بقلم / نادر شكري
سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى ، لاشك انك تشعر بخطر التطرف الديني ولذا تحدثت كثيرا عن تجديد الخطاب الديني فى مناسبات كثيرة ، وان كان الخطوات على الأرض ضئيلة ، ولكن نحن أيضا نشعر بهذا الخطر على كيان الجماعة الوطنية وجدران المواطنة الذي تسعى لتقويته ، وان زيارتك المتعددة للكاتدرائية المرقسية لتهنئة الأقباط خطوة نحو ترسيخ سلوك وثقافة جديدة نحو الأخر ضد دعوات التكفير والتحريم وهى خطوة أثلجت قلوب الأقباط فى ارض جديدة لزرع المواطنة التي قتلت خلال العصور الماضية وجفت أرضها عطشا.
ولكن سيادة الرئيس ن تغير الفكر والثقافة سيأخذ وقتا طويلا لإزالة 60 عاما من غرس التطرف ورفض الأخر من خلال التعليم وسيطرة المتشددين على منابر المساجد ، وعلى أفكار البسطاء بعد أن غاب دور الدولة وحلت التيارات السلفية وأعوانه بديلا لها ، ومع غياب تطبيق القانون نحو سياسات التمييز الديني فبات علينا بذل جهد مضاعف لتغير ذلك والذي لن يتحقق سوى باتخاذ إجراءات وسياسات فعلية على الأرض وليس فقط ، بالخطابات والنوايا الحسنة ، فالثقافة لن تتغير إلا بتطبيق القانون الذي يعزز المواطنة وأولى هذه الحقوق وهى ابسطها أن يحق للإنسان أن يمارس شعائره دون قيد .
سيادة الرئيس رغم صدور قانون بناء الكنائس فى سبتمبر الماضي 2016 ، إلا انه حتى ألان لم يجد طريقه على ارض الواقع حتى ورغم تشكيل اللجنة الوزارية لتقنين الكنائس بعد اربعة شهور من القانون الا ان تشكيلها يثير علامات الريبة حول كم المؤسسات التى وضعت لتشارك فى عملية التقنين فى مشهد دفع لبعض التساؤل حول وجود جهات امنية وعسكرية من اجل تقنين كنيسة تمارس فيها الشعائر منذ سنوات وما الموقف اذا تم رفض تقنين احدهم.
ثانيا سيادة الرئيس وهو الأمر الأخطر ولم يتطرق القانون له وهى الكنائس المغلقة منذ سنوات لدواعي أمنية ، وحتى ألان لم تفتح رغم تغير الأوضاع والظروف التي أغلقت من اجله ، وهى أمور تحتاج لقرار سياسي لدعم المواطنة وسبق وان قدمنا حملة إعلامية من خلال المبادرة المصرية للحقوق لشخصية عن هذه الكنائس مثل كنيسة الملاك بقرية الاقالته بالأقصر وكنيسة مارجرجس بقرية الغنائم بأسيوط وكنيسة العذراء بقرية الرياضية بالأقصر وكنيسة قرية الإسماعيلية بالمنيا وكنيسة قرية كوم اللوفى سمالوط وغيرها من عشرات الكنائس وكان أخرها غلق كنيسة قرية النغاميش مركز دار السلام بسوهاج بعد الاعتداء على الأقباط ورغم إفلات الجناة من العقاب والإفراج عنه إلا أن المتشددين رفضوا كافة المساعي لإقناعهم بفتح المبنى لصلاة الأقباط ولاسيما فى عيد الميلاد الذي اضطر أقباط القرية قطع مسافات فى طقس بارد لحضور صلاة العيد فى قرى مجاورة وتحملوا عناء الطقس وتعب العجائز والأطفال من اجل الصلاة.
سيادة الرئيس قرية النغاميش نموذج لقرى كثيرة تعانى هذه الأزمة وهم يصرخون دائما فى رسائل لسيادتكم عبر الإعلام يستغيثون من ضعف القانون وهم يطالبون " من حقي أصلى " وهى ابسط الحقوق فى ارض المواطنة ، وهى أولى الخطوات لتحقيق رغبتكم فى تجديد الخطاب الديني وتحقيق دولة القانون بترسيخ سياسة جديدة مثل التي رسختها فى زيارة الكاتدرائية أن تفتح المباني المغلقة وان تصل رسالة للمتشددين أو الرافضين أن الأقباط وهم مواطنون مصريون لهم الحق فى الصلاة كما قلتها فى الزيارة الأخيرة " أن أقف فى بيت من بيوت الله " ، ولذا ما يحدث من تفاوض مع الرافضين بقرية النغاميش أو قرية كوم اللوفى سمالوط بالمنيا هو أمر يخرج عن إطار تطبيق القانون أن تعقد 6 جلسات على مدار شهرين أو أكثر لإقناعهم بحق الأقباط فى الصلاة ، وهم يضعون أرجلهم فوق القانون رافضين ويرددون كلمات " انه لا يجوز أقامة كنيسة فى ارض الإسلام " وهذا عكس ما تسعى فخامتكم فى ترسيخه فالقانون هو الطريق الأمثل لتحقيق حلمكم بوطن لكل المصريين وغلق الطريق أمام من يسعى لكسر الوطن تحت لواء الطائفية واستغلال الرابحين من وراء معركة المواطنة والتشكيك فى النوايا الحسنة لإصلاح ما خربة الماضي باللعب بورقة الدين .
سيادة الرئيس انك تدرك جيدا خطورة هذه الورقة التي تحدثت عنها كثيرا فى كل مناسبات ، ونحن نتفق معك أنها الورقة التي يريد لبعض إشعالها ولكن ليس بالنوايا الحسنة فقط تبنى المواطنة ولكن نريد نقل هذه النوايا الى كافة الأجهزة الرسمية التي تقف عاجزة عن مساعدة سيادتكم فى روي ثمرة المواطنة بمياه القانون حتى تثمر ويرى الجميع شجرتها تظلل وترفرف على ارض الوطن ، فالأرض تنتظر أن تطلق سيادتكم إشارة لتفجير الجسور المغلقة لمرور المياه لإحياء شجرة المواطنة ..فالصلاة حق انسانى منعه جريمة لا تتفق مع مبادىء المواثيق الدولية ...!