الأقباط متحدون - أُقبِّلُ قلبَك.. رسالة شريهان
  • ٢١:٠٢
  • الجمعة , ٢٧ يناير ٢٠١٧
English version

أُقبِّلُ قلبَك.. رسالة شريهان

مقالات مختارة | فاطمة ناعوت

٢٨: ٠٨ م +02:00 EET

الجمعة ٢٧ يناير ٢٠١٧

فاطمة ناعوت
فاطمة ناعوت

قدّمتْ لنا الحياةُ طفلةً جميلةً اسمُها: «شريهان». سوف تكبرُ مع الأيام وتغدو إنسانًا جميلاً، ساحرةً آسرةً تملأ الدنيا حياةً وفرحًا، لكلّ مَن حولها، وتمنحُ رحمةً ودفئًا لكل مَن أسعدَه زمانُه بمعرفتها. وقدّم لنا الحُسنُ: صبيةً شهيةً حسناءَ الوجه مصريةَ الملامح حوراءَ العينين جميلة القدِّ عذبةَ الصوت ذكيةَ الطلّة مثقّفةَ القسمات اسمُها: «شريهان». وقدّم لنا التحضُّرُ وأهدتنا الإنسانيةُ سيدةً حلوةَ الروح، لطيفةَ الإيماء، راقيةَ السماتِ اسمُها: «شريهان»، تحفرُ بأظافرِها كُوّةً فى صخرة القسوة؛ لتُطلّ من خلالها على الفقراء والمعوزين فتمنحهم قطعَ الحلوى وتُلقى عليهم قطوفَ التمر وكثيرًا من الحبّ. وأهدانا الباليه: باليرينا غيداءَ راقصةً اسمُها: «شريهان»، تُدوِّخُ الدنيا إذا مالت بغُصنِها، وتُربِكُ المداراتِ إن انثنتْ أعطافُها، وتُدهِشُ الفراشاتِ إن وثبت فوق بساط النسيم، وتكسِفُ الزهورَ على سيقانِها إذا أورقت بسمتُها ورودًا، وتخسِفُ، إن أشرقت ملاحتُها، النجومَ عند زوايا السماء. ومنحتنا أرضُ طِيبةَ مصر فتاةً مصريةً وطنيةً ثوريةً جادّة اسمُها: «شريهان»، تنتفضُ لبلادها إذا مَسَّها ضُرٌّ، وتذود عن أحلام شعبِها إن سرقها لصوصُ الأحلام. وقدّم لنا فنُّ المسرح والسينما والتليفزيون: موهبةً استثنائية فائقة اسمُها: «شريهان»، خطفت قلوبَ أجيال تكبُرُها وأجيال تصغرُها، فلم تترك طفلًا ولا كهلًا ولا رجلًا ولا امرأةً ولا مصريًّا ولا عربيًّا دون أن يحصد قلبَه هواها، ودون أن تختلس بفرادتِها إعجابَه وعشقَه كما خلسة المختلِس.

كلُّ ما سبق تعرفونه حقَّ المعرفة عن تلك البهيّة التى عادت إلى عيوننا بعدما غابت عنّا خمسةَ عشر عامًا، مرّت علينا كأنها الدهرُ المقيمُ، فحزنت قلوبُنا لفراقها، لكنّنا من فورِنا سامحنا غيابَها الطويل حين قرّرت الفراشةُ الجميلةُ تمزيقَ شرنقتها الاختيارية والخروجَ إلينا من جديد، جميلةً كما عهدناها، بهيةًَ كما يليقُ بها وبنا، مشرقةً صبيّةً كما ألِفتها عيونُنا، شقيةً مشاكسةً صبيةً كأنما لم تغِب عنّا إلا ساعةً. تعرفونها: فنانةً، لكننى أقدّمها لكم اليومَ: «شاعرةً». شريهانُ الشاعرةُ التى تخطُّ بقلمها سطورًا أدبيةً رفيعة الطراز، وترسم بخيالها صورًا شعرية وضّاءةَ الأركان، كأنما لم تعرف فى حياتها إلا الأدبَ والإبداعَ والشعرَ والرسمَ بالكلمات.

إليكم ما خطّه قلمُ تلك الشاعرة الجميلة شريهان على صفحتى بـ«تويتر»، وما حفرته بكلماتها على صفحة قلبى ردًّا على مقالى عنها بـ«المصرى اليوم» شريهان قطعةُ البهجة والعذوبة. كتبت شريهان تقول: «قرأتُ مقالك عشرات المرات، وفى كل مرة أسرحُ ساعاتٍ مع نفسى وأقول لها: بأىّ كلمات ومعانٍ يمكن لى أن أشكر هذا القلبَ وذاك القلم وتلك الإنسانة وهذا الإحساس الظاهر العجيب! بأىّ كلمات يمكن لى أن أشكر خلقك الطيب وأخلاقك الكريمة التى ينبض بها قلبُك الإنسان!! إحساسُك بالبشر إنسانٌ. قلمُك البديع إنسانٌ. معانى كلماتك التى لا يملك مفرداتِها ولا طعمَها ولا رائحتَها إلا نفسُكِ الجميلة وصدق ودعم ورقّةُ مقالك، تشقُّ الصدرَ وتُبيّضُ القلب. أنا فى منتهى الحبّ والإبداع والسعادة. فى منتهى الانحناء والامتنان والشرف من جميعكم. أقلامٌ عظيمة وكبارُ الإعلاميين ومبدعو قلبى فى أسرتى وبيتى الفنى، ويُتوّج هذه الملحمة وهذا الحب العظيم: الجمهورُ الكريم. أىّ كلمة ستظلُّ صغيرة وقليلة فى حق فاطمة ناعوت. مكانتُكِ فى نفسى أكبر من كبيرة، ولا يمكن أن يصِفها قلمٌ أو كلمات. بإذن الله أكون دائمًا عند حسن حبّك ومكانتى فى قلبك. أُقبِّل قلبك وقلمَك وجبينك. شريهان».

انتهت رسالةُ شريهان لى، بصوغها الأدبى الرصين، وعمق دلالاتها، وحسن تراكبيها البلاغية، ولم ينته إعجابى بها صاحبةَ قلم، عطفًا على إعجابى بها إنسانًا وفنانة وأصيلةً صاحبةَ موقف محترم.

تلك هى شريهان، التى كتبتُ فيها قصيدة: «الخلاسية». هى الخلاسية التى جمعت الحُسن من أطرافه، لا من طرفيه، وجمعت فى شخصِها ما عزّ عن الاجتماع؛ فاختلست قلوبَنا خلسة المختلسة. هى الخلاسيةُ التى جمعت بين إشراقة ضوء القمر وسُمرة طمى طِيبة العريقة، التى مزجت الرقّة والعذوبة بقوة الصخر وبأس الفلولاذ وصلابة الألماس.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع