الأقباط متحدون | المحكمة المتهمة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٠:١٧ | السبت ٥ فبراير ٢٠١١ | ٢٨ طوبة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٩٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

المحكمة المتهمة

السبت ٥ فبراير ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: محمد أبوزيد الطماوي
من قبل الميلاد وميراث الظلم في الحكم سائرٌ في البلاد، ويبدو أن الظلم لم يكن كافيًا؛ فصب عليه قطرات من العذاب بألوانه البراقة اللامعة، وأنضج عليه حبات من الذل والخضوع الناصعة، وقام بعد ذلك بتسويته في مشعل بحطب لا وقودَ له، وانفخ الكيرَ به؛ ليُعلي رائحة الفساد، واسُكبه في إناء بعد ذلك؛ ليصبح صالحًا للمذاق والشراب... هكذا كانت تونس وأخواتها في رحلة المُرِّ شديد الأجاج.

جميلٌ أن ترى أقوامًا تجمعوا ليصنعوا المعنى الحقيقي للاتحاد؛ ليجعلوا منه رجلاً ذا قلب يشبه الأسد الثائر، مؤثرًا في قضيته التي كان من الأساس هو الحاكم بها، التي وقف فيها مخذولاً مُتهَمًا لعشرات السنين في محكمة قاضيها هو – نفسه -ممثل الدفاع عن خصوم المتهم. حقًا سيكون الحكمُ – وقتها - عادلاً منصفاً!! ولكن حينما تقلب الدنيا رأسًا على عقب، ويوضع القاضي رأس الأفعى متهمًا، فإن ذلك نصرٌ مبينٌ وفتح عظيم لوجه العدالة؛ سيذكره التاريخ في بردياته وأوراقه وكتبه في مختلف العصور والزمان.

نعم، كان لابد للعدل - يومًا ما - أن يرفع رايته التي أحرقت قلوب الكثير، ولكن بما أحرقتهم، أحرقتهم بماء نار ملتهب جليل، قيل عنه أنه جاز يرضع منه فتيل عويل، إنها - إذن - دعوة لنصر العدل الراقد تحت حذاء ممثليه، دعوة للاحتراق لسن قانون يقتل الفقراء، دعوة لحجب الظلم عن الأغنياء، ولكن أي دعوة تقبلها عدالة المحكمة؟ دعوة لحضور مأتم وأحزان لنوح على جسد عاش كالحيوان، أم دعوة لإحياء ذكرى بقايا ما تسمَّى بالإنسان؟ أجيبيني يا عدالة المحكمة؛ فإن الحزن يملأ عيناي من شدة البكاء على رضيع يلقى تحت قضبان حديد! أجيبيني على صراخ عجوز كهل ينام بلا مأكل ولا مأوى! أجيبيني على أب يسرق ليطعم أبنائه! أجيبيني على شاب منتحر فاض الكيلُ به من طول الآمال وكثرة الوعود بحلم الوظيفة والعائد المردود! أجيبيني على حقي المسلوب فى أن أعيش بأمن وكرامة لا بذل ومهانة!

عدالة المحكمة أن القضية التى عجزت أيديكم على حلّها الآن - قد انتهى بها المطاف حتي حفظت فى أرشيف الورق المعدوم؛ لذلك لجأ الكثير لقتل النفس عمدًا رافعين دعوة التغيير ظنًا منهم أن ذلك يحل قضاياهم، وأنهم - حقًا - كتلة بلهاء من الفشل متجمعة من كثرة المعاناة التي عاشوها؛ ولذلك كان الاحتراق هو سبيل النجاة الذي راود فكرهم، وهذا يدل أن هناك قضية منسية هي انحدار الوعي الفكري.

إنني أطالب عدالة المحكمة بكشف النقاب الذي بيننا وبينها؛ لتنظر لنا بعين الحق لا بعين الشفقة. أطالبها بأن لا تزيد في تجاهلها لمطالبنا حتي لا تقوم ثورة 19 مرة أخرى، وكأن التاريخ يعيد أمجاده من البطش.

وأخيرًا، اعلم - عزيزي القارئ - أنني لم أقم بدعوة التغيير أو ما شابهه، ولكن ما أريده هو النصر للعدل بأي طريقة كانت.

• أليس هذا حقنا فى الدستور المنصوص في كتاب مرصوص محفوظ مدروس؟!




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :