أيضا أن الدين الإسلامي هو دين الله الحق أما الأديان الأخرى فهي كفر ولا يقبلها الله، وما هو موجود بكتب الدين أشد وأنكي

   إذا كانت الدولة جادة في التخلص من الإرهاب فطريقه واضح أشار له المجددون أمثال المرحوم فرج فودة فكفّروه وقتلوه، وإسلام البحيري فاتهموه بازدراء الدين وسجنوه، وأشار إليه أيضا الشاعرة فاطمة ناعوت والدكتور سيد القمني والصحفي الجاد إبراهيم عيسي ونخشي عليهم من السجن أو القتل. التخلص من الإرهاب ليس حلا أمنيا فقط ولا بالراجعة والاستتابة، العلّة في كتب التراث المليئة بالخزعبلات والأحاديث المدسوسة وأعمال السابقون من قتل وتقطيع رؤوس والأطراف باسم الدين. الحل هوتنقية كتب التراث التي يستقطب الدواعش الشباب مستشهدين بها علي أنها من صحيح الدين. احذفوا كتب التكفير من المناهج الأزهرية التي تفرّخ الإرهاب مثل كتاب الإقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع وكتب ابن تيمية وابن القيم وسيد قطب وغيرها من الكتب التي تشجع الإرهاب.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع