الأقباط متحدون - فلترحل جامعة القاهرة إلى العاصمة الجديدة!
  • ٢٢:٤٩
  • الاثنين , ٣٠ يناير ٢٠١٧
English version

فلترحل جامعة القاهرة إلى العاصمة الجديدة!

مقالات مختارة | حمدي رزق

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الاثنين ٣٠ يناير ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

بخيال حجزت الجامعة الأمريكية لنفسها موقعاً متميزاً بالقاهرة الجديدة، وأخلت مبناها التاريخى فى ميدان التحرير إلا من الأعمال الإدارية والدراسات العليا وتأجير قاعاتها الشهيرة للندوات والحفلات والاستقبالات.

الخيال يقيناً لا ينقص جامعة القاهرة، وعليه فليبادر الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، وبخيال لا ينقصه، بالعكس عنده فائض من خيال، وليحجز لجامعة القاهرة موقعاً متميزاً فى العاصمة الإدارية الجديدة، ويضع حجر الأساس لحى الجامعات فى عاصمة مصر الحديثة.

يقيناً مبادرة مثل هذه ستغرى رؤساء الجامعات الشقيقة مثل عين شمس وحلوان إلى الخروج من ضيق القاهرة إلى براح العاصمة الجديدة لتأسيس حى الجامعات، الذى سيكون درة هذه العاصمة الإدارية الحديثة، وعلى هذا الطريق ستذهب جامعات أخرى تعانى ضيقاً، ويؤسس الحى الجديد على أحدث الطرز المعمارية التى درجت عليها الجامعات العالمية.

الجامعات التى حُرمت طويلاً من المعامل والملاعب والمسارح وقاعات الفنون بفعل الازدحام، وزيادة أعداد الطلاب عن القدرة الاستيعابية للطاقات القديمة التى تأسست عليها قاعات الدرس والمحاضرات، آن لها أن تتحرر من زحمة المكان، وأمراض الزحام.

اخرجوا منها إلى البراح، انطلقوا لإطلاق طاقات الطلاب، ارحلوا كما ارتحلت الجامعة الأمريكية والجامعة البريطانية والجامعة الفرنسية، إلى متى تظلون فى هذه العلب السردينية المعلبة، وترصون الطلاب رصاً فى المدرجات، بعض المحاضرات يتلقاها الطلاب وقوفاً من فرط الزحام.

ولتحتفظ كل جامعة بمبناها التاريخى لأغراض البحث العلمى والدراسات العليا والأعمال الإدارية والاحتفالات الرسمية، لا أحد يطلب هدماً لهذه الصروح، بل تبقى شاهدا على التاريخ، الهدف تفريغ زحام القاهرة من الطلاب، وفى الحى الجامعى- إذا تأسس- متسع، فلنُعمل بعضاً من الخيال، ولتستثمر جامعة القاهرة فوائضها المالية التى تحققت بفعل إدارتها الرشيدة فى حجز مكان للمستقبل.

الخروج من قلب القاهرة المخنوق يحتاج إلى سعة خيال، ومن فكر فى إنشاء العاصمة الإدارية لم يكن يبحث عن مجد شخصى يرسمه على الرمال، العاصمة الإدارية حل مستقبلى للعاصمة القديمة التى تعانى انسدادا مستعصيا فى شرايينها المرورية، وإحدى أخطر الجلطات المرورية هو العام الجامعى، ملايين تهبط على الشوارع يومياً تزيد من حدة الزحام، وتزاحم على مكان فى المواصلات، القاهرة صيفاً غير القاهرة شتاءً.

العاصمة الجديدة على مرمى حجر ليست فى المريخ، والوصول إليها ربما أقرب من الوصول إلى بعض ضواحى القاهرة، وربما أقل فى الوقت والجهد، أقله أقل تلوثاً، وهناك متسع لإنشاء مدن طلابية حديثة مزودة بكل ما يتطلبه طلابها من أنشطة وألعاب، وليسأل كل رئيس جامعة مجلس جامعته كيف سيكون عليه الحال بعد عشر سنوات، كيف سنستقبل الأعداد الهائلة المتوقعة من الطلاب، من أين لهم المدرجات والقاعات والملاعب والسكن؟.. سؤال يُحيلك مباشرة إلى إعمال الخيال.

الجامعات التى تسكن القاهرة ولا تريد أن تغادرها تخسر كثيراً، وإذا كان تخصيص الأرض اليوم بتراب الفلوس، غداً سيتحول التراب إلى ذهب، وإذا تلكأت الجامعات فى الرحيل، فلابد من قرار سيادى أولاً يخصص حياً للجامعات، لكل جامعة موقع، ويرسم طرازاً معمارياً للبنايات الحديثة، ويضع جدولاً زمنياً ترحل معه الجامعات إلى العاصمة الجديدة، مع احتفاظها بالمبانى التاريخية التى تسجل كآثار، أو مبانٍ ذات طابع أثرى.

رحيل الجامعات ليس ترفاً أو رفاهية أو فرضاً مفروضاً، هى فكرة، ربما نراها ضرورة تفرضها تحديات السنوات المقبلة، وأخشى أن يحسبها البعض خيالاً حالماً أو سرحاً فى غيط البطيخ، أو بإيعاز سياسى، أو لإنجاح المشروع المختلف عليه، ولكنها فكرة من خيال يرى الجامعة الأمريكية تربح المستقبل ونحن ندمن الخسارة، لأننا لا نُعمل الخيال وننظر دائماً تحت أقدامنا فى لجة الزحام.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع