الأقباط متحدون - المترو يفضح أمراضنا الاجتماعية
  • ٢١:١٧
  • الخميس , ٢٦ يناير ٢٠١٧
English version

"المترو" يفضح أمراضنا الاجتماعية

مقالات مختارة | بقلم:نعيم يوسف

٢٤: ١١ ص +02:00 EET

الخميس ٢٦ يناير ٢٠١٧

نعيم يوسف
نعيم يوسف

 إذا كنت من رواد المواصلات العامة في مصر، خصوصًا القاهرة الكبرى، ودققت في سلوكيات وتصرفات ركابها، ستجد جميع الأمراض المجتمعية متجسدة في هذا المجتمع المصغر من مجتمعنا الكبير.

ستجد ثقافة الفساد والسرقة والاستغلال متجسدة بكل وضوح، في نسبة لا بأس بها من المواطنين العاديين. قد تعتقد لأول وهلة عند الحديث عن الفساد، أنه مرتبط بموظفي الحكومة فقط، إلا أنك عندما تنتظر قليلا ستلاحظ أنها ثقافة (شبه) سائدة بين عمال وموظفين، قطاع خاص وأصحاب أعمال حرة، وغيرهم، وما أن يجد هؤلاء ماكينة تذاكر لا تعمل، ولا يقف عليها أحد العاملين بالمترو، يذهبون جميعا إليها للدخول دون تذكرة.

ليس هذا فحسب، بل حكى لي أحد الأشخاص، أنه يركب المترو مرتين بنفس التذكرة، حيث يدخل من ماكينة تعمل في اليوم الأول، ثم يخرج من المحطة التي سينزل منها من ماكينة لا تعمل، وفي اليوم التالي يركب من ماكينة لا تعمل، ويقف عليها أحد الموظفين فيقوم بقطع التذكرة (كعلامة عليها)، وأيضا يخرج من ماكينة لا تعمل!
 
أما عن ثقافة الطائفية.. فحدّث ولا حرج، حيث ستجد أنها ضربت عقول غالبية المصريين، فالمنقبة لا تقوم من مكانها، إلا لسيدة عجوز منقبة، إضافة إلى ما تتعرض له البنات والسيدات غير المحجبات من مضايقات، والأغرب أن هذه المضايقات تأتي من سيدات مثلهن.. وبالطبع أثّرت ثقافة العزل المجتمعي على الأقباط، الذين أصبحوا يساندون بعضهم البعض ضد هذه الثقافة، لكن بثقافة مثلها!
 
ما أن يركب المترو مجموعة من السود، من إخواننا وأخواتنا الأفارقة، حتى تجد "العنصرية" التي تشعبت داخلنا كالشعب الهوائية حتى أصابت كل أنفاسنا، ظهرت بوضوح، فينظر إليهم الشباب باحتقار وسخرية لاذعة من لون بشرتهم، وطريقة تصفيف شعرهم، وملابسهم... إلخ، كأن الله لم يخلق بشرا غير المصريين!
 
ثقافة العنصرية ستسمعها كل يوم من شخص مختلف، كأنهم اتفقوا على أن يقول كل واحد منهم، نفس الجملة عندما تركب السيدات في العربات العادية (المخصصة للنساء والرجال معا)، لكن في يوم مختلف، حيث ستسمع باستمرار: "بيجوا هنا علشان يحرجونا ونقوم لهم".. "هما مش ليهم عربيات لوحدهم؟ إيه اللي بيجيبهم يقرفونا هنا". كأنه ليس من حق السيدات أن يركبن المترو إلا في عربات السيدات، ويتناسى الجميع الملصقات المعلقة على حوائط هذه العربات العامة، بأن الكراسي مخصصة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والحوامل... فمن هن الحوامل؟ هل سيكون الرجال؟
 
هناك أيضًا ثقافة "المجاملات المزيفة"، فمثلًا يكون هناك شاب يجلس طوال الطريق على كرسي، وهناك رجل أو سيدة أو فتاة تقف طوال الطريق، ولا يقوم من مقعده لكي يجلسها بدلًا منه، لكن عندما يصل إلى محطته، يدعو هذه الشخصية بالذات للجلوس، رغم وجود أشخاص آخرين يقفون أمامه، كأنه "بيعمل جميل"، رغم أنه لم يقم إلا عندما انتهت مصلحته الشخصية، إضافة إلى أنه "بيجامل" على حساب غيره، وهو الشخص الذي يجب أن يجلس بدلًا منه.
ليس هذا فحسب، بل أيضا هناك العديد من الأمراض الاجتماعية، التي تنعكس في هذا المجتمع المصغر، وتحتاج إلى نظرة من علماء الاجتماع، ليعطوننا "روشتة" لما أصبحنا نعانيه في الفترة الأخيرة.
نقلا عن الطريق
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع