ترامب والإسلام

"سوف نبني تحالفات جديدة وسنحيي أخرى قديمة، و سوف نقضي على الإرهاب الإسلامي". هذه الفقرة من خطاب الرئيس ترامب هي من سيعكف عليها كل العرب من صناع قرار وإعلام، و لو قال الرئيس ترامب في خطاب التنصيب "سوف أقضي على كل التنظيمات الإرهابية ذات الشعارات الإسلامية من داعش إلى حزب الله" لكان يوم عيد قراء السياسة العرب.

يبقى أن نكون صادقين مع أنفسنا ولو لمرة واحدة. فنحن من صنف حزب الله وكل مشتقاته بالإضافة لداعش والقاعدة والإخوان تنظيمات إرهابية في حين أن كل هؤلاء ممثلون في مؤسساتنا السياسية والثقافية في أغلب دولنا العربية بل وحتى في بعض دولنا الخليجية .

فقبل توجيه اللوم للرئيس ترامب أو سواه من القيادات السياسية الدولية حول موقفها من تعريفاتنا للإرهاب فكراً وثقافة علينا الانطلاق فوراً في محاربة تلك الثقافة بكل اشكالها وأدواتها في مجتمعاتنا اولاً.

فالإنكار وَحده لن يكفي، بل لنباشر فورا في إغلاق كل القنوات الفضائية التي تمثل تلك الثقافة ومقاضاة داعميها ومموليها بما في ذلك شركات المنصات الفضائية التي تقدم خدمات البث الفضائي لها.

مشكلتنا ليست مع الرئيس ترامب أو في إقران مفردة "الإسلامي" بالإرهاب بل معنا، وكلنا يتذكر تردد الأزهر في تكفير المنتسبين لتنظيم داعش.

للأسف، ماذا كنا كلنا نقول قبل تكرم وزارة الخارجية الأميركية اعتمادها رسميا مصطلح "داعش" بدل "الدولة الإسلامية في العراق و الشام ISIL " في حين أن داعش هو الاسم المختصر ليس إلا؟.

فالقاعدة أو داعش بالإضافة لحزب الله بكل مشتقاته يرفع شعارات إسلامية، وكلها مجتمعة لها قواعد جماهيرية وحضور اجتماعي وسياسي.

ومهما قلنا في ذلك إلا أنها كلها جزء من حاضر ثقافتنا. فمنفذي التفجيرات والاغتيالات في دولنا غالبيتهم منا، بل ويصلون معنا في المساجد والحسينيات.

يجب ألا نخشى على الإسلام لأن الله جل وعلا هو الحافظ له كما جاء في التنزيل الكريم، وإن الشعار الفزاعة: "الإسلام هو المستهدف" هو من نتاج تلك الثقافة التي اختزلتنا قروناً حتى بتنا خارج إطار الثقافة الإنسانية.

ليس الإسلام هو المستهدف كما سيصور ذلك في الكثير من المقالات والقراءات منذ صباح السبت 21 يناير الجاري بل هو في حقيقة الأمر تلك الثقافة وأدواتها السياسية والثقافية بالإضافة للمالية حول العالم، ويجب أن ندعم ذلك الجهد واشتراط رفع الغطاء السياسي عن كل تلك المؤسسات الظاهر منها والمستتر في عموم دول أوروبا والولايات المتحدة.

فكيف للولايات المتحدة أن تصنف منظمة مثل النصرة إرهابية وهي تعرف تحديدا الدولتين الداعمتين لها في سوريا وليبيا، بل إن إحداهما عضوا في حلف الناتو والأخرى أقرب للولايات المتحدة عسكريا من حبل الوريد؟

إشكالية القراءات السياسية في عالمنا العربي والإسلامي للإسلام السياسي هي أنها مذهبية لا موضوعية في حين أن هذا الرئيس الجديد يرفض أن يبني سياسته الخارجية على أنقاض سلفه في تصنيفها سنية وشيعية. لذلك هو لم يتطرق لتبرئة إسلام دون آخر، أو أن يتطفل عليه مدعياً معرفته بماهية الإسلام و قيمه.

ترامب إنسان عملي، و جنرالات ترامب براغماتيون، لذلك علينا الإعداد لبناء علاقات حقيقتها الندية في علاقاتنا مع الولايات المتحدة في عهده لا غير ذلك.

أما أن نقرأ سياساته من خلال ترجماتنا لكلمة التنصيب، فإننا بذلك سنفقد أكثر من المفقود في الترجمة إن عجزنا عن التفكير بلغات أخرى وبأبعادِ ثلاثية دائماً.
نقلا عن سكاى نيوز