الأقباط متحدون - أين الخيال الاجتماعى عند مجلس النواب؟!
  • ١٧:٥٧
  • الجمعة , ١٣ يناير ٢٠١٧
English version

أين الخيال الاجتماعى عند مجلس النواب؟!

مقالات مختارة | منى مكرم عبيد

٥٥: ٠١ م +02:00 EET

الجمعة ١٣ يناير ٢٠١٧

منى مكرم عبيد
منى مكرم عبيد

إعلان مجلس النواب عن إحياء مسار العائلة المقدسة تماشيا مع جريمة «البطرسية » يعنى أنه لا يُقدر التحديات التى يعانى منها المجتمع، ولا يستطيع اتخاذ قرارات مهمة لمعالجة الأزمات من جذورها، خاصة أن مجلس النواب الحالى جاء فى فترة زمنية مهمة، وألقى المجتمع بثقله على أعضائه، ولكن النتائج مخيبة للآمال.

هذا الأمر ذكَّرنى بما يفعله التليفزيون المصرى بكل ما يملكه من إمكانيات وأدوات وأرشيف ثرى، حيث يكتفى بإذاعة فيلم «العائلة المقدسة» مع كل مناسبة دينية مسيحية، وكأنه لا توجد فى مكتبته مادة يمكن بثها سوى هذا الفيلم.

ما سبق يكشف عن أن العقلية الحاكمة فى اتخاذ القرار ضعيفة ولا تتمتع بالخيال أو الإبداع، وليست لديها أدوات جديدة لمعالجة أمراض مزمنة انتشرت فى المجتمع، وخلقت وضعا صعبا، فى حين تقوم قنوات فضائية حديثة الإنشاء ببث أفلام قصيرة وفواصل عن تاريخ مصر والشخصيات التى لها بصمة فى المجتمع، وهو ما لاحظته بالصدفة مؤخرا من بث قناة «إكسترا» معلومات عن مكرم عبيد ودوره الوطنى والسياسى، وغيره من الشخصيات الوطنية، فلماذا لا يكون التليفزيون أكثر حنكة واحترافية فى التعامل مع مثل هذه المواقف؟

كنت أنتظر أن ينتفض مجلس النواب عقب جريمة «البطرسية» لتعزيز النصوص الدستورية والإسراع فى إنشاء مفوضية مستقلة للقضاء على كل أشكال التمييز وفقا لنص المادة 53، خاصة أن هناك مشروع قانون للمساواة ومنع التمييز تم إعداده من قِبَل لجنة الإصلاح التشريعى إبان حكومة إبراهيم محلب، ومع ذلك لم يَرَ النور حتى الآن، ولم يهتم مجلس النواب بأمر القانون ولا المفوضية.

لم ينتفض مجلس النواب للبحث عن تعديلات تشريعية لمكافحة الإشادة بالجرائم الإرهابية، خاصة أن هذه الأمور تدخل فى نطاق الحض على الكراهية، ونجحت المغرب فى مواجهتها، بموجب القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب، خاصة الفصل 218/2 بحظر الإشادة بالجرائم الإرهابية، والحبس من سنتين إلى ست سنوات، وغرامة 10 آلاف حتى 20 ألف درهم لكل مَن أشاد بأفعال جريمة إرهابية، وتم التأكيد على ذلك بعد حادثة اغتيال السفير الروسى فى أنقرة.

أقول ذلك فى ظل ما نعانيه من عبث على مواقع التواصل الاجتماعى، التى تلعب دورا مهما فى التأثير على الرأى العام، وأصبحت أرصد قيام صحف ومواقع إلكترونية تستغل هذا الفضاء الواسع لبث شائعات ومعلومات من شأنها تغيير المزاج العام للمجتمع نحو قضايا معينة، والإشادة بجرائم إرهابية تعبيرا عن الرفض للحكومة الحالية، والخلط بين نقد سياسات الحكومة الخاطئة والإشادة بأفعال إرهابية، وما لم يتم اتخاذ خطوات جادة تتمثل فى تدفق المعلومات بشفافية وتفعيل استخدام السوشيال ميديا فسيظل المجتمع أسيرا للشائعات والمعلومات المضللة واستمرار الحض على الكراهية وتعزيز النعرات الطائفية.

هناك عشرات القوانين التى كان على مجلس النواب أن ينتفض من أجلها إذا كانت هناك نية جدية لعلاج المشكلات من جذورها، يضاف إلى ذلك عجزه عن التخفيف من أعباء المواطنين بعد الارتفاع الجنونى للأسعار. وأيضا هل فكر المجلس الموقر: ماذا فعلت العائلة المقدسة فى مصر لمدة ثلاث سنوات، وهل تم تكليف جهات بحثية أو أثرية لرصد هذا المشروع، وهل تمت دراسة العائد الاقتصادى الكبير الذى سيعود علينا نتيجة ذلك؟! بالطبع لا، فكل الأمور تُدار بعشوائية وسطحية، ثم نُفاجأ باستمرار الأزمات وعدم القدرة على مواجهتها فى ظل العقلية الضيقة والأساليب العقيمة!

* برلمانية سابقة وأستاذ العلوم السياسية
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع